للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَعَسِرَ اجْتِمَاعُهُمْ بِمَكَانٍ وَاحِدٍ

ــ

[حاشية الجمل]

وَرَسُولَهُ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى فَرَضَ خَمْسَ صَلَوَاتٍ وَأَنْتُمْ تُصَلُّونَ سِتًّا بِإِعَادَتِكُمْ الْجُمُعَةَ ظُهْرًا فَمَاذَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ فَأَجَابَ بِأَنَّ هَذَا الرَّجُلَ كَاذِبٌ فَاجِرٌ جَاهِلٌ فَإِنْ اعْتَقَدَ فِي الشَّافِعِيَّةِ أَنَّهُمْ يُوجِبُونَ سِتَّ صَلَوَاتٍ بِأَصْلِ الشَّرْعِ كَفَرَ وَأُجْرِيَ عَلَيْهِ أَحْكَامُ الْمُرْتَدِّينَ وَإِلَّا اسْتَحَقَّ التَّعْزِيرَ اللَّائِقَ بِحَالَةِ الرَّادِعِ لَهُ وَلِأَمْثَالِهِ عَنْ ارْتِكَابِ مِثْلِ قَبِيحِ أَحْوَالِهِ وَنَحْنُ لَا نَقُولُ بِوُجُوبِ سِتِّ صَلَوَاتٍ بِأَصْلِ الشَّرْعِ، وَإِنَّمَا تَجِبُ إعَادَةُ الظُّهْرِ إذْ لَمْ نَعْلَمْ تَقَدُّمَ جُمُعَةٍ صَحِيحَةٍ إذْ الشَّرْطُ عِنْدَنَا أَنْ لَا تَتَعَدَّدَ فِي الْبَلَدِ إلَّا بِحَسَبِ الْحَاجَةِ، وَمَعْلُومٌ لِكُلِّ أَحَدٍ أَنَّ هُنَاكَ فَوْقَ الْحَاجَةِ وَحِينَئِذٍ مَنْ لَمْ يَعْلَمْ وُقُوعَ جُمُعَتِهِ مِنْ الْعَدَدِ الْمُعْتَبَرِ وَجَبَتْ عَلَيْهِ الظُّهْرُ وَصَارَ كَأَنَّهُ لَمْ يُصَلِّ جُمُعَةً وَمَا انْتَقَدَ أَحَدٌ عَلَى أَحَدٍ مِنْ الْأَئِمَّةِ إلَّا مَقَتَهُ اللَّهُ تَعَالَى - رِضْوَانُ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ - اهـ. وَقَالَ حَجّ بَعْدُ مِثْلَ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ، فَإِنْ قُلْت فَكَيْفَ مَعَ هَذَا الشَّكِّ يُحْرِمُ أَوَّلًا وَهُوَ مُتَرَدِّدٌ فِي الْبُطْلَانِ قُلْت لَا نَظَرَ لِهَذَا التَّرَدُّدِ لِاحْتِمَالِ أَنْ تَظْهَرَ أَنَّهَا مِنْ السَّابِقَاتِ الْمُحْتَاجِ إلَيْهِنَّ فَصَحَّتْ لِذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ مُقَارَنَةِ الْمُبْطِلِ ثُمَّ إنْ لَمْ يَظْهَرْ شَيْءٌ لَمْ تَلْزَمْ الْإِعَادَةُ اهـ. ع ش عَلَيْهِ.

(فَرْعٌ) لَوْ كَانَ فِي الْبَلَدِ خُطْبَتَانِ يُحْتَاجُ إلَيْهِمَا ثُمَّ أَرَادَ شَخْصٌ إحْدَاثَ خُطْبَةٍ ثَالِثَةٍ فَهَلْ يُمْتَنَعُ عَلَيْهِ ذَلِكَ أَمْ لَا فِيهِ نَظَرٌ وَالظَّاهِرُ الثَّانِي؛ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ إنْشَائِهَا وُقُوعُ خَلَلٍ فِيهَا لِجَوَازِ أَنْ تَكُونَ هِيَ السَّابِقَةَ عَلَى غَيْرِهَا وَمِنْ الْجَائِزِ أَنْ تَكْثُرَ أَهْلُ الْمَحَلَّةِ وَيَحْتَاجُونَ لِذَلِكَ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ يُمْتَنَعُ عَلَيْهِ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ بِتَقْدِيرِ عَدَمِ خَلَلٍ فِيهَا لِسَبْقِهَا لَكِنَّهُ يُؤَدِّي إلَى خَلَلٍ فِي الْقَدِيمَتَيْنِ إنْ وَقَعَتَا مَعًا بَعْدَ الْحَادِثَةِ أَوْ بُطْلَانِ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا إنْ تَرَتَّبَتَا وَاحْتِمَالِ كَثْرَةِ أَهْلِ الْبَلَدِ بِحَيْثُ يَحْتَاجُونَ إلَى ذَلِكَ الْأَصْلُ عَدَمُهُ وَلَا يُتْرَكُ الْأَمْرُ الْحَاصِلُ لِلْمُتَوَهِّمِ اهـ. ع ش عَلَى م ر.

(قَوْلُهُ: وَعَسِرَ اجْتِمَاعُهُمْ بِمَكَانٍ) هَذَا ضَابِطٌ لِلْكَثْرَةِ أَيْ كَثُرُوا بِحَيْثُ يَعْسَرُ اجْتِمَاعُهُمْ أَيْ اجْتِمَاعُ مَنْ يَحْضُرُ أَيْ يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ وَإِنْ لَمْ تَلْزَمْهُ الْجُمُعَةُ اهـ. ح ل.

وَعِبَارَةُ ش م ر وَهَلْ الْمُرَادُ اجْتِمَاعُ مَنْ تَلْزَمُهُ أَوْ مَنْ تَصِحُّ مِنْهُ وَإِنْ كَانَ الْغَالِبُ أَنَّهُ لَا يَفْعَلُهَا أَوْ مَنْ يَفْعَلُهَا فِي ذَلِكَ الْمَحَلِّ غَالِبًا كُلٌّ مُحْتَمَلٌ، وَلَعَلَّ أَقْرَبَهَا الْأَخِيرُ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - انْتَهَتْ.

(قَوْلُهُ أَيْضًا وَعَسِرَ اجْتِمَاعُهُمْ بِمَكَانٍ) أَيْ مَحَلٍّ مِنْ الْبَلَدِ وَلَوْ فَضَاءً وَلَوْ غَيْرَ مَسْجِدٍ فَمَتَى كَانَ فِي الْبَلَدِ مَحَلٌّ يَسَعُهُمْ امْتَنَعَ التَّعَدُّدُ، وَالْمُرَادُ بِمَنْ يَعْسَرُ اجْتِمَاعُهُمْ مَنْ يَفْعَلُهَا غَالِبًا حَتَّى لَوْ كَانَ الْغَالِبُ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَزْمِنَةِ اعْتَبَرْنَا كُلَّ زَمَنٍ بِحَسَبِهِ اهـ. إيعَابٌ اهـ. شَوْبَرِيٌّ بِتَصَرُّفٍ فِي اللَّفْظِ، وَقَدْ اُسْتُفِيدَ مِنْ كَلَامِهِ أَمْرَانِ: الْأَوَّلُ أَنَّ غَالِبَ مَا يَقَعُ مِنْ التَّعَدُّدِ غَيْرُ مُحْتَاجٍ إلَيْهِ إذْ كُلُّ بَلَدٍ لَا تَخْلُو غَالِبًا مِنْ مَحَلٍّ يَسَعُ النَّاسَ وَلَوْ نَحْوَ خَرِبَةٍ وَحَرِيمِ الْبَلَدِ. وَالثَّانِي أَنَّ مَا يَقَعُ مِنْ التَّعَدُّدِ فِي نَحْوِ طَنْدَتَا فِي زَمَنِ الْمَوْلِدِ مُحْتَاجٌ إلَيْهِ كُلِّهِ فَلَا تَجِبُ الظُّهْرُ هُنَاكَ؛ لِأَنَّ مَنْ يَغْلِبُ فِعْلُهُ لَمْ يَعْتَدَّ بِكَوْنِهِ مِنْ أَهْلِ تِلْكَ الْبَلْدَةِ تَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ: بِمَكَانٍ وَاحِدٍ) أَيْ مِنْ الْأَمْكِنَةِ الَّتِي جَرَتْ الْعَادَةُ بِفِعْلِهَا فِيهَا فِي ذَلِكَ الْبَلَدِ وَلَوْ غَيْرَ مَسْجِدٍ، قَالَ الْعَلَّامَةُ الرَّمْلِيُّ كَابْنِ حَجَرٍ وَالْعِبْرَةُ بِمَنْ يَغْلِبُ حُضُورُهُ وَإِنْ لَمْ يَحْضُرْ أَوْ لَمْ تَلْزَمْهُ، وَقَالَ الْعَلَّامَةُ الزِّيَادِيُّ الْعِبْرَةُ بِمَنْ حَضَرَ بِالْفِعْلِ وَإِنْ لَمْ تَلْزَمْهُ، وَقَالَ الْعَلَّامَةُ الْخَطِيبُ الْعِبْرَةُ بِمَنْ تَلْزَمُهُ وَإِنْ لَمْ يَحْضُرْ وَفِي شَرْحِهِ عَلَى الْغَايَةِ مُوَافَقَةُ الْعَلَّامَةِ الزِّيَادِيِّ وَفِي شَرْحِهِ هُنَا مُوَافَقَةُ الْعَلَّامَةِ م ر وَقَالَ الْعَلَّامَةُ ابْنُ عَبْدِ الْحَقِّ الْعِبْرَةُ بِمَنْ تَصِحُّ مِنْهُ وَاعْتَمَدَهُ بَعْضُ مَشَايِخِنَا وَيُقَدَّمُ عِنْدَ جَوَازِ التَّعَدُّدِ مَنْ إمَامُهَا أَفْضَلُ ثُمَّ مَنْ مَسْجِدُهَا أَقْدَمُ ثُمَّ مَنْ مَحَلُّهَا أَقْرَبُ ثُمَّ مَنْ جَمْعُهَا أَكْثَرُ، وَمِنْ صُوَرِ جَوَازِ التَّعَدُّدِ بَعْدُ طَرَفَيْ الْبَلَدِ بِحَيْثُ تَحْصُلُ مَشَقَّةٌ لَا تُحْتَمَلُ عَادَةً؛ لِأَنَّهَا تُسْقِطُ السَّعْيَ عَنْ بَعِيدِ الدَّارِ وَمِنْ جَوَازِهِ أَيْضًا وُقُوعُ خِصَامٍ بَيْنَ أَهْلِ جَانِبَيْ الْبَلَدِ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مَشَقَّةٌ وَعَلَيْهِ لَوْ نَقَصَ عَدَدُ جَانِبٍ أَوْ كُلُّ جَانِبٍ عَنْ الْأَرْبَعِينَ لَمْ تَجِبْ عَلَيْهِمْ فِيهِ وَلَا فِي الْآخَرِ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ، وَقَوْلُهُ: فِي صَدْرِ الْقَوْلَةِ أَيْ مِنْ الْأَمْكِنَةِ الَّتِي جَرَتْ الْعَادَةُ بِفِعْلِهَا فِيهَا يُفِيدُ أَنَّهُ إذَا كَانَ يُمْكِنُ اجْتِمَاعُهُمْ فِي مَحَلٍّ لَمْ تَجْرِ الْعَادَةُ بِفِعْلِهَا فِيهِ كَزَرِيبَةٍ وَفَضَاءٍ فِي الْبَلَدِ يَسَعُهُمْ كُلُّهُمْ وَيُغْنِيهِمْ عَنْ التَّعَدُّدِ فَلَا يَلْزَمُهُمْ فِعْلُهَا فِي ذَلِكَ الْمَحَلِّ الَّذِي يَرْتَفِعُ بِهِ التَّعَدُّدُ بَلْ يَفْعَلُونَهَا فِي مَوَاطِنِ الْعَادَةِ كَالْمَسَاجِدِ وَإِنْ لَزِمَ عَلَيْهِ التَّعَدُّدُ حَيْثُ لَمْ يَسَعْ الْجَمِيعَ مَوْضِعٌ مِنْ تِلْكَ الْمَوَاضِعِ وَهَذَا هُوَ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ وَبِهِ يُرَدُّ مَا سَبَقَ عَنْ ع ش وَعَنْ الشَّوْبَرِيِّ مِنْ أَنَّ الْمَدَارَ عَلَى أَيِّ مَحَلٍّ كَانَ كَزَرِيبَةٍ وَفَضَاءٍ؛ لِأَنَّهُ لَوْ عُوِّلَ عَلَى ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ لَنَا تَعَدُّدٌ جَائِزٌ أَصْلًا؛ لِأَنَّهُ مَا مِنْ بَلَدٍ إلَّا وَفِيهَا مَكَانٌ يَسَعُ أَهْلَهَا كَالْفَضَاءِ الَّذِي لَا تُقْصَرُ فِيهِ الصَّلَاةُ كَالْجُرْنِ وَنَحْوِهِ تَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ:

<<  <  ج: ص:  >  >>