للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رِقَابَ النَّاسِ لِلْحَثِّ عَلَى الْمَنْعِ مِنْ ذَلِكَ فِي خَبَرٍ رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَاهُ (إلَّا لِإِمَامِ) لَمْ يَجِدْ طَرِيقًا إلَّا بِتَخَطٍّ فَلَا يُكْرَهُ لَهُ لِاضْطِرَارِهِ إلَيْهِ (وَمَنْ وَجَدَ فُرْجَةً لَا يَصِلُهَا إلَّا بِتَخَطِّي وَاحِدٍ أَوْ اثْنَيْنِ أَوْ) أَكْثَرَ وَ (لَمْ يُرْجَ سَدُّهَا) فَلَا يُكْرَهُ لَهُ وَإِنْ وَجَدَ غَيْرَهَا لِتَقْصِيرِ الْقَوْمِ بِإِخْلَائِهَا لَكِنْ يُسَنُّ لَهُ إنْ وَجَدَ غَيْرَهَا أَنْ لَا يَتَخَطَّى فَإِنْ رَجَا سَدَّهَا كَأَنْ رَجَا أَنْ يَتَقَدَّمَ أَحَدٌ إلَيْهَا إذَا أُقِيمَتْ الصَّلَاةُ كُرِهَ لِكَثْرَةِ الْأَذَى وَذِكْرُ الْكَرَاهَةِ مَعَ قَوْلِي إلَّا لِإِمَامٍ إلَى آخِرِهِ مِنْ زِيَادَتِي

ــ

[حاشية الجمل]

وَقَوْلُهُ وَلِغَيْرِهِ تَنْحِيَةُ فُرُشِ مَنْ بَعَثَهُ إلَخْ وَالْبَعْثُ بِالْفُرُشِ مَكْرُوهٌ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْبِرْمَاوِيُّ وَعِبَارَتُهُ وَيُكْرَهُ بَعْثُ سَجَّادَةٍ وَنَحْوِهَا لِمَا فِيهِ مِنْ التَّحْجِيرِ مَعَ عَدَمِ إحْيَاءِ الْبُقْعَةِ خُصُوصًا فِي الرَّوْضَةِ الشَّرِيفَةِ انْتَهَتْ.

وَظَاهِرُ عِبَارَةِ الْحَلَبِيِّ أَنَّ الْبَعْثَ الْمَذْكُورَ حَرَامٌ وَنَصُّهَا وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَبْعَثَ مَنْ يَفْرِشَ لَهُ نَحْوَ سَجَّادَةٍ لِمَا فِيهِ مِنْ تَحْجِيرِ الْمَسْجِدِ مِنْ غَيْرِ فَائِدَةٍ اهـ. وَمَا جَرَى عَلَيْهِ الْبِرْمَاوِيُّ مِنْ الْكَرَاهَةِ هُوَ الَّذِي يُلَائِمُ الِاسْتِدْرَاكَ فِي عِبَارَةِ م ر حَيْثُ قَالَ نَعَمْ مَا جَرَتْ الْعَادَةُ بِهِ إلَخْ وَمَا اقْتَضَاهُ صَنِيعُ الْحَلَبِيِّ مِنْ الْحُرْمَةِ هُوَ الَّذِي يُلَائِمُ النَّظِيرَ الَّذِي ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ وَيُؤَيِّدُهُ إلَخْ فَلْيُتَأَمَّلْ وَلْيُحَرَّرْ، وَقَوْلُهُ بَلْ قَدْ يُقَالُ بِتَحْرِيمِهِ أَيْ تَحْرِيمِ الْفَرْشِ فِي الرَّوْضَةِ قَالَ ع ش عَلَيْهِ هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَقَدْ عَلِمْت مِنْ عِبَارَةِ الْبِرْمَاوِيِّ أَنَّهُ قَالَ بِالْكَرَاهَةِ فَتَأَمَّلْ قَالَ الرَّشِيدِيُّ قَوْلُهُ بِالرَّوْضَةِ الشَّرِيفَةِ لَيْسَتْ قَيْدًا فِي الْحُكْمِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ بَلْ سَائِرُ الْمَسَاجِدِ حُكْمُهَا كَذَلِكَ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ بَعْدُ لِمَا فِيهِ مِنْ تَحْجِيرِ الْمَسْجِدِ مِنْ غَيْرِ فَائِدَةٍ وَإِنَّمَا خَصَّ الرَّوْضَةَ الشَّرِيفَةَ؛ لِأَنَّهَا هِيَ الْوَاقِعُ فِيهَا ذَلِكَ اهـ.

(قَوْلُهُ أَيْضًا وَكُرِهَ تَخَطٍّ) فَإِنْ قُلْت مَا وَجْهُ تَرْجِيحِ الْكَرَاهَةِ عَلَى الْحُرْمَةِ مَعَ أَنَّ الْإِيذَاءَ حَرَامٌ، وَقَدْ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اجْلِسْ فَقَدْ آذَيْت قُلْت لَيْسَ كُلُّ إيذَاءٍ حَرَامًا وَلِلْمُتَخَطِّي هُنَا غَرَضٌ فَإِنَّ التَّقَدُّمَ أَفْضَلُ اهـ. سم عَلَى الْمَنْهَجِ وَمِنْ التَّخَطِّي الْمَكْرُوهِ مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ مِنْ التَّخَطِّي لِتَفْرِقَةِ الْأَجْزَاءِ أَوْ تَبْخِيرِ الْمَسْجِدِ أَوْ سَقْيِ الْمَاءِ أَوْ السُّؤَالِ لِمَنْ يَقْرَأُ فِي الْمَسْجِدِ وَالْكَرَاهَةُ مِنْ حَيْثُ التَّخَطِّي، أَمَّا السُّؤَالُ بِمُجَرَّدِهِ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يُكْرَهَ بَلْ هُوَ سَعْيٌ فِي خَيْرٍ وَإِعَانَةٌ عَلَيْهِ مَا لَمْ يَرْغَبْ الْحَاضِرُونَ الَّذِينَ يَتَخَطَّاهُمْ فِي ذَلِكَ وَإِلَّا فَلَا كَرَاهَةَ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي فِي مَسْأَلَةِ تَخَطِّي الْمُعَظَّمِ فِي النُّفُوسِ اهـ. ع ش عَلَى م ر.

(قَوْلُهُ: رِقَابَ النَّاسِ) أَيْ قَرِيبَ رِقَابِهِمْ وَإِلَّا فَهُوَ لَا يَتَخَطَّى إلَّا الْكَتِفَ اهـ. شَيْخُنَا وَالْمُرَادُ بِالرِّقَابِ الْجِنْسُ فَيُكْرَهُ تَخَطِّي رَقَبَةٍ أَوْ رَقَبَتَيْنِ اهـ. ح ل وَيُؤْخَذُ مِنْ التَّعْبِيرِ بِالرِّقَابِ أَنَّ الْمُرَادَ بِالتَّخَطِّي أَنْ يَرْفَعَ رِجْلَهُ بِحَيْثُ تُحَاذِي فِي تَخَطِّيهِ أَعْلَى مَنْكِبِ الْجَالِسِ وَعَلَيْهِ فَمَا يَقَعُ مِنْ الْمُرُورِ بَيْنَ النَّاسِ لِيَصِلَ إلَى نَحْوِ الصَّفِّ الْأَوَّلِ مَثَلًا لَيْسَ مِنْ التَّخَطِّي بَلْ مِنْ خَرْقِ الصُّفُوفِ إنْ لَمْ يَكُنْ ثَمَّ فُرَجٌ فِي الصُّفُوفِ يَمْشِي فِيهَا ع ش عَلَى م ر.

(قَوْلُهُ: رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ إلَخْ) عِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ؛ لِأَنَّهُ «- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَأَى رَجُلًا يَتَخَطَّى رِقَابَ النَّاسِ فَقَالَ لَهُ اجْلِسْ فَقَدْ آذَيْت وَآنَيْت» أَيْ تَأَخَّرْت، رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَاهُ انْتَهَتْ (قَوْلُهُ: إلَّا لِإِمَامٍ) وَكَالْإِمَامِ الرَّجُلُ الْمُعَظَّمُ فِي النُّفُوسِ لِصَلَاحٍ أَوْ وِلَايَةٍ؛ لِأَنَّ النَّاسَ يَتَبَرَّكُونَ بِهِ وَيُسَرُّونَ بِتَخَطِّيهِ سَوَاءٌ أَلِفَ مَوْضِعًا أَوْ لَا فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُعَظَّمًا لَمْ يَتَخَطَّ وَإِنْ كَانَ لَهُ مَحَلٌّ مَأْلُوفٌ وَكَالْإِمَامِ مَنْ جَلَسَ فِي مَمَرِّ النَّاسِ فَلَا يُكْرَهُ تَخَطِّيهِ وَكَذَا لَوْ سَبَقَ مَنْ لَا تَنْعَقِدُ بِهِمْ الْجُمُعَةُ كَالْعَبِيدِ وَالصِّبْيَانِ إلَى الْجَامِعِ وَتَوَقَّفَ سَمَاعُ أَرْكَانِ الْخُطْبَتَيْنِ عَلَى تَخَطِّي الْكَامِلِينَ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِمْ التَّخَطِّي بَلْ قَدْ تَجِبُ إقَامَتُهُمْ مِنْ مَحَلِّهِمْ إذَا تَوَقَّفَ ذَلِكَ عَلَيْهِ وَبِهِ يُقَيَّدُ قَوْلُهُمْ إذَا سَبَقَ الصَّبِيُّ إلَى الصَّفِّ الْأَوَّلِ لَا يُقَامُ مِنْ مَحَلِّهِ اهـ. ش م ر وَفِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ (تَنْبِيهٌ)

عُلِمَ مِمَّا ذُكِرَ أَنَّ التَّخَطِّيَ يُوجَدُ فِيهِ سِتَّةُ أَحْكَامٍ فَيَجِبُ إنْ تَوَقَّفَتْ الصِّحَّةُ عَلَيْهِ وَإِلَّا فَيَحْرُمُ مَعَ التَّأَذِّي وَيُكْرَهُ مَعَ عَدَمِ الْفُرْجَةِ أَمَامَهُ وَيُنْدَبُ فِي الْفُرْجَةِ الْقَرِيبَةِ لِمَنْ لَمْ يَجِدْ مَوْضِعًا وَفِي الْبَعِيدَةِ لِمَنْ يَرْجُو سَدَّهَا وَلَمْ يَجِدْ مَوْضِعًا، وَخِلَافُ الْأَوْلَى فِي الْقَرِيبَةِ لِمَنْ وَجَدَ مَوْضِعًا وَفِي الْبَعِيدَةِ لِمَنْ رَجَا سَدَّهَا وَوَجَدَ مَوْضِعًا عَلَى مَا تَقَدَّمَ وَيُبَاحُ فِي هَذِهِ لِمَنْ لَمْ يَجِدْ لَهُ مَوْضِعًا تَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ: وَمَنْ وَجَدَ فُرْجَةً) بِضَمِّ الْفَاءِ وَفَتْحِهَا وَيُقَالُ وَكَسْرِهَا وَهِيَ الْخَلَاءُ الظَّاهِرُ وَعَبَّرَ عَنْهَا فِي صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ بِقَوْلِهِ أَوْ وَجَدَ سَعَةً وَهُوَ أَنْ لَا يَكُونَ خَلَاءً وَيَكُونُ بِحَيْثُ لَوْ دَخَلَ بَيْنَهُمْ وَسِعَهُ فَلْيُحَرَّرْ هَلْ لِلْفَرْقِ فِي الْمَحَلَّيْنِ وَجْهٌ أَوْ لَا اهـ. شَوْبَرِيٌّ.

وَعِبَارَةُ الْبِرْمَاوِيِّ وَهِيَ خَلَاءٌ ظَاهِرٌ أَقَلُّهُ مَا يَسَعُ وَاقِفًا وَخَرَجَ بِهَا السَّعَةُ فَلَا يَتَخَطَّى لَهَا مُطْلَقًا اهـ.

وَحَاصِلُ الْمُعْتَمَدِ كَمَا فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ وَجَرَى عَلَيْهِ الْجَلَالِ أَنَّهُ إذَا وَجَدَ فُرْجَةً لَا يُكْرَهُ لَهُ التَّخَطِّي مُطْلَقًا أَيْ سَوَاءٌ كَانَتْ قَرِيبَةً أَوْ بَعِيدَةً رَجَا تَقَدُّمَ أَحَدٍ إلَيْهَا أَمْ لَا وَأَمَّا اسْتِحْبَابُ تَرْكِهِ فَإِذَا وَجَدَ مَوْضِعًا اُسْتُحِبَّ ذَلِكَ وَإِلَّا فَإِنْ رَجَا انْسِدَادَهَا فَكَذَلِكَ وَإِلَّا فَلَا يُسْتَحَبُّ تَرْكُهَا فَتَنَبَّهْ اهـ. شَوْبَرِيٌّ. وَقَوْلُهُ وَإِلَّا فَإِنْ رَجَا انْسِدَادَهَا فَكَذَلِكَ لَيْسَ فِيهِ شَيْءٌ؛ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَجِدْ مَوْضِعًا يَكُونُ مَعْذُورًا وَلَا بُدَّ وَإِلَّا فَمَاذَا يَفْعَلُ تَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ: وَاحِدٍ أَوْ اثْنَيْنِ) أَوْ صَفٍّ أَوْ صَفَّيْنِ اهـ. رَوْضٌ وَعَبَّرَ الشَّافِعِيُّ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ النَّوَوِيُّ فِي مَجْمُوعِهِ بِرَجُلٍ أَوْ رَجُلَيْنِ فَالْمُرَادُ

<<  <  ج: ص:  >  >>