للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَمَنْ خَطَبَ قَاعِدًا لِعُذْرٍ فَصَلَ بَيْنَهُمَا بِسَكْتَةٍ وُجُوبًا

(وَإِسْمَاعُ الْأَرْبَعِينَ) الَّذِينَ تَنْعَقِدُ بِهِمْ الْجُمُعَةُ وَمِنْهُمْ الْإِمَامُ (أَرْكَانَهُمَا) لِأَنَّ مَقْصُودَهُمَا وَعْظُهُمْ وَهُوَ لَا يَحْصُلُ إلَّا بِذَلِكَ فَعُلِمَ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ سَمَاعُهُمْ أَيْضًا وَإِنْ لَمْ يَفْهَمُوا مَعْنَاهُمَا كَالْعَامِّيِّ يَقْرَأُ الْفَاتِحَةَ فِي الصَّلَاةِ وَلَا يَفْهَمُ مَعْنَاهَا فَلَا يَكْفِي الْإِسْرَارُ كَالْأَذَانِ وَلَا إسْمَاعُ دُونِ الْأَرْبَعِينَ وَلَا حُضُورُهُمْ بِلَا سَمَاعٍ لِصُمٍّ أَوْ بُعْدٍ أَوْ نَحْوِهِ

(وَسُنَّ تَرْتِيبُهَا) أَيْ أَرْكَانِ الْخُطْبَتَيْنِ بِأَنْ يَبْدَأَ بِالْحَمْدِ ثُمَّ بِالصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثُمَّ الْوَصِيَّةِ ثُمَّ الْقِرَاءَةِ ثُمَّ الدُّعَاءِ كَمَا جَرَى عَلَيْهِ السَّلَفُ وَالْخَلَفُ، وَإِنَّمَا لَمْ يَجِبْ لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ بِدُونِهِ وَتَقْيِيدُ الْإِسْمَاعِ بِالْأَرْكَانِ مَعَ ذِكْرِ سَنِّ التَّرْتِيبِ مِنْ زِيَادَتِي.

(وَ) سُنَّ لِمَنْ سَمِعَهُمَا (إنْصَاتٌ فِيهِمَا) أَيْ سُكُوتٌ مَعَ إصْغَاءٍ لَهُمَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا} [الأعراف: ٢٠٤] ذُكِرَ فِي التَّفْسِيرِ أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي الْخُطْبَةِ وَسُمِّيَتْ قُرْآنًا لِاشْتِمَالِهَا عَلَيْهِ

ــ

[حاشية الجمل]

قَوْلُهُ بِطُمَأْنِينَةٍ وَأَمَّا أَصْلُ الشَّرْطِ فَذَكَرَهُ الْأَصْلُ وَلَوْ قَالَ كَعَادَتِهِ بِقَيْدٍ زِدْتُهُ بِقَوْلِي بِطُمَأْنِينَةٍ لَكَانَ أَوْضَحَ تَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ: وَمَنْ خَطَبَ قَاعِدًا إلَخْ) وَمِثْلُهُ مَنْ خَطَبَ قَائِمًا وَلَا يَقْدِرُ عَلَى الْجُلُوسِ فَيَفْصِلُ بَيْنَهُمَا بِسَكْتَةٍ وَلَا يَكْفِي الْأَوَّلَ الْفَصْلُ بِالِاضْطِجَاعِ اهـ. مِنْ ش م ر وَقَوْلُهُ الْفَصْلُ بِالِاضْطِجَاعِ ظَاهِرُهُ وَلَوْ مَعَ السُّكُوتِ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَيُوَجَّهُ بِأَنَّهُ مُخَاطَبٌ بِالْقِيَامِ فِي الْخُطْبَتَيْنِ وَفِي الْجُلُوسِ بَيْنَهُمَا فَإِذَا عَجَزَ عَنْ الْقِيَامِ سَقَطَ وَبَقِيَ الْخِطَابُ بِالْجُلُوسِ فَفِي الِاضْطِجَاعِ تَرْكٌ لِلْوَاجِبِ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ لَكِنْ فِي سم مَا يُخَالِفُهُ حَيْثُ قَالَ كَانَ الْمُرَادُ بِالِاضْطِجَاعِ مِنْ غَيْرِ سَكْتَةٍ اهـ. سم عَلَى حَجّ اهـ. ع ش عَلَيْهِ.

(قَوْلُهُ: وَإِسْمَاعُ الْأَرْبَعِينَ أَرْكَانَهُمَا) بِأَنْ يَرْفَعَ الْخَطِيبُ صَوْتَهُ بِأَرْكَانِهِمَا حَتَّى يَسْمَعَهَا تِسْعَةٌ وَثَلَاثُونَ سِوَاهُ اهـ ش م ر وَالْمُرَادُ إسْمَاعُ الْأَرْبَعِينَ فِي آنٍ وَاحِدٍ فِيمَا يَظْهَرُ حَتَّى لَوْ سَمِعَ بَعْضُ الْأَرْبَعِينَ بَعْضَ الْأَرْكَانِ ثُمَّ انْصَرَفَ وَحَضَرَ غَيْرُهُ وَأَعَادَهَا لَا يَكْفِي؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْ الْإِسْمَاعَيْنِ بِدُونِ الْأَرْبَعِينَ فَيَقَعُ لَغْوًا وَنُقِلَ بِالدَّرْسِ عَنْ فَتَاوَى شَيْخِ الْإِسْلَامِ مَا يُوَافِقُهُ فَلْيُرَاجَعْ اهـ. عِ ش عَلَيْهِ (تَنْبِيهٌ)

يُعْتَبَرُ فِي الْجُمُعَةِ فِي الْخَوْفِ إسْمَاعُ ثَمَانِينَ لِكُلِّ فِرْقَةٍ أَرْبَعُونَ كَمَا يَأْتِي اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ.

(قَوْلُهُ: أَرْكَانَهُمَا) مَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَا يَضُرُّ الْإِسْرَارُ بِغَيْرِ الْأَرْكَانِ وَيَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّهُ إذَا لَمْ يَطُلْ بِهِ الْفَصْلُ وَإِلَّا ضَرَّ لِقَطْعِهِ الْمُوَالَاةَ كَالسُّكُوتِ. اهـ. ع ش عَلَى م ر.

(قَوْلُهُ: فَعُلِمَ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ إلَخْ) أَيْ عُلِمَ مِنْ اشْتِرَاطِ الْإِسْمَاعِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَحَقَّقُ إلَّا بِالسَّمَاعِ وَأَمَّا مَا يُقَالُ أَسْمَعْتُهُمْ فَلَمْ يَسْمَعُوا فَعَلَى ضَرْبٍ مِنْ التَّجَوُّزِ اهـ. ح ل.

(قَوْلُهُ إنَّهُ يُشْتَرَطُ سَمَاعُهُمْ) أَيْ بِالْقُوَّةِ بِحَيْثُ لَوْ صَغَوْا لَسَمِعُوا فَلَا يَضُرُّ اللَّغَطُ الَّذِي لَا يَمْنَعُ السَّمَاعَ وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَمَنْ عَبَّرَ فِي الْإِسْمَاعِ أَيْضًا بِقَوْلِهِ وَلَوْ بِالْقُوَّةِ أَرَادَ بِهِ هَذَا الْمَعْنَى أَيْ كَوْنَهُمْ بِحَيْثُ إلَخْ فَفِي التَّحْقِيقِ لَا بُدَّ فِي الْإِسْمَاعِ مِنْ كَوْنِهِ بِالْفِعْلِ وَفِي السَّمَاعِ يَكْفِي، وَلَوْ بِالْقُوَّةِ اهـ. شَيْخُنَا.

(قَوْلُهُ: أَوْ نَحْوُهُ) كَالنَّوْمِ وَاللَّغَطِ الْكَثِيرِ الَّذِي يَمْنَعُ مِنْ السَّمَاعِ بِحَيْثُ لَوْ صَغَوْا قَالَ شَيْخُنَا وَالشَّرْطُ الْإِسْمَاعُ وَالسَّمَاعُ بِالْقُوَّةِ لَا بِالْفِعْلِ أَيْ بِأَنْ يَكُونُوا بِحَيْثُ لَوْ صَغَوْا لَسَمِعُوا مَعَ مَا هُمْ عَلَيْهِ كَذَا نُقِلَ عَنْ شَيْخِنَا، وَهُوَ لَا يُنَاسِبُ اعْتِبَارَ السَّمَاعِ بِالْقُوَّةِ؛ لِأَنَّا فِيهَا نَعْتَبِرُ زَوَالَ الْمَانِعِ مِنْ صَمَمٍ وَبُعْدٍ وَلَغَطٍ وَنَوْمٍ؛ لِأَنَّ هَؤُلَاءِ سَامِعُونَ بِالْقُوَّةِ أَيْ حَاضِرُونَ، قَالَ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي الْخَطِيبِ إذَا كَانَ مِنْ الْأَرْبَعِينَ أَنْ يُسْمِعَ نَفْسَهُ حَتَّى لَوْ كَانَ أَصَمَّ لَمْ يَكْفِ وَهُوَ كَمَا قَالَ الْإِسْنَوِيُّ بَعِيدٌ بَلْ لَا مَعْنَى لَهُ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ مَا يَقُولُ وَإِنْ لَمْ يَسْمَعْهُ وَلَا مَعْنَى لِأَمْرِهِ بِالْإِنْصَاتِ لِنَفْسِهِ اهـ. ح ل.

(قَوْلُهُ: وَسُنَّ تَرْتِيبُهَا) كَانَ الْأَنْسَبُ أَنْ يَقُولَ كَمَا ذُكِرَ لِيُفِيدَ صُورَةَ التَّرْتِيبِ اهـ. شَيْخُنَا.

(قَوْلُهُ: لِمَنْ سَمِعَهُمَا) أَيْ لِمَنْ كَانَ يَسْمَعُ لَوْ أَنْصَتَ اهـ. ح ل.

(قَوْلُهُ أَيْضًا لِمَنْ سَمِعَهُمَا) أَيْ وَلَوْ لِحِدَّةِ سَمْعِهِ فِيمَا يَظْهَرُ اهـ. شَوْبَرِيٌّ.

(قَوْلُهُ: وَإِنْصَاتٌ فِيهِمَا) قَالَ الرَّاغِبُ الْفَرْقُ بَيْنَ الصَّمْتِ وَالسُّكُوتِ وَالْإِنْصَاتِ وَالْإِصَاخَةِ أَنَّ الصَّمْتَ أَبْلَغُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يُسْتَعْمَلُ فِيمَا لَا قُوَّةَ فِيهِ لِلنُّطْقِ وَلِهَذَا قِيلَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ نُطْقٌ صَامِتٌ وَالسُّكُوتُ لِمَا لَهُ نُطْقٌ فَتَرَكَ اسْتِعْمَالَهُ وَالْإِنْصَاتُ سُكُوتٌ مَعَ اسْتِمَاعٍ وَمَتَى انْفَكَّ أَحَدُهُمَا عَنْ الْآخَرِ لَمْ يَقُلْ لَهُ إنْصَاتٌ وَعَلَيْهِ قَوْله تَعَالَى {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا} [الأعراف: ٢٠٤] ، فَقَوْلُهُ {وَأَنْصِتُوا} [الأعراف: ٢٠٤] بَعْدَ الِاسْتِمَاعِ ذِكْرُ خَاصٍّ بَعْدَ عَامٍّ وَالْإِصَاخَةُ الِاسْتِمَاعُ إلَى مَا يَصْعُبُ اسْتِمَاعُهُ وَإِدْرَاكُهُ كَالسَّبِّ وَالصَّوْتِ مِنْ مَكَان بَعِيدٍ اهـ. مُنَاوِيٌّ عِنْدَ قَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «الصَّمْتُ زَيْنٌ لِلْعَالِمِ وَسِتْرٌ لِلْجَاهِلِ» اهـ. ع ش عَلَى م ر.

وَعِبَارَةُ ح ل قَوْلُهُ مَعَ إصْغَاءٍ لَهُمَا الْإِصْغَاءُ هُوَ الِاسْتِمَاعُ قِيلَ بَيْنَ الْإِنْصَاتِ وَالِاسْتِمَاعِ عُمُومٌ وَخُصُوصٌ مِنْ وَجْهٍ؛ لِأَنَّ الْإِنْصَاتَ السُّكُوتُ سَوَاءٌ كَانَ مَعَ اسْتِمَاعٍ أَوْ لَا وَالِاسْتِمَاعُ شُغْلُ السَّمْعِ بِالسَّمَاعِ سَوَاءٌ كَانَ مَعَهُ السُّكُوتُ أَوْ لَا انْتَهَتْ.

وَكُرِهَ تَنَفُّلٌ بِالْإِجْمَاعِ تَحْرِيمًا كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ مِنْ أَحَدٍ مِنْ الْحَاضِرِينَ بَعْدَ صُعُودِ الْخَطِيبِ عَلَى الْمِنْبَرِ وَجُلُوسِهِ عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَسْمَعْ الْخُطْبَةَ بِالْكُلِّيَّةِ لِاشْتِغَالِهِ بِصُورَةِ عِبَادَةٍ وَمِنْ ثَمَّ فَارَقَتْ الصَّلَاةُ الْكَلَامَ بِأَنَّ الِاشْتِغَالَ بِهِ لَا يُعَدُّ إعْرَاضًا عَنْهُ بِالْكُلِّيَّةِ وَأَيْضًا فَقَطْعُ الْكَلَامِ هَيِّنٌ مَتَى ابْتَدَأَ الْخَطِيبُ الْخُطْبَةَ بِخِلَافِ الصَّلَاةِ فَإِنَّهُ قَدْ يَفُوتُهُ بِهَا سَمَاعُ أَوَّلِ الْخُطْبَةِ بَلْ لَوْ أَمِنَ فَوَاتَ ذَلِكَ كَانَ مُمْتَنِعًا أَيْضًا، وَقَدْ يُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ الطَّوَافَ لَيْسَ كَالصَّلَاةِ هُنَا وَيُمْنَعُ مِنْ سَجْدَةِ التِّلَاوَةِ وَالشُّكْرِ وَشَمَلَهُ كَلَامُهُمْ وَإِنْ كَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا لَيْسَ صَلَاةً وَإِنَّمَا هُوَ مُلْحَقٌ بِهَا وَيَجِبُ عَلَى مَنْ كَانَ فِي صَلَاةٍ تَخْفِيفُهَا عِنْدَ

<<  <  ج: ص:  >  >>