(وَوَجَبَ إبْقَاءُ أَثَرِ إحْرَامٍ) فِي مُحْرِمٍ فَلَا يُؤْخَذُ شَعْرُهُ وَظُفْرُهُ وَلَا يُطَيَّبُ وَلَا يَلْبَسُ الْمُحْرِمُ الذَّكَرُ مِخْيَطًا وَلَا يُسْتَرُ رَأْسُهُ، وَلَا وَجْهُ مُحْرِمَةٍ وَلَا كَفَّاهَا بِقُفَّازَيْنِ «قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْمُحْرِمِ الَّذِي مَاتَ وَهُوَ وَاقِفٌ مَعَهُ بِعَرَفَةَ لَا تَمَسُّوهُ بِطِيبٍ وَلَا تُخَمِّرُوا رَأْسَهُ فَإِنَّهُ يُبْعَثُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مُلَبِّيًا» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَقَدْ اُسْتُفِيدَ مِنْ التَّعْلِيلِ الْوَاقِعِ فِيهِ حُرْمَةُ الْإِلْبَاسِ وَالسَّتْرِ الْمَذْكُورَيْنِ فَلَا تُنْتَهَكُ بِذَلِكَ
(وَلِنَحْوِ أَهْلِ مَيِّتٍ) كَأَصْدِقَائِهِ (تَقْبِيلُ وَجْهِهِ) «لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَبَّلَ عُثْمَانَ بْنَ مَظْعُونٍ بَعْدَ مَوْتِهِ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُ وَصَحَّحُوهُ وَلِأَنَّ أَبَا بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَبَّلَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعْدَ مَوْتِهِ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ
(وَلَا بَأْسَ بِإِعْلَامٍ بِمَوْتِهِ) لِلصَّلَاةِ عَلَيْهِ وَغَيْرِهَا لِمَا رَوَى الْبُخَارِيُّ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ فِي إنْسَانٍ كَانَ يَقُمُّ الْمَسْجِدَ أَيْ يَكْنُسُهُ فَمَاتَ فَدُفِنَ لَيْلًا أَفَلَا كُنْتُمْ آذَنْتُمُونِي بِهِ» وَفِي رِوَايَةٍ مَا مَنَعَكُمْ أَنْ تُعْلِمُونِي وَصَحَّحَ فِي الْمَجْمُوعِ أَنَّهُ مُسْتَحَبٌّ إذَا قَصَدَ الْإِعْلَامَ لِكَثْرَةِ الْمُصَلِّينَ
ــ
[حاشية الجمل]
فِي الْوُضُوءِ وَانْتِهَاكُ الْحُرْمَةِ تَنَاوُلُهَا بِمَا لَا يَحِلُّ اهـ.
(قَوْلُهُ وَوَجَبَ إبْقَاءُ أَثَرِ إحْرَامٍ) أَيْ قَبْلَ التَّحَلُّلِ الْأَوَّلِ أَمَّا بَعْدَهُ فَهُوَ كَغَيْرِهِ كَمَا سَيَأْتِي فِي بَابِهِ وَلَا بَأْسَ بِالْبَخُورِ عِنْدَ غُسْلِهِ كَجُلُوسِ الْمُحْرِمِ الْحَيِّ عِنْدَ الْعَطَّارِ وَلَا يَأْتِي هُنَا مَا قِيلَ مِنْ كَرَاهَةِ جُلُوسِهِ عِنْدَ الْعَطَّارِ بِقَصْدِ الرَّائِحَةِ لِلْحَاجَةِ إلَى ذَلِكَ هُنَا بِخِلَافِ مَا هُنَاكَ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ عَدَمُ حَلْقِ رَأْسِهِ إذَا مَاتَ وَبَقِيَ عَلَيْهِ الْحَلْقُ لِيَأْتِيَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مُحْرِمًا وَهُوَ ظَاهِرٌ لِانْقِطَاعِ تَكْلِيفِهِ فَلَا يُطْلَبُ مِنْهُ حَلْقٌ وَلَا يَقُومُ غَيْرُهُ بِهِ كَمَا لَوْ كَانَ عَلَيْهِ طَوَافٌ أَوْ سَعْيٌ اهـ. شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ فَلَا يُؤْخَذُ شَعْرُهُ وَظُفْرُهُ) وَالْقِيَاسُ أَنَّهُ لَا فِدْيَةَ عَلَى فَاعِلِ ذَلِكَ وَإِنْ خَالَفَ فِي ذَلِكَ الْغَزِّيِّ وَذَهَبَ الْبُلْقِينِيُّ إلَى أَنَّ الَّذِي نَعْتَقِدُهُ إيجَابُهَا عَلَى الْفَاعِلِ كَمَا لَوْ حَلَقَ شَعْرَ نَائِمٍ وَفُرِّقَ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ النَّائِمَ بِصَدَدِ عَوْدِهِ إلَى الْفَهْمِ وَلِذَلِكَ ذَهَبَ جَمَاعَةٌ إلَى تَكْلِيفِهِ بِخِلَافِ الْمَيِّتِ اهـ. شَرْحُ م ر وَلَوْ تَعَذَّرَ غَسْلُ مَا تَحْتَ ظُفْرِهِ إلَّا بِقَلْمِهِ وَجَبَ قَلْمُهُ اهـ. ح ل وَلَا فِدْيَةَ عَلَى حَالِقِهِ وَمُقَلِّمِهِ وَمُطَيِّبِهِ اهـ ز ي (قَوْلُهُ لَا تَمَسُّوهُ بِطِيبٍ إلَخْ) بِفَتْحِ التَّاءِ وَالْمِيمِ وَبِفَتْحِ التَّاءِ وَضَمِّ الْمِيمِ مِنْ مَسٍّ وَيَجُوزُ ضَمُّ التَّاءِ وَكَسْرُ الْمِيمِ مِنْ أَمْسِ قَالَ فِي الْمُخْتَارِ مَسَّ الشَّيْءَ يَمَسُّهُ بِالْفَتْحِ مَسًّا وَبَابُهُ فَهِمَ وَهِيَ اللُّغَةُ الْفَصِيحَةُ وَفِيهِ لُغَةٌ أُخْرَى وَمِنْ بَابِ رَدَّ ثُمَّ قَالَ وَأَمَسَّهُ الشَّيْءَ فَمَسَّهُ اهـ. بِحُرُوفِهِ وَهَذَا فِيمَا إذَا تَعَدَّى الْفِعْلُ إلَى وَاحِدٍ قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ وَقَدْ يَتَعَدَّى لِلثَّانِي بِالْحَرْفِ أَوْ بِالْهَمْزَةِ فَيُقَالُ مَسِسْته بِمَاءٍ وَأَمْسَسْته مَاءً وَهُوَ يُعَيِّنُ أَنَّ مَا هُنَا بِفَتْحِ التَّاءِ وَالْمِيمِ فَقَطْ مِنْ مَسَّ وَهُوَ لَا يُنَافِي مَا فِي الْمُخْتَارِ لِأَنَّ ذَلِكَ فِي الْمُتَعَدِّي لِوَاحِدٍ وَهَذَا فِي الْمُتَعَدِّي لِاثْنَيْنِ وَضَبَطَهُ الْقَسْطَلَّانِيُّ عَلَى الْبُخَارِيِّ بِفَتْحِ الْفَوْقِيَّةِ وَالْمِيمِ لِغَيْرِ أَبِي ذَرٍّ وَلَهْ بِضَمِّهَا وَكَسْرِ الْمِيمِ فِي اللَّفْظَيْنِ.
وَعِبَارَةُ الْبُخَارِيِّ لَا تُمِسُّوهُ طِيبًا وَبِلَفْظِ وَلَا تَمَسُّوهُ بِطِيبٍ اهـ. ع ش (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يُبْعَثُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مُلَبِّيًا) فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْحَجَّ لَا يَبْطُلُ بِالْمَوْتِ بِخِلَافِ الصَّلَاةِ وَأَمَّا الصَّوْمُ فَفِيهِ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا الْبُطْلَانُ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ
(قَوْلُهُ وَلِنَحْوِ أَهْلِ مَيِّتٍ تَقْبِيلُ وَجْهِهِ) وَيَنْبَغِي نَدْبُهُ لِأَهْلِهِ وَنَحْوِهِمْ كَمَا قَالَهُ السُّبْكِيُّ وَجَوَازُهُ لِغَيْرِهِمْ وَلَا يُقْصَرُ جَوَازُهُ عَلَيْهِمْ وَفِي زَوَائِدِ الرَّوْضَةِ فِي أَوَائِلِ النِّكَاحِ وَلَا بَأْسَ بِتَقْبِيلِ وَجْهِ الْمَيِّتِ الصَّالِحِ فَقَيَّدَهُ بِالصَّالِحِ وَأَمَّا غَيْرُهُ فَيَنْبَغِي أَنْ يُكْرَهَ اهـ. م ر اهـ. ع ش وَلَعَلَّ مُرَادَهُ بِهَذَا الِاعْتِرَاضِ عَلَى الْمُصَنِّفِ حَيْثُ قَيَّدَ فِي مَقَامِ الْإِطْلَاقِ وَأَطْلَقَ فِي مَقَامِ التَّقْيِيدِ وَكُلٌّ مِنْهُمَا لَا يَحْسُنُ وَبَعْضُهُمْ دَفَعَ الِاعْتِرَاضَ بِأَنْ قَالَ قَوْلُهُ وَلِنَحْوِ أَهْلِ مَيِّتٍ تَقْبِيلُ وَجْهِهِ أَيْ نَدْبًا إنْ كَانَ صَالِحًا وَجَوَازًا إنْ لَمْ يَكُنْ وَأَمَّا غَيْرُ الْأَهْلِ فَإِنْ كَانَ صَالِحًا نُدِبَ لَهُمْ أَيْضًا وَإِلَّا كُرِهَ اهـ. شَيْخُنَا وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إنْ كَانَ صَالِحًا نُدِبَ تَقْبِيلُهُ مُطْلَقًا وَإِلَّا فَيَجُوزُ بِلَا كَرَاهَةٍ لِنَحْوِ أَهْلِهِ وَبِهَا لِغَيْرِهِمْ وَهَذَا مَحَلُّهُ فِي غَيْرِ مَنْ يَحْمِلُهُ التَّقْبِيلُ عَلَى جَزَعٍ أَوْ سَخَطٍ كَمَا هُوَ الْغَالِبُ مِنْ أَحْوَالِ النِّسَاءِ وَإِلَّا حَرُمَ. هَذَا حَاصِلُ مَا فِي الْإِيعَابِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَعَ اتِّحَادِ الْجِنْسِ لِانْتِفَاءِ الْمُرُوءَةِ أَوْ يَكُونَ ثَمَّ نَحْوُ مَحْرَمِيَّةٍ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ اهـ. شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَخْ) إنَّمَا قَدَّمَ حَدِيثَ التِّرْمِذِيِّ عَلَى حَدِيثِ الْبُخَارِيِّ مَعَ أَنَّ حَدِيثَ الْبُخَارِيِّ أَصَحُّ لِأَنَّ حَدِيثَ التِّرْمِذِيِّ فِيهِ فِعْلُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَحَدِيثَ الْبُخَارِيِّ فِيهِ فِعْلُ أَبِي بَكْرٍ اهـ. شَيْخُنَا ح ف (قَوْلُهُ قَبَّلَ عُثْمَانَ) أَيْ وَجْهَهُ وَكَذَا مَا بَعْدَهُ وَهُوَ أَخُوهُ مِنْ الرَّضَاعِ وَهُوَ أَبُو السَّائِبِ عُثْمَانُ بْنُ مَظْعُونٍ بِالظَّاءِ الْمُشَالَةِ الصَّحَابِيُّ مِنْ السَّابِقِينَ إلَى الْإِسْلَامِ وَهَاجَرَ إلَى الْحَبَشَةِ ثُمَّ إلَى الْمَدِينَةِ وَشَهِدَ بَدْرًا الْمُتَوَفَّى فِي شَعْبَانَ بَعْدَ سَنَتَيْنِ وَنِصْفٍ مِنْ الْهِجْرَةِ وَصَلَّى عَلَيْهِ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَدَفَنَهُ فِي الْبَقِيعِ وَهُوَ أَوَّلُ مَنْ دُفِنَ فِيهِ وَأَوَّلُ مَنْ تُوُفِّيَ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ بِالْمَدِينَةِ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ
(قَوْلُهُ لِلصَّلَاةِ عَلَيْهِ وَغَيْرِهَا) أَيْ مِنْ دُعَاءٍ وَتَرَحُّمٍ وَمُحَالَلَةٍ اهـ. ح ل أَيْ بَرَاءَةِ ذِمَّتِهِ مِنْ دَيْنٍ وَغِيبَةٍ اهـ. شَيْخُنَا ح ف (قَوْلُهُ قَالَ فِي إنْسَانٍ) تَرَدَّدَ فِي الْبُخَارِيِّ هَلْ هَذَا الْإِنْسَانُ كَانَ رَجُلًا أَوْ أُنْثَى اهـ. ح ل وَقَرَّرَ شَيْخُنَا أَنَّهُ كَانَ جَارِيَةً سَوْدَاءَ وَذَكَرَهُ الشَّيْخُ عَبْدُ الْبَرِّ أَيْضًا (قَوْلُهُ أَيْ يَكْنُسُهُ) فِي الْمُخْتَارِ الْكَانِسُ الظَّبْيُ يَدْخُلُ فِي كَنَاسِهِ وَهُوَ مَوْضِعُهُ مِنْ الشَّجَرِ يَكْتَنُّ فِيهِ وَيَسْتَتِرُ وَقَدْ كَنَسَ الظَّبْيُ مِنْ بَابِ جَلَسَ وَتَكَنَّسَ مِثْلُهُ وَكَنَسَ الْبَيْتَ مِنْ بَابِ نَصَرَ وَالْمِكْنَسَةُ مَا يُكْنَسُ بِهِ وَالْكُنَاسَةُ الْقُمَامَةُ وَالْكَنِيسَةُ لِلنَّصَارَى وَالْكُنَّسُ الْكَوَاكِبُ قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ لِأَنَّهَا تُكْنَسُ فِي الْمَغِيبِ أَيْ تُسْتَرُ وَيُقَالُ هِيَ الْخُنَّسُ السَّيَّارَةُ اهـ. (قَوْلُهُ آذَنْتُمُونِي بِالْمَدِّ) أَيْ أَعْلَمْتُمُونِي كَمَا فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى اهـ. بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ أَنَّهُ مُسْتَحَبٌّ) أَيْ وَلَوْ مَعَ ذِكْرِ مَآثِرِهِ وَمَفَاخِرِهِ حَيْثُ كَانَ قَصْدُهُ مِنْ ذَلِكَ تَرْغِيبَ النَّاسِ فِي الصَّلَاةِ عَلَيْهِ لَا الْمُفَاخَرَةَ كَمَا هُوَ عَادَةُ الْجَاهِلِيَّةِ وَلِذَلِكَ قَالَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute