وَسُنَّ تَشْمِيتُ الْعَاطِسِ وَرَفْعُ الصَّوْتِ بِالصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عِنْدَ قِرَاءَةِ الْخَطِيبِ {إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ} [الأحزاب: ٥٦] وَإِنْ اقْتَضَى كَلَامُ الرَّوْضَةِ إبَاحَةَ الرَّفْعِ وَصَرَّحَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ بِكَرَاهَتِهِ وَعُلِمَ مِنْ سَنِّ الْإِنْصَاتِ فِيهِمَا عَدَمُ حُرْمَةِ الْكَلَامِ فِيهِمَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ لِمَا رَوَى الْبَيْهَقِيُّ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَنْ أَنَسٍ «أَنَّ رَجُلًا دَخَلَ وَالنَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَخْطُبُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَقَالَ مَتَى السَّاعَةُ فَأَوْمَأَ النَّاسُ إلَيْهِ بِالسُّكُوتِ فَلَمْ يَقْبَلْ وَأَعَادَ الْكَلَامَ فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الثَّالِثَةِ مَا أَعْدَدْت لَهَا فَقَالَ
ــ
[حاشية الجمل]
م ر (قَوْلُهُ: وَسُنَّ تَشْمِيتُ الْعَاطِسِ) أَيْ يُسْتَحَبُّ لِلْمُسْتَمِعِ وَمِثْلُهُ الْخَطِيبُ بِالْأَوْلَى؛ لِأَنَّهُ لَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ الْكَلَامُ قَطْعًا اهـ. ع ش عَلَى م ر وَإِنَّمَا لَمْ يُكْرَهْ التَّشْمِيتُ كَسَائِرِ الْكَلَامِ؛ لِأَنَّ سَبَبَهُ قَهْرِيٌّ اهـ. ش م ر.
(قَوْلُهُ أَيْضًا وَسُنَّ تَشْمِيتُ الْعَاطِسِ) بِأَنْ يَقُولَ لَهُ رَحِمَك اللَّهُ أَوْ يَرْحَمُك اللَّهُ، وَمَحَلُّ سُنَّ التَّشْمِيتِ إذَا حَمِدَ اللَّهَ الْعَاطِسُ اهـ. مِنْ شَرْحَيْ الْبَهْجَةِ وَالرَّوْضِ.
(قَوْلُهُ: الْعَاطِسِ) مِنْ عَطَسَ بِفَتْحِ الطَّاءِ فِي الْمَاضِي وَبِكَسْرِهَا وَضَمِّهَا فِي الْمُضَارِعِ اهـ. شَوْبَرِيٌّ.
وَفِي الْمِصْبَاحِ عَطَسَ مِنْ بَابِ ضَرَبَ وَفِي لُغَةٍ مِنْ بَابِ قَتَلَ وَالْمَعْطِسُ وِزَانُ مَجْلِسٍ الْأَنْفُ.
(وَقَوْلُهُ وَرَفْعُ الصَّوْتِ بِالصَّلَاةِ إلَخْ) هَذَا هُوَ الرَّاجِحُ أَيْ بِحَيْثُ يَسْمَعُهُ مَنْ بِقُرْبِهِ قَالَ م ر وَالرَّفْعُ الْبَلِيغُ كَمَا يَفْعَلُهُ بَعْضُ الْعَوَامّ بِدْعَةٌ مُنْكَرَةٌ اهـ. اط ف وَقَوْلُهُ هَذَا هُوَ الرَّاجِحُ وَفِي شَرْحِ م ر مَا يَقْتَضِي اعْتِمَادَ كَلَامِ الرَّوْضَةِ الْآتِي وَهُوَ الْإِبَاحَةُ. اهـ. شَيْخُنَا ح ف وَفِي سم فِي فَصْلِ الِاغْتِسَالِ الْآتِي مَا نَصُّهُ أَطَالَ شَيْخُنَا حَجّ فِي فَتَاوِيهِ فِي بَيَانِ أَنَّ رَفْعَ الصَّوْتِ بِلَا مُبَالَغَةٍ بِالصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عِنْدَ سَمَاعِ ذِكْرِهِ بَيْنَ يَدَيْ الْخَطِيبِ كَأَنْ قَرَأَ الْخَطِيبُ {إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ} [الأحزاب: ٥٦] ، الْآيَةَ سُنَّةٌ وَأَنَّ مِنْ ذَلِكَ مَا يَفْعَلُهُ الْمُؤَذِّنُونَ مِنْ رَفْعِ الصَّوْتِ بِهَا بَيْنَ يَدَيْ الْخَطِيبِ عِنْدَ تَصْلِيَتِهِ عَلَيْهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِجَامِعِ طَلَبِ الصَّلَاةِ عِنْدَ ذِكْرِهِ ثُمَّ أَيَّدَ ذَلِكَ بِكَلَامِ الْجَوَاهِرِ وَرَدَّ عَلَى مَنْ زَعَمَ كَرَاهَةَ مَا يَفْعَلُهُ الْمُؤَذِّنُونَ وَأَطَالَ فِي ذَلِكَ فَرَاجِعْهُ اهـ.
(قَوْلُهُ: عِنْدَ قِرَاءَةِ الْخَطِيبِ إلَخْ) أَيْ وَكَذَا إذَا ذُكِرَ اسْمُهُ وَلَوْ مِنْ غَيْرِ الْخَطِيبِ اهـ. ح ل (قَوْلُهُ: وَعُلِمَ مِنْ سَنِّ الْإِنْصَاتِ إلَخْ) أَيْ عَلَى الْجَدِيدِ وَالْقَدِيمِ يَحْرُمُ الْكَلَامُ وَيَجِبُ الْإِنْصَاتُ وَمَحَلُّ الْخِلَافِ فِي كَلَامٍ لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ غَرَضٌ مُهِمٌّ نَاجِزٌ فَإِنْ تَعَلَّقَ بِهِ ذَلِكَ كَمَا لَوْ رَأَى أَعْمَى يَقَعُ فِي بِئْرٍ أَوْ عَقْرَبًا تَدِبُّ عَلَى إنْسَانٍ فَأَنْذَرَهُ أَوْ عَلَّمَ إنْسَانًا شَيْئًا مِنْ الْخَيْرِ أَوْ نَهَاهُ عَنْ مُنْكَرٍ لَمْ يَكُنْ حَرَامًا قَطْعًا بَلْ قَدْ يَجِبُ عَلَيْهِ ذَلِكَ لَكِنْ يُسْتَحَبُّ أَنْ يَقْتَصِرَ عَلَى الْإِشَارَةِ إنْ أَغْنَتْ. اهـ. ش م ر.
(قَوْلُهُ: عَدَمُ حُرْمَةِ الْكَلَامِ) أَيْ خِلَافًا لِلْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - وَلِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ قَدْ أَرْسَلَ جَمَاعَةً لِيَقْتُلُوا يَهُودِيًّا يُقَالُ لَهُ ابْنُ أَبِي الْحُقَيْقِ بِضَمِّ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ فَجَاءُوا وَهُوَ يَخْطُبُ فَسَأَلَهُمْ كَيْفَ قَتَلُوهُ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ أَيْضًا عَدَمُ حُرْمَةِ الْكَلَامِ) لَكِنَّهُ مَكْرُوهٌ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ «إذَا قُلْتَ لِصَاحِبِكَ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ أَنْصِتْ فَقَدْ لَغَوْت» وَمَعْنَاهُ تَرَكْت الْأَدَبَ جَمْعًا بَيْنَ الْأَدِلَّةِ وَلَا يَخْتَصُّ ذَلِكَ بِالْأَرْبَعِينَ بَلْ سَائِرُ الْحَاضِرِينَ فِيهِ سَوَاءٌ وَلَا يُكْرَهُ الْكَلَامُ قَبْلَ الْخُطْبَةِ، وَلَوْ بَعْدَ الْجُلُوسِ عَلَى الْمِنْبَرِ وَلَا بَعْدَهَا وَلَا بَيْنَ الْخُطْبَتَيْنِ وَلَا كَلَامُ الدَّاخِلِ إلَّا إذَا اتَّخَذَ لَهُ مَكَانًا وَاسْتَقَرَّ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ قَبْلَ ذَلِكَ يَحْتَاجُ إلَى الْكَلَامِ غَالِبًا وَلَا يَحْرُمُ الْكَلَامُ عَلَى الْخَطِيبِ قَطْعًا اهـ. ش م ر
(فَائِدَةٌ) : لَوْ كَلَّمَ شَافِعِيٌّ مَالِكِيًّا وَقْتَ الْخُطْبَةِ فَهَلْ تَحْرُمُ عَلَيْهِ كَمَا لَوْ لَعِبَ الشَّافِعِيُّ مَعَ الْحَنَفِيِّ الشِّطْرَنْجَ لِإِعَانَتِهِ لَهُ عَلَى الْمَعْصِيَةِ أَوْ لَا؟ الْأَقْرَبُ عَدَمُ الْحُرْمَةِ وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ لَعِبَ الشِّطْرَنْجِ لَمَّا لَمْ يَتَأَتَّ إلَّا مِنْهُمَا كَانَ الشَّافِعِيُّ كَالْمُلْجِئِ لَهُ بِخِلَافِهِ فِي مَسْأَلَتِنَا فَإِنَّهُ حَيْثُ أَجَابَهُ الْمَالِكِيُّ وَتَكَلَّمَ مَعَهُ كَانَ بِاخْتِيَارِهِ لِتَمَكُّنِهِ مِنْ أَنْ لَا يُجِيبَهُ، وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ إذَا لَمْ يُجِبْهُ يَحْصُلُ لَهُ مِنْهُ ضَرَرٌ كَكَوْنِ الشَّافِعِيِّ الْمُتَكَلِّمِ أَمِيرًا أَوْ ذَا سَطْوَةٍ يَحْرُمُ عَلَيْهِ لَكِنْ لَا مِنْ جِهَةِ الْكَلَامِ بَلْ مِنْ جِهَةِ الْإِكْرَاهِ عَلَى الْمَعْصِيَةِ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ. ع ش عَلَيْهِ.
(قَوْلُهُ أَيْضًا عَدَمُ حُرْمَةِ الْكَلَامِ) أَيْ وَعَلَى الْقَدِيمِ يَحْرُمُ الْكَلَامُ وَمَحَلُّهُ إذَا شَرَعَ الْخَطِيبُ فِي الْخُطْبَةِ فَقَبْلَهَا لَا يَحْرُمُ وَإِنْ جَلَسَ عَلَى الْمِنْبَرِ وَهَذَا بِخِلَافِ الصَّلَاةِ فَإِنَّهَا بِمُجَرَّدِ جُلُوسِهِ عَلَى الْمِنْبَرِ وَإِنْ لَمْ يَشْرَعْ فِي الْخُطْبَةِ وَإِنْ عَلِمَ أَنَّهُ يَفْرُغُ مِنْ الصَّلَاةِ وَيُدْرِكُ أَوَّلَ الْخُطْبَةِ كَمَا اعْتَمَدَهُ م ر خِلَافًا لِمَا اسْتَثْنَاهُ فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ مِنْ عَدَمِ الْحُرْمَةِ عِنْدَ الْأَمْنِ. قَالَ وَإِذَا انْتَهَتْ الْخُطْبَتَانِ انْتَهَى تَحْرِيمُ الصَّلَاةِ وَالْمُرَادُ انْتِهَاءُ أَرْكَانِهِمَا وَإِنْ كَانَ مُشْتَغِلًا بِغَيْرِ أَرْكَانِهِمَا كَالتَّرَضِّي عَلَى الصَّحَابَةِ وَالدُّعَاءِ لِلسُّلْطَانِ وَغَيْرِ ذَلِكَ فَلَهُ الصَّلَاةُ حَالَ اشْتِغَالِهِ بِمَا ذُكِرَ وَلَا يَحْرُمُ. نَعَمْ يُكْرَهُ مِنْ حَيْثُ كَوْنُهَا بِقُرْبِ الْإِقَامَةِ اهـ. لَكِنْ أَظُنُّ شَيْخَنَا حَجّ أَلْحَقَ تَوَابِعَ الْخُطْبَةِ بِهَا فَلْيُحَرَّرْ وَلْيُرَاجَعْ أَيْ وَقَدْ مَرَّ ذَلِكَ اهـ. سم.
(قَوْلُهُ: أَنَّ رَجُلًا إلَخْ) هُوَ سُلَيْكٌ الْغَطَفَانِيُّ كَذَا بِهَامِشٍ عَنْ خَصَائِصِ الْجُمُعَةِ لِلسُّيُوطِيِّ اهـ. ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ: وَالنَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَخْطُبُ) أَيْ عَازِمٌ عَلَى الْخُطْبَةِ وَإِلَّا فَجَوَابُهُ لَوْ فُرِضَ فِي الْخُطْبَةِ كَلَامٌ أَجْنَبِيٌّ تَأَمَّلْ إلَّا أَنْ يُقَالَ هُوَ قَلِيلٌ اهـ. شَوْبَرِيٌّ.
(قَوْلُهُ: مَا أَعْدَدْتَ لَهَا) عَدَلَ