أَوْ سَخِيفٍ لِأَنَّهُ أَسْتَرُ لَهُ وَأَلْيَقُ وَقَدْ «غُسِّلَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي قَمِيصٍ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ وَيُدْخِلُ الْغَاسِلُ يَدَهُ فِي كُمِّهِ إنْ كَانَ وَاسِعًا وَيُغَسِّلُهُ مِنْ تَحْتِهِ وَإِنْ كَانَ ضَيِّقًا فَتَقَ رُءُوسَ الدَّخَارِيصِ وَأَدْخَلَ يَدَهُ فِي مَوْضِعِ الْفَتْقِ فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ قَمِيصٌ أَوْ لَمْ يَتَأَتَّ غُسْلُهُ فِيهِ سَتَرَ مِنْهُ مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ (عَلَى مُرْتَفِعٍ) كَلَوْحٍ لِئَلَّا يُصِيبَهُ الرَّشَّاشُ.
وَلْيَكُنْ مَحَلُّ رَأْسِهِ أَعْلَى لِيَنْحَدِرَ الْمَاءُ عَنْهُ وَتَعْبِيرِي بِمُرْتَفِعٍ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِلَوْحٍ (بِمَاءٍ بَارِدٍ) لِأَنَّهُ يَشُدُّ الْبَدَنَ بِخِلَافِ الْمُسَخَّنِ لِأَنَّهُ يُرْخِيهِ (إلَّا لِحَاجَةٍ) إلَيْهِ كَوَسَخٍ وَبَرْدٍ وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِي وَأَنْ يَكُونَ الْمَاءُ فِي إنَاءٍ كَبِيرٍ وَيَبْعُدُ عَنْ الْمُغْتَسِلِ بِحَيْثُ لَا يُصِيبُهُ رَشَاشُهُ (وَ) أَنْ (يُجْلِسَهُ الْغَاسِلُ) عَلَى الْمُرْتَفِعِ بِرِفْقٍ (مَائِلًا إلَى وَرَائِهِ وَيَضَعَ يَمِينَهُ عَلَى كَتِفِهِ وَإِبْهَامَهُ بِنُقْرَةِ قَفَاهُ) لِئَلَّا يَمِيلَ رَأْسُهُ (وَيُسْنِدَ ظَهْرَهُ بِرُكْبَتِهِ الْيُمْنَى وَيُمِرَّ يَسَارَهُ عَلَى بَطْنِهِ بِمُبَالَغَةٍ) لِيَخْرُجَ مَا فِيهِ مِنْ الْفَضَلَاتِ وَيَكُونَ عِنْدَهُ حِينَئِذٍ مِجْمَرَةٌ مُتَّقِدَةٌ فَائِحَةٌ بِالطِّيبِ وَالْمُعِينُ يَصُبُّ عَلَيْهِ مَاءً كَثِيرًا لِئَلَّا تَظْهَرَ رَائِحَةٌ مِمَّا يَخْرُجُ.
(ثُمَّ يُضْجِعَهُ لِقَفَاهُ وَيَغْسِلَ بِخِرْقَةٍ) مَلْفُوفَةٍ (عَلَى يَسَارِهِ سَوْأَتَيْهِ) أَيْ دُبُرَهُ وَقُبُلَهُ وَمَا حَوْلَهُمَا كَمَا يَسْتَنْجِي الْحَيُّ وَيَغْسِلَ مَا عَلَى بَدَنِهِ مِنْ قَذَرٍ وَنَحْوِهِ (ثُمَّ) بَعْدَ إلْقَاءِ الْخِرْقَةِ وَغَسْلِ يَدَيْهِ بِمَاءٍ وَأُشْنَانٍ (يَلُفُّ) خِرْقَةً (أُخْرَى) عَلَى الْيَدِ (وَيُنَظِّفَ أَسْنَانَهُ وَمَنْخَرَيْهِ) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَالْخَاءِ وَكَسْرِهِمَا وَضَمِّهِمَا وَفَتْحِ الْمِيمِ وَكَسْرِ الْخَاءِ وَهِيَ أَشْهَرُ
ــ
[حاشية الجمل]
عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَمْسَةٌ وَثَلَاثُونَ حَدِيثًا وَرَوَى عَنْهُ ابْنَاهُ عَبْدُ اللَّهِ وَكَثِيرٌ وَغَيْرُهُمَا الْمُتَوَفَّى بِالْمَدِينَةِ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ ثَانِي عَشْرَ رَجَبٍ وَقِيلَ رَمَضَانَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ أَوْ أَرْبَعٍ وَثَلَاثِينَ وَهُوَ ابْنُ ثَمَانٍ وَثَمَانِينَ سَنَةً وَدُفِنَ بِالْبَقِيعِ وَقَبْرُهُ هُنَاكَ مَشْهُورٌ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ أَوْ سَخِيفٌ) عِبَارَةُ الْمِصْبَاحِ سَخُفَ الثَّوْبُ سُخْفًا وِزَانُ قَرُبَ قُرْبًا وَسَخَافَةً بِالْفَتْحِ رَقَّ لِقِلَّةِ غَزْلِهِ فَهُوَ سَخِيفٌ وَمِنْهُ رَجُلٌ سَخِيفٌ وَفِي عَقْلِهِ سُخْفٌ أَيْ نَقْصٌ انْتَهَى اهـ. ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ وَقَدْ غُسِّلَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي قَمِيصٍ) أَيْ فِي قَمِيصِهِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ وَذَلِكَ لَمَّا اخْتَلَفَتْ الصَّحَابَةُ فِي غُسْلِهِ هَلْ نُغَسِّلُهُ فِي ثِيَابِهِ أَمْ نُجَرِّدُهُ فَغَشِيَهُمْ النُّعَاسُ وَسَمِعُوا هَاتِفًا مِنْ دَاخِلِ الْبَيْتِ لَا تُجَرِّدُوا رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَفِي رِوَايَةٍ غَسِّلُوهُ فِي قَمِيصِهِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ اهـ. شَرْحُ م ر فَإِنْ قُلْت الْهَاتِفُ بِمُجَرَّدِهِ لَا يَثْبُتُ بِهِ حُكْمٌ قُلْت يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ انْضَمَّ إلَى ذَلِكَ اجْتِهَادٌ مِنْهُمْ بَعْدَ سَمَاعِ الْهَاتِفِ فَاسْتَحْسَنُوا ذَلِكَ الْفِعْلَ وَأَجْمَعُوا عَلَيْهِ فَالِاسْتِدْلَالُ إنَّمَا هُوَ بِإِجْمَاعِهِمْ لَا بِسَمَاعِ الْهَاتِفِ اهـ. ع ش عَلَيْهِ.
(قَوْلُهُ فَتَقَ رُءُوسَ الدَّخَارِيصِ) جَمْعُ دِخْرِيصٍ بِالْكَسْرِ وَهِيَ الْمُسَمَّاةُ بِالنَّيَافِقِ اهـ. شَيْخُنَا وَفِي الْمُخْتَارِ الدِّخْرِيصُ بِالْكَسْرِ وَاحِدُ دَخَارِيصَ الْقَمِيصُ اهـ. وَتَرَدَّدَ ابْنُ الْأُسْتَاذِ فِي أَنَّهُ هَلْ يُشْتَرَطُ فِي الْفَتْقِ إذْنُ الْوَارِثِ أَوْ لَا يَحْتَاجُ إلَى إذْنٍ تَحْقِيقًا لِلْغَرَضِ الْمَقْصُودِ فِي صِيَانَتِهِ عَنْ الْعُيُونِ فَصَارَ كَالثَّوْبِ الثَّانِي وَالثَّالِثِ فِي الْكَفَنِ اهـ. شَوْبَرِيٌّ.
وَعِبَارَةُ عِ ش وَلَا يَحْتَاجُ لِإِذْنِ الْوَارِثِ اكْتِفَاءً بِإِذْنِ الشَّارِعِ وَلِمَا فِيهِ مِنْ الْمَصْلَحَةِ لِلْمَيِّتِ مِنْ عَدَمِ كَشْفِ عَوْرَتِهِ اهـ. بِحُرُوفِهِ (قَوْلُهُ عَلَى مُرْتَفِعٍ) وَيَكُونُ عَلَيْهِ مُسْتَلْقِيًا كَاسْتِلْقَاءِ الْمُحْتَضَرِ لِكَوْنِهِ أَمْكَنَ لِغُسْلِهِ اهـ. شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ كَلَوْحٍ) رُوِيَ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - غُسِّلَ عَلَى سَرِيرٍ وَاسْتَمَرَّ إلَى أَنْ غُسِّلَ عَلَيْهِ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ وَحُمِلَ عَلَيْهِ إلَى الْمَقْبَرَةِ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَثَلَاثِينَ وَمِائَتَيْنِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ بِمَاءٍ بَارِدٍ) وَالْأَوْلَى أَنْ يَكُونَ مِلْحًا اهـ. شَرْحُ م ر وَقَوْلُهُ مِلْحًا أَيْ أَصَالَةً فَلَا يُنْدَبُ مَزْجُ الْعَذْبِ بِالْمِلْحِ اهـ. ع ش عَلَيْهِ (قَوْلُهُ وَبَرْدٍ) أَيْ وَلَوْ لِلْغَاسِلِ بِأَنْ كَانَ يَتَأَذَّى بِشِدَّةِ بَرْدِهِ فَيَكُونُ أَوْلَى وَلَا يُبَالِغُ فِي تَسْخِينِهِ لِئَلَّا يُسْرِعَ إلَيْهِ الْفَسَادُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُغَسَّلَ بِمَاءِ زَمْزَمَ نَظَرًا لِلْقَوْلِ بِنَجَاسَةِ الْمَيِّتِ اهـ. ح ل فَالْغُسْلُ بِهِ خِلَافُ الْأَوْلَى اهـ. ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ بِحَيْثُ لَا يُصِيبُهُ رَشَاشُهُ) أَيْ فَيُقَذِّرُهُ أَوْ يَصِيرُ مُسْتَعْمَلًا وَالْأَوْلَى أَنْ يَعُدَّ مَعَهُ إنَاءَيْنِ آخَرَيْنِ صَغِيرًا وَمُتَوَسِّطًا يَغْرِفُ بِالصَّغِيرِ مِنْ الْكَبِيرِ وَيَصُبُّهُ فِي الْمُتَوَسِّطِ ثُمَّ يَغْسِلُ بِالْمُتَوَسِّطِ قَالَهُ فِي الْمَجْمُوعِ اهـ. شَرْحُ م ر.
(قَوْلُهُ بِمُبَالَغَةٍ) أَيْ تَكْرِيرٍ مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ مَعَ نَوْعِ تَحَامُلٍ لَا مَعَ شِدَّتِهِ لِأَنَّ احْتِرَامَ الْمَيِّتِ وَاجِبٌ قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ اهـ. شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ وَيَكُونُ عِنْدَهُ مِجْمَرَةٌ إلَخْ) وَفِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْأَصْحَابِ أَنَّهُ يُبَخَّرُ عِنْدَهُ مِنْ حِينِ الْمَوْتِ لِاحْتِمَالِ ظُهُورِ شَيْءٍ فَتَغْلِبُهُ رَائِحَةُ الْبَخُورِ اهـ. ح ل وَمِثْلُهُ شَرْحُ م ر وَقَوْلُهُ لِاحْتِمَالِ ظُهُورِ شَيْءٍ إلَخْ يُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ كَانَ فِي مَحَلٍّ وَحْدَهُ لَا يُسَنُّ ذَلِكَ مَا دَامَ وَحْدَهُ إلَّا أَنْ يُقَالَ الْمَلَائِكَةُ تَحْضُرُ عِنْدَ الْمَيِّتِ فَتَنْزِلُ الرَّحْمَةُ عِنْدَهُمْ وَهُمْ يَتَأَذَّوْنَ بِالرَّائِحَةِ الْخَبِيثَةِ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِهِ خَالِيًا أَمْ لَا اهـ. ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ مِجْمَرَةٌ) بِكَسْرِ الْمِيمِ الْأُولَى أَيْ مِبْخَرَةٌ بِكَسْرِ الْمِيمِ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ ثُمَّ يُضْجِعُهُ لِقَفَاهُ) فِي تَعْبِيرِهِ بِالْإِضْجَاعِ تَجَوُّزٌ وَحَقِيقَتُهُ أَنْ يُلْقِيَهُ عَلَى قَفَاهُ فَفِي الْمُخْتَارِ ضَجَعَ الرَّجُلُ وَضَعَ جَنْبَهُ بِالْأَرْضِ وَبَابُهُ قَطَعَ وَخَضَعَ فَهُوَ ضَاجِعٌ وَأَضْجَعَ مِثْلُهُ وَأَضْجَعَهُ غَيْرُهُ اهـ. عِ ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ وَيُغَسِّلُ بِخِرْقَةٍ عَلَى يَسَارِهِ سَوْأَتَيْهِ) وَيَتَتَبَّعُ بِعُودٍ لَيِّنٍ مَا تَحْتَ أَظْفَارِهِ إنْ لَمْ يُقَلِّمْهَا وَظَاهِرَ أُذُنَيْهِ وَصِمَاخِهِ وَالْأَوْلَى كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ السُّبْكِيّ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ فِي أَوَّلِ غَسْلَةٍ بَعْدَ تَلْيِينِهَا بِالْمَاءِ لِيَتَكَرَّرَ غُسْلُ مَا تَحْتَهَا اهـ. شَرْحُ م ر.
(قَوْلُهُ بِخِرْقَةٍ مَلْفُوفَةٍ عَلَى يَسَارِهِ) أَيْ وُجُوبًا فِي غَيْرِ الزَّوْجَيْنِ اهـ. م ر.
وَعِبَارَةُ حَجّ وَلَفُّ الْخِرْقَةِ وَاجِبٌ حَتَّى بِالنِّسْبَةِ لِأَحَدِ الزَّوْجَيْنِ وَيُحْمَلُ عَلَى مَا إذَا خَشِيَ الْفِتْنَةَ وَكَلَامُ م ر عَلَى مَا إذَا أَمِنَهَا فَلَا مُخَالَفَةَ. اهـ. شَوْبَرِيٌّ بِالْمَعْنَى.
وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَلَفُّ الْخِرْقَةِ وَاجِبٌ لِحُرْمَةِ مَسِّ شَيْءٍ مِنْ عَوْرَتِهِ بِلَا حَائِلٍ انْتَهَتْ وَسَيَأْتِي عِنْدَ قَوْلِهِ وَلَهُ غُسْلُ حَلِيلَتِهِ إلَخْ تَحْرِيرُ مَسْأَلَةِ الزَّوْجَيْنِ بِمَا حَاصِلُهُ أَنَّهُ عِنْدَ م ر يَجُوزُ النَّظَرُ وَالْمَسُّ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا لِلْآخَرِ بَعْدَ الْمَوْتِ بِسَائِرِ بَدَنِهِ حَتَّى الْعَوْرَةِ بِلَا شَهْوَةٍ وَيَحْرُمَانِ بِهَا فِي سَائِرِ الْبَدَنِ وَأَنَّهُ عِنْدَ حَجّ يَحْرُمَانِ مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ مُطْلَقًا وَلِغَيْرِهِ بِشَهْوَةٍ وَيَجُوزُ إنْ بِدُونِهَا تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ ثُمَّ يَلُفُّ) مِنْ بَابِ رَدَّ اهـ. ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ وَأُشْنَانٌ) وَهُوَ