للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَيَحْصُلَانِ مَعًا بِجَعْلِ الطَّرَفِ الْأَسْفَلِ الَّذِي عَلَى شِقِّهِ الْأَيْسَرِ عَلَى عَاتِقِهِ الْأَيْمَنِ وَالطَّرَفِ الْأَسْفَلِ الَّذِي عَلَى شِقِّهِ الْأَيْمَنِ عَلَى عَاتِقِهِ الْأَيْسَرِ وَالْحِكْمَةُ فِيهِمَا التَّفَاؤُلُ بِتَغَيُّرِ الْحَالِ إلَى الْخِصْبِ وَالسَّعَةِ (وَيَفْعَلُ النَّاسُ) وَهُمْ جُلُوسٌ (مِثْلَهُ) تَبَعًا لَهُ وَرَوَى الْإِمَامُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ «أَنَّ النَّاسَ حَوَّلُوا مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -» وَكُلُّ ذَلِكَ مَنْدُوبٌ قِيلَ وَالتَّحْوِيلُ خَاصٌّ بِالرَّجُلِ وَإِذَا فَرَغَ الْخَطِيبُ مِنْ الدُّعَاءِ أَقْبَلَ عَلَى النَّاسِ وَأَتَى بِبَقِيَّةِ الْخُطْبَةِ (وَيَتْرُكُ الرِّدَاءَ مُحَوَّلًا وَمُنَكَّسًا حَتَّى يَنْزِعَ الثِّيَابَ) لِأَنَّهُ لَمْ يُنْقَلْ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - غَيَّرَ رِدَائَه بَعْدَ التَّحْوِيلِ ثُمَّ مَحَلُّ التَّنْكِيسِ فِي الرِّدَاءِ الْمُرَبَّعِ لَا فِي الْمُدَوَّرِ وَالْمُثَلَّثِ

(وَلَوْ تَرَكَ) الْإِمَامُ (الِاسْتِسْقَاءَ فَعَلَهُ النَّاسُ) مُحَافَظَةً عَلَى السُّنَّةِ لَكِنَّهُمْ لَا يَخْرُجُونَ إلَى الصَّحْرَاءِ إذَا كَانَ الْوَالِي بِالْبَلَدِ حَتَّى يَأْذَنَ لَهُمْ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الشَّافِعِيِّ لِخَوْفِ الْفِتْنَةِ

(وَسُنَّ) لِكُلِّ أَحَدٍ (أَنْ يَبْرُزَ

ــ

[حاشية الجمل]

عَلَى عَاتِقِهِ وَهُوَ مَا بَيْنَ الْمَنْكِبِ وَالْعُنُقِ يُذَكَّرُ وَيُؤَنَّثُ وَهُوَ مَحَلُّ الرِّدَاءِ. اهـ. بِرْمَاوِيٌّ

(قَوْلُهُ وَيَحْصُلَانِ مَعًا) الْمُرَادُ مِنْ هَذِهِ الْعِبَارَةِ أَنَّ الطَّرَفَ الْأَعْلَى يَصِيرُ أَسْفَلَ وَالطَّرَفَ الْأَسْفَلَ يَصِيرُ أَعْلَى لِأَنَّ الظَّهْرَ يَصِيرُ بَطْنًا كَمَا يَعْلَمُ ذَلِكَ مَنْ اخْتَبَرَهُ مِمَّنْ لَهُ أَدْنَى تَأَمُّلٍ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ

(قَوْلُهُ التَّفَاؤُلُ) فِي الْمُخْتَارِ الْفَأْلُ أَنْ يَكُونَ الرَّجُلُ مَرِيضًا فَيَسْمَعُ آخَرَ يَقُولُ يَا سَالِمَ أَوْ يَكُونَ طَالِبًا فَيَسْمَعُ آخَرُ يَقُولُ يَا وَاجِدَ يُقَالُ تَفَأَّلَ بِكَذَا بِالتَّشْدِيدِ وَفِي الْحَدِيثِ «أَنَّهُ كَانَ يُحِبُّ الْفَأْلَ وَيَكْرَهُ الطِّيَرَةَ» اهـ. وَفِيهِ أَيْضًا وَالْخِصْبُ ضِدُّ الْجَدْبِ اهـ وَقَوْلُهُ وَالسَّعَةُ بِفَتْحِ السِّينِ عَلَى الْأَفْصَحِ وَبِهَا جَاءَ التَّنْزِيلُ وَالْكَسْرُ لُغَةٌ قَلِيلَةٌ وَقَدْ نَظَّمَ ذَلِكَ الْعَلَّامَةُ الدَّنَوْشَرِيُّ فَقَالَ

وَسَعَةٌ بِالْفَتْحِ فِي الْأَوْزَانِ ... وَالْكَسْرُ مَحْكِيٌّ عَنْ الصَّاغَانِيِّ

اهـ. ع ش عَلَى م ر وَفِي الْمُخْتَارِ وَسِعَهُ الشَّيْءُ بِالْكَسْرِ يَسَعُهُ بِالْفَتْحِ وَالْوُسْعُ وَالسَّعَةُ بِالْفَتْحِ الْجِدَّةُ وَالطَّاقَةُ يُقَالُ {لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ} [الطلاق: ٧] أَيْ عَلَى قَدْرِ سَعَتِهِ وَأَوْسَعَ الرَّجُلُ صَارَ ذَا سَعَةٍ وَغِنًى وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى {وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ} [الذاريات: ٤٧] أَيْ أَغْنِيَاءُ قَادِرُونَ وَيُقَالُ أَوْسَعَ اللَّهُ عَلَيْك أَيْ أَغْنَاك وَالتَّوْسِيعُ خِلَافُ التَّضْيِيقِ تَقُولُ وَسَّعَ الشَّيْءُ فَاتَّسَعَ وَاسْتَوْسَعَ أَيْ صَارَ وَاسِعًا وَتَوَسَّعُوا فِي الْمَجْلِسِ تَفَسَّحُوا وَ (يَسَعُ) اسْمٌ مِنْ أَسْمَاءِ الْعَجَمِ وَقَدْ أُدْخِلَ عَلَيْهِ الْأَلِفُ وَاللَّامُ وَهُمَا لَا يَدْخُلَانِ عَلَى نَظَائِرِهِ نَحْوَ يَعْمُرُ وَيَزِيدُ وَيَشْكُرُ إلَّا فِي ضَرُورَةِ الشِّعْرِ وَقُرِئَ وَ (الْيَسْعَ) وَاللَّيَسَعَ بِلَامَيْنِ اهـ.

(قَوْلُهُ بِتَغَيُّرِ الْحَالِ) أَيْ بِتَغْيِيرِهِ سُبْحَانَهُ الْحَالَ فَهُوَ مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ إلَى مَفْعُولِهِ. اهـ. ع ش

(قَوْلُهُ قِيلَ وَالتَّحْوِيلُ خَاصٌّ بِالرَّجُلِ) عِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَاسْتِحْبَابُ التَّحْوِيلِ خَاصٌّ بِالرَّجُلِ دُونَ الْمَرْأَةِ وَالْخُنْثَى جَزَمَ بِهِ ابْنُ كَيِّنٍ وَهُوَ مُتَّجَهٌ وَإِنْ لَمْ أَقِفْ عَلَى مَأْخَذِهِ اهـ.

(قَوْلُهُ أَيْضًا قِيلَ وَالتَّحْوِيلُ إلَخْ) قَائِلُهُ ابْنُ كَيِّنٍ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ

(قَوْلُهُ وَيُتْرَكُ) بِضَمِّ أَوَّلِهِ الرِّدَاءُ أَيْ رِدَاءُ الْخَطِيبِ وَالنَّاسِ حَتَّى تُنْزَعَ الثِّيَابُ أَيْ عِنْدَ رُجُوعِهِمْ إلَى مَنَازِلِهِمْ اهـ. شَرْحُ م ر

(قَوْلُهُ حَتَّى تُنْزَعَ الثِّيَابُ) أَيْ بِالْفِعْلِ أَوْ بِالْعَوْدِ إلَى مَحَلِّ نَزْعِهَا اهـ. بِرْمَاوِيٌّ

(قَوْلُهُ ثُمَّ مَحَلُّ التَّنْكِيسِ إلَخْ) لَعَلَّ مُرَادَهُ بِهِ الْمَصْحُوبُ بِالتَّحْوِيلِ لِأَنَّ الْخَالِيَ عَنْهُ يَتَأَتَّى فِي الْمُثَلَّثِ وَالْمُدَوَّرِ اهـ.

وَعِبَارَةُ أَصْلِهِ مَعَ شَرْحِ م ر وَيُحَوِّلُ رِدَاءَهُ إلَى أَنْ قَالَ وَيُنَكِّسَهُ فِي الْجَدِيدِ ثُمَّ قَالَ وَالْقَدِيمُ لَا يُسْتَحَبُّ ذَلِكَ أَيْ التَّنْكِيسُ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَفْعَلْهُ ثُمَّ قَالَ وَالْخِلَافُ فِي الرِّدَاءِ الْمُرَبَّعِ أَمَّا الْمُدَوَّرُ وَالْمُثَلَّثُ فَلَيْسَ فِيهِمَا إلَّا التَّحْوِيلُ قَطْعًا وَكَذَا الطَّوِيلُ وَمُرَادُ مَنْ عَبَّرَ بِعَدَمِ تَأَتِّي ذَلِكَ تَعَسُّرُهُ لَا تَعَذُّرُهُ انْتَهَتْ

(قَوْلُهُ لَا فِي الْمُدَوَّرِ وَالْمُثَلَّثِ) أَيْ فَإِنَّ الْمَطْلُوبَ فِيهِمَا لَيْسَ إلَّا التَّحْوِيلُ اهـ. ح ل

(قَوْلُهُ وَلَوْ تَرَكَ الْإِمَامُ الِاسْتِسْقَاءَ) أَيْ أَوْ لَمْ يَكُنْ إمَامٌ وَلَا مَنْ يَقُومُ مَقَامَهُ كَمَا مَرَّ اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ

(قَوْلُهُ فَعَلَهُ النَّاسُ) أَيْ الْبَالِغُونَ الْكَامِلُونَ أَيْ جَمِيعُ أَهْلِ الْبَلَدِ مِمَّنْ ذُكِرَ لِأَنَّهَا سُنَّةُ عَيْنٍ فَلَا يَسْقُطُ طَلَبُهَا بِفِعْلِ بَعْضِهِمْ كَمَا قَالَهُ عِ ش وَعِبَارَتُهُ عَلَى شَرْحِ م ر قَوْلُهُ فَعَلَهُ النَّاسُ أَيْ الْبَالِغُونَ الْكَامِلُونَ لِأَنَّهَا سُنَّةُ عَيْنٍ فَلَا يَسْقُطُ طَلَبُهَا بِفِعْلِ بَعْضِهِمْ وَإِنْ كَانَ بَالِغًا عَاقِلًا لِأَنَّ ذَلِكَ إنَّمَا يُقَالُ فِي سُنَنِ الْكِفَايَةِ وَهَذِهِ سُنَّةُ عَيْنٍ انْتَهَتْ

(قَوْلُهُ لَكِنَّهُمْ لَا يَخْرُجُونَ إلَخْ) هَلْ الْمُرَادُ يُكْرَهُ الْخُرُوجُ أَمْ يَحْرُمُ وَيُتَّجَهُ أَنَّهُ يُكْرَهُ مَا لَمْ يَظُنُّوا حُصُولَ الْفِتْنَةِ فَيَحْرُمُ فَلْيُتَأَمَّلْ قَالَ الشَّيْخُ وَذَكَرَ عَنْ شَرْحِ الرَّوْضِ التَّصْرِيحَ بِالْكَرَاهَةِ اهـ. شَوْبَرِيٌّ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُمْ حَيْثُ فَعَلُوهَا فِي الْبَلَدِ خَطَبُوا وَلَوْ بِلَا إذْنٍ وَلَعَلَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ بَلْ مَتَى خَافُوا الْفِتْنَةَ لَمْ يَخْطُبُوا إلَّا بِإِذْنٍ اهـ. ع ش عَلَى م ر

(فَائِدَةٌ) مِنْ مُتَعَلِّقَاتِ هَذَا الْبَابِ أَنَّهُ يُسَنُّ لِكُلِّ مَنْ حَضَرَ الِاسْتِسْقَاءَ أَنْ يَسْتَشْفِعَ إلَى اللَّهِ تَعَالَى سِرًّا بِخَالِصِ عَمَلٍ يَتَذَكَّرُهُ لِخَبَرِ الَّذِينَ أَوَوْا إلَى الْغَارِ وَبِأَهْلِ الصَّلَاحِ لَا سِيَّمَا مَنْ كَانَ مِنْهُمْ مِنْ أَقَارِبِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اهـ شَرْحُ م ر وَقَوْلُهُ «لِخَبَرِ الَّذِينَ أَوَوْا إلَى الْغَارِ كَانُوا ثَلَاثَةً خَرَجُوا يَرْتَادُونَ لِأَهْلِهِمْ أَيْ يَطْلُبُونَ لَهُمْ الْكَلَأَ وَنَحْوَهُ فَأَخَذَتْهُمْ السَّمَاءُ فَأَوَوْا إلَى كَهْفٍ فَانْحَطَّتْ صَخْرَةٌ وَسَدَّتْ بَابَهُ فَقَالَ أَحَدُهُمْ اُذْكُرُوا، أَيُّكُمْ عَمِلَ حَسَنَةً؛ لَعَلَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى يَرْحَمُنَا بِبَرَكَتِهِ فَقَالَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ اسْتَعْمَلْت أُجَرَاءَ ذَاتَ يَوْمٍ فَجَاءَ رَجُلٌ وَسَطَ النَّهَارِ وَعَمِلَ فِي بَقِيَّتِهِ مِثْلَ عَمَلِهِمْ فَأَعْطَيْته مِثْلَ أُجُورِهِمْ فَغَضِبَ أَحَدُهُمْ وَتَرَكَ أَجْرَهُ فَوَضَعْته فِي جَانِبِ الْبَيْتِ ثُمَّ مَرَّ بِي بَقَرٌ فَاشْتَرَيْت بِهِ فَصِيلَةً فَبَلَغَتْ مَا شَاءَ اللَّهُ فَرَجَعَ إلَيَّ بَعْدَ حِينٍ شَيْخًا ضَعِيفًا لَا أَعْرِفُهُ وَقَالَ إنَّ لِي عِنْدَك حَقًّا وَذَكَرَهُ حَتَّى عَرَفْته فَدَفَعَهُ إلَيْهِ جَمِيعًا اللَّهُمَّ إنْ كُنْت فَعَلْت ذَلِكَ لِوَجْهِك فَافْرِجْ عَنَّا فَانْصَدَعَ الْجَبَلُ حَتَّى رَأَوْا الضَّوْءَ وَقَالَ

<<  <  ج: ص:  >  >>