وَامْتِدَادِ جِلْدَةِ وَجْهٍ وَمَيْلِ أَنْفٍ وَانْخِلَاعِ كَفٍّ فَإِنْ شُكَّ فِي مَوْتِهِ أُخِّرَ ذَلِكَ حَتَّى يُتَيَقَّنَ بِتَغْيِيرِ رَائِحَةٍ أَوْ غَيْرِهِ
(وَتَجْهِيزُهُ) أَيْ الْمَيِّتِ الْمُسْلِمِ غَيْرِ الشَّهِيدِ بِغُسْلِهِ وَتَكْفِينِهِ وَحَمْلِهِ وَالصَّلَاةِ عَلَيْهِ وَدَفْنِهِ
ــ
[حاشية الجمل]
الْمَبِيعَ وَتَلِفَ فِي يَدِهِ وَلَمْ يُوفِ بَدَلَهُ أَمَّا مَا قُبِضَ بِالْمُعَامَلَةِ الْفَاسِدَةِ وَقَبَضَ كُلٌّ مِنْ الْعَاقِدَيْنِ مَا وَقَعَ عَلَيْهِ الْعَقْدُ فَفِي الدُّنْيَا يَجِبُ عَلَى كُلٍّ أَنْ يَرُدَّ مَا قَبَضَهُ إنْ كَانَ بَاقِيًا وَبَدَلَهُ إنْ كَانَ تَالِفًا وَلَا مُطَالَبَةَ لِأَحَدٍ مِنْهُمَا فِي الْآخِرَةِ لِحُصُولِ الْقَبْضِ بِالتَّرَاضِي نَعَمْ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا إثْمُ الْإِقْدَامِ عَلَى الْعَقْدِ الْفَاسِدِ اهـ. ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ وَامْتِدَادِ جِلْدَةِ وَجْهٍ) عِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَانْخِفَاضُ صُدْغِهِ انْتَهَتْ (قَوْلُهُ فَإِنْ شُكَّ فِي مَوْتِهِ أُخِّرَ ذَلِكَ) أَيْ وُجُوبًا اهـ. شَرْحُ م ر وَيَنْبَغِي أَنَّ الَّذِي يَجِبُ تَأْخِيرُهُ هُوَ الدَّفْنُ دُونَ الْغُسْلِ وَالتَّكْفِينِ فَإِنَّهُمَا بِتَقْدِيرِ حَيَاتِهِ لَا ضَرَرَ فِيهِمَا نَعَمْ إنْ خِيفَ مِنْهُمَا ضَرَرٌ بِتَقْدِيرِ حَيَاتِهِ امْتَنَعَ فِعْلُهُمَا اهـ. عِ ش عَلَيْهِ (قَوْلُهُ أُخِّرَ ذَلِكَ) أَيْ وُجُوبًا لِاحْتِمَالِ إغْمَاءٍ أَوْ نَحْوِهِ
(فَائِدَةٌ) حَكَى ابْنُ عَسَاكِرَ أَنَّ يَعْقُوبَ الْمَاجِشُونِ جَدَّ عَبْدِ الْمَلِكِ لَمَّا وُضِعَ عَلَى السَّرِير لِيُغَسَّلَ وَاجْتَمَعَ النَّاسُ لِلصَّلَاةِ عَلَيْهِ فَوَجَدَ الْغَاسِلُ تَحْتَ رِجْلَيْهِ عِرْقًا يَتَحَرَّكُ فَقَالَ أَرَى أَنْ يُؤَخَّرَ غُسْلُهُ إلَى غَدٍ فَلَمَّا أَصْبَحُوا جَاءَ النَّاسُ لِلصَّلَاةِ عَلَيْهِ فَوَجَدَهُ كَذَلِكَ فَصَرَفَ عَنْهُ النَّاسَ ثُمَّ كَذَلِكَ فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ ثُمَّ اسْتَوَى جَالِسًا وَقَالَ اسْقُونِي فَسَقَوْهُ فَسَأَلُوهُ عَنْ حَالِهِ فَقَالَ عُرِجَ بِرُوحِي إلَى سَمَاءِ الدُّنْيَا فَفُتِحَ لِي الْبَابُ ثُمَّ كَذَلِكَ إلَى السَّمَاءِ السَّابِعَةِ فَقِيلَ لِلْمَلَكِ الَّذِي عَرَجَ بِي مَنْ مَعَك فَقَالَ الْمَاجِشُونُ فَقِيلَ إنَّهُ بَقِيَ مِنْ عُمُرِهِ كَذَا كَذَا سَنَةً وَكَذَا كَذَا شَهْرًا وَكَذَا كَذَا يَوْمًا وَكَذَا كَذَا سَاعَةً ثُمَّ هَبَطَ بِي فَرَأَيْت النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَبَا بَكْرٍ عَنْ يَمِينِهِ وَعَلِيًّا عَنْ يَسَارِهِ وَعُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ بَيْنَ يَدَيْهِ فَقُلْت لِلْمَلَكِ الَّذِي مَعِي إنَّهُ قَرِيبُ الْمَنْزِلَةِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ إنَّهُ عَمِلَ بِالْحَقِّ فِي زَمَنِ الْجَوْرِ وَهُمَا عَمِلَا بِالْحَقِّ فِي زَمَنِ الْحَقِّ. اهـ. بِرْمَاوِيٌّ
(قَوْلُهُ وَتَجْهِيزُهُ فَرْضُ كِفَايَةٍ) أَيْ وَإِنْ تَكَرَّرَ مَوْتُهُ بَعْدَ حَيَاتِهِ حَقِيقَةً وَيَحْرُمُ تَرْكُهُ عَلَى مَنْ عَلِمَ بِهِ وَلَوْ غَيْرَ قَرِيبٍ وَعَلَى جَارٍ قَصَّرَ فِي عِلْمِهِ بِعَدَمِ الْبَحْثِ عَنْهُ
(تَنْبِيهٌ) مَشْرُوعِيَّةُ الْغُسْلِ وَالْحَنُوطِ وَالسِّدْرِ وَالْكَافُورِ وَكَوْنَ الثِّيَابِ وِتْرًا وَالصَّلَاةِ وَالدَّفْنِ بِهَذِهِ الْكَيْفِيَّاتِ مِنْ خَصَائِصِ هَذِهِ الْأُمَّةِ فَلَا تَعَارُضَ أَنَّ الْمَلَائِكَةَ غَسَّلَتْ آدَمَ وَصَلَّتْ عَلَيْهِ وَقَالَتْ لِبَنِيهِ هَذِهِ سُنَّتُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ وَبَحَثَ م ر أَنَّهُمْ صَرَّحُوا بِأَنَّ تَجْهِيزَهُ مِنْ صَلَاةٍ وَغُسْلٍ وَكَفَنٍ وَدَفْنٍ وَحَمْلٍ يَتَعَيَّنُ بِالشُّرُوعِ فَلَيْسَ لِمَنْ شَرَعَ فِيهِ تَرْكُهُ عَمْدًا وَاعْتَمَدَ م ر ذَلِكَ وَقَالَ لَا يَجُوزُ تُرْكُهُ وَإِنْ قَامَ غَيْرُهُ مَقَامَهُ كَأَنْ يَتْرُكَ الْحَفْرَ لِمَنْ يُكَمِّلَهُ مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَى تَكْمِيلِهِ فَلَا يَجُوزُ قَالَ نَعَمْ إنْ تَرَكَ الْحَمْلَ لِمَنْ يَحْمِلُ تَبَرُّكًا يَنْبَغِي أَنْ يَجُوزَ اهـ. فَلْيُتَأَمَّلْ وَلْيُرَاجَعْ فَإِنَّهُ لَا يَبْعُدُ أَنْ يَكُونَ مُرَادُهُمْ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ التَّرْكُ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ مَنْ يَقُومُ مَقَامَهُ فِي تَكْمِيلِ مَا شَرَعَ فِيهِ فَيَجُوزُ نَعَمْ الصَّلَاةُ لَا يَجُوزُ قَطْعُهَا مُطْلَقًا فَلْيُحَرَّرْ فَإِنَّ مَا بَحَثْنَاهُ هُوَ الْأَوْجَهُ الظَّاهِرُ الْمُتَعَيِّنُ.
وَأَقُولُ بَعْدُ فِيهِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ مَنْ يَقُومُ مَقَامَهُ فَهُوَ مُتَعَيِّنٌ قَبْلَ الشُّرُوعِ ثُمَّ قَيَّدَ م ر امْتِنَاعَ التَّرْكِ بَعْدَ الشُّرُوعِ بِمَا إذَا كَانَ فِيهِ إزْرَاءٌ بِالْمَيِّتِ بِأَنْ كَانَ تَرْكُهُ عَلَى وَجْهِ التَّهَاوُنِ بِهِ وَعَدَمِ الِاعْتِبَارِ بِهِ وَبِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ عُذْرٌ فَلْيُتَأَمَّلْ وَقَدْ تَصِيرُ هَذِهِ الْأُمُورُ فَرْضَ عَيْنٍ بِأَنْ لَمْ يَعْلَمْ بِحَالِ الْمَيِّتِ إلَّا وَاحِدٌ وَلَمْ يَكُنْ ثَمَّ غَيْرُهُ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ فِي السِّيَرِ فَيَصِيرُ ذَلِكَ مِنْ فُرُوضِ الْأَعْيَانِ بِالْخُصُوصِ وَمِنْ فُرُوضِ الْكِفَايَاتِ بِالْعُمُومِ وَقَضِيَّةُ إطْلَاقِ الْمُصَنِّفِ وَغَيْرِهِ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْنَا تَحْصِيلُ مَا يُغَسَّلُ بِهِ بِشِرَاءٍ أَوْ غَيْرِهِ حَضَرًا أَوْ سَفَرًا فِي فَتَاوَى الْبَغَوِيّ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ مَاءٌ يُيَمِّمُهُ الرُّفْقَةُ وَلَا يَلْزَمُهُمْ شِرَاءُ الْمَاءِ وَإِنْ كَانَ ثَمَنُهُ فَاضِلًا عَنْ حَاجَاتِهِمْ أَوْ كَانَ مَعَهُمْ مَاءٌ فَاضِلٌ لَا يَجِبُ عَلَى الرَّفِيقِ بَذْلُهُ لِغُسْلِ الْمَيِّتِ لِأَنَّ لَهُ بَدَلًا وَهُوَ التَّيَمُّمُ كَمَا لَا يَجِبُ فِي الْحَيَاةِ لِأَجْلِ الطَّهَارَةِ وَجَزَمَ بِأَنَّهُ يَبْذُلُ الْكَفَنَ وَلَوْ مَجَّانًا لِأَنَّهُ لَا بَدَلَ لَهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَلَعَلَّ مَا ذَكَرَهُ فِي التَّيَمُّمِ خَاصٌّ بِالسَّفَرِ إنْ سَلِمَ لَهُ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ عِنْدَهُ وَهُوَ الْأَقْرَبُ إلَى كَلَامِهِ اهـ. كَذَا فِي النَّاشِرِيِّ وَلَعَلَّ وَجْهَ إطْلَاقِ الْبَغَوِيّ أَنَّهُ يَجْعَلُ الْمَيِّتَ كَالْحَيِّ وَالْحَيُّ لَا يَجِبُ عَلَى غَيْرِهِ بَذْلُ الْمَاءِ لِطَهَارَتِهِ وَتَصِحُّ طَهَارَتُهُ بِالتُّرَابِ مَعَ وُجُودِ الْمَاءِ مَعَ غَيْرِهِ الْمُمْتَنِعِ مِنْ بَذْلِهِ لَهُ فَلْيُتَأَمَّلْ لَكِنْ مَا ذَكَرَهُ أَوَّلًا مِنْ أَنَّهُمْ لَا يَلْزَمُهُمْ الشِّرَاءُ وَإِنْ كَانَ ثَمَنُهُ فَاضِلًا قَدْ يُشْكِلُ إلَّا أَنْ يُقَالَ لَمَّا كَانَ لَهُ بَدَلٌ سُومِحَ وَلَمْ يَجِبْ عَلَيْهِمْ وَبِهَذَا اعْتَذَرَ م ر بَدِيهَةً ثُمَّ مَالَ إلَى اللُّزُومِ وَأَنَّ مَا قَالَهُ الْبَغَوِيّ مَبْنِيٌّ عَلَى قَوْلِهِ أَنَّ السَّيِّدَ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ فِي السَّفَرِ أَنْ يَشْتَرِيَ لِرَفِيقِهِ مَاءَ الطَّهَارَةِ وَالْأَوْجَهُ خِلَافُهُ اهـ.
قَالَ فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ وَهَلْ الْمُخَاطَبُ بِهَذِهِ الْفُرُوضِ أَقَارِبُ الْمَيِّتِ ثُمَّ عِنْدَ عَجْزِهِمْ أَوْ غَيْبَتِهِمْ الْأَجَانِبُ أَوْ الْكُلُّ مُخَاطَبُونَ مِنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute