(بِنَحْوِ لَبِنٍ) كَطِينٍ بِأَنْ يُبْنَى بِذَلِكَ، ثُمَّ تَسُدُّ فُرَجَهُ بِكِسَرِ لَبِنٍ وَطِينٍ أَوْ نَحْوِهِمَا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ أَبْلَغُ فِي صِيَانَةِ الْمَيِّتِ مِنْ النَّبْشِ وَمِنْ مَنْعِ التُّرَابِ وَالْهَوَامِّ وَ " نَحْوِ " مِنْ زِيَادَتِي.
(وَكُرِهَ) أَنْ يُجْعَلَ لَهُ (فُرُشٌ وَمِخَدَّةٌ) بِكَسْرِ الْمِيمِ (وَصُنْدُوقٌ لَمْ يَحْتَجْ إلَيْهِ) ؛ لِأَنَّ فِي ذَلِكَ إضَاعَةَ مَالٍ أَمَّا إذَا اُحْتِيجَ إلَى صُنْدُوقٍ لِنَدَاوَةٍ وَنَحْوِهَا كَرَخَاوَةٍ فِي الْأَرْضِ فَلَا يُكْرَهُ وَلَا تَنْفُذُ وَصِيَّتُهُ بِهِ إلَّا حِينَئِذٍ.
(وَجَازَ) بِلَا كَرَاهَةٍ (دَفْنُهُ لَيْلًا) مُطْلَقًا (وَوَقْتَ كَرَاهَةِ صَلَاةٍ لَمْ يَتَحَرَّهُ) بِالْإِجْمَاعِ بِخِلَافِ مَا إذَا تَحَرَّاهُ فَلَا يَجُوزُ وَعَلَيْهِ حُمِلَ خَبَرُ مُسْلِمٍ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ «ثَلَاثُ سَاعَاتٍ نَهَانَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ الصَّلَاةِ فِيهِنَّ وَأَنْ نُقْبِرَ فِيهِنَّ مَوْتَانَا» وَذَكَرَ وَقْتَ الِاسْتِوَاءِ وَالطُّلُوعِ وَالْغُرُوبِ (وَالسُّنَّةُ) لِلدَّفْنِ (غَيْرُهُمَا) أَيْ غَيْرُ اللَّيْلِ وَغَيْرُ وَقْتِ الْكَرَاهَةِ وَتَعْبِيرِي بِهَذَا الْمُوَافِقِ لِعِبَارَةِ الرَّوْضَةِ أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ وَغَيْرُهُمَا أَفْضَلُ وَإِنْ أُوِّلَ أَفْضَلُ بِمَعْنَى فَاضِلٍ.
(وَدَفْنٌ بِمَقْبَرَةٍ أَفْضَلُ) مِنْهُ بِغَيْرِهَا لِيَنَالَ الْمَيِّتُ دُعَاءَ الْمَارِّينَ وَالزَّائِرِينَ
ــ
[حاشية الجمل]
عَقِبَ دَفْنِهِ وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْكَلَامَ حَيْثُ لَمْ يُخْشَ عَلَيْهِ نَحْوُ سَبُعٍ أَوْ يَظْهَرْ مِنْهُ رِيحٌ وَإِلَّا وَجَبَ إصْلَاحُهُ قَطْعًا اهـ وَفِي عِ ش عَلَيْهِ أَنَّ السَّدَّ وَاجِبٌ اهـ. (قَوْلُهُ بِنَحْوِ لَبِنٍ) أَيْ مِنْ كُلِّ مَا لَمْ تَمَسَّهُ النَّارُ (فَرْعٌ)
لَوْ لَمْ يُوجَدْ إلَّا لَبِنٌ لِغَائِبٍ هَلْ يَجُوزُ أَخْذُهُ كَمَا فِي الِاضْطِرَارِ لَا يَبْعُدُ الْجَوَازُ إذَا تَوَقَّفَ الْوَاجِبُ عَلَيْهِ، ثُمَّ رَأَيْت فِيهِ كَلَامًا لحج فِي فَتَاوِيهِ اهـ. سم عَلَى الْمَنْهَجِ اهـ. ع ش عَلَى م ر وَكَانَ «عَدَدُ لَبِنَاتِ لَحْدِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تِسْعَ لَبِنَاتٍ» كَمَا فِي مُسْلِمٍ اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ (قَوْلُهُ بِكِسَرِ لَبِنٍ) هَذَا بِكَسْرِ الْكَافِ وَفَتْحِ السِّينِ أَوْ سُكُونِهَا هَكَذَا ضَبَطَهُ بِالْقَلَمِ. اهـ. شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ وَطِينٍ) نَبَّهَ بِهِ عَلَى أَنَّ اللَّبِنَ وَحْدَهُ لَا يَكْفِي وَلَا يُنْدَبُ الْأَذَانُ عِنْدَ سَدِّهِ وِفَاقًا لِلَأْصْبَحِيِّ وَخِلَافًا لِبَعْضِهِمْ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ وَمِخَدَّةٌ) بِكَسْرِ الْمِيمِ جَمْعُهَا مَخَادُّ بِفَتْحِ الْمِيمِ سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِوَضْعِ الْخَدِّ عَلَيْهَا. اهـ. شَيْخُنَا (قَوْلُهُ لَمْ يَحْتَجْ إلَيْهِ) أَيْ الصُّنْدُوقِ فَالتَّفْصِيلُ إنَّمَا هُوَ فِيهِ يَدُلُّ عَلَى هَذَا قَوْلُ الشَّارِحِ أَمَّا إذَا اُحْتِيجَ إلَخْ. اهـ. شَيْخُنَا (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ فِي ذَلِكَ إضَاعَةَ مَالٍ) أَيْ لِغَرَضٍ شَرْعِيٍّ، وَهُوَ تَعْظِيمُ الْمَيِّتِ فَلَا تَنَافِي بَيْنَ الْعِلَّةِ وَالْمَعْلُولِ؛ لِأَنَّ الْإِضَاعَةَ إنَّمَا تَكُونُ مُحَرَّمَةً إذَا لَمْ تَكُنْ لِغَرَضٍ شَرْعِيٍّ اهـ. شَيْخُنَا (قَوْلُهُ أَمَّا إذَا اُحْتِيجَ إلَى صُنْدُوقٍ إلَخْ) يُؤْخَذُ مِنْ هَذَا أَنَّ إبْقَاءَ الْمَيِّتِ مَطْلُوبٌ وَأَنَّ الْأَرْضَ الَّتِي لَا تُبْلِيهِ سَرِيعًا أَوْلَى مِنْ الْأَرْضِ الَّتِي تُبْلِيهِ سَرِيعًا عَكْسُ مَا يُتَوَهَّمُ. اهـ. م ر اهـ. سم (قَوْلُهُ كَرَخَاوَةٍ فِي الْأَرْضِ) مِثْلُ ذَلِكَ مَا لَوْ تَهَرَّى الْمَيِّتُ لِلَدْغٍ أَوْ حَرِيقٍ بِحَيْثُ لَا يَضْبِطُهُ إلَّا التَّابُوتُ كَمَا ذَكَرَهُ فِي التَّجْرِيدِ وَنَقَلَهُ الشَّافِعِيُّ وَالْأَصْحَابُ وَمَا إذَا كَانَتْ امْرَأَةً وَلَا مَحْرَمَ لَهَا يَدْفِنُهَا لِئَلَّا تَمَسَّهَا الْأَجَانِبُ عِنْدَ الدَّفْنِ كَمَا قَالَهُ الْمُتَوَلِّي قَالَ فِي الْمُتَوَسِّطِ وَيَظْهَرُ أَنْ يَلْتَحِقَ بِذَلِكَ دَفْنُهُ بِأَرْضِ الرَّمَلِ وَالْبَوَادِي الْكَثِيرَةِ الضِّبَاعِ وَغَيْرِهَا مِنْ السِّبَاعِ النَّبَّاشَةِ وَكَانَ لَا يَعْصِمُهُ مِنْهَا إلَّا التَّابُوتُ. اهـ. شَرْحُ م ر.
(قَوْلُهُ وَجَازَ دَفْنُهُ لَيْلًا) أَيْ؛ لِأَنَّهُ «- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دُفِنَ لَيْلًا» وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعُثْمَانُ كَذَلِكَ بَلْ فَعَلَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَيْضًا اهـ شَرْحُ م ر نَعَمْ يُنْدَبُ لِلْإِمَامِ مَنْعُ الْكُفَّارِ مِنْ الدَّفْنِ نَهَارًا إنْ أَظْهَرُوهُ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ مُطْلَقًا) أَيْ تَحَرَّاهُ أَمْ لَا اهـ. شَيْخُنَا (قَوْلُهُ فَلَا يَجُوزُ) أَيْ جَوَازًا مُسْتَوِي الطَّرَفَيْنِ إذْ الْمُعْتَمَدُ الْكَرَاهَةُ تَنْزِيهًا اهـ. شَيْخُنَا وَمِثْلُهُ فِي ع ش عَلَى م ر وَهَذَا فِي غَيْرِ حَرَمِ مَكَّةَ أَمَّا فِيهِ فَلَا حُرْمَةَ وَلَا كَرَاهَةَ قِيَاسًا عَلَى الصَّلَاةِ فِيهِ اهـ. ح ل وز ي وع ش (قَوْلُهُ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ) هُوَ أَبُو حَمَّادٍ عَقَبَةُ ابْنُ عَامِرٍ الْجُهَنِيُّ الصَّحَابِيُّ رُوِيَ لَهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَمْسَةٌ وَخَمْسُونَ حَدِيثًا وَرَوَى عَنْهُ جَابِرٌ وَغَيْرُهُ وَكَانَ مِنْ أَحْسَنِ النَّاسِ صَوْتًا بِالْقُرْآنِ وَشَهِدَ فَتُوحَ الشَّامِ وَكَانَ بَرِيدًا لِعُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي فَتْحِ دِمَشْقَ وَوَلَّاهُ مُعَاوِيَةُ مِصْرَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَأَرْبَعِينَ وَبِهَا تُوُفِّيَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَخَمْسِينَ اهـ بِرْمَاوِيٌّ وَقَوْلُهُ وَكَانَ بَرِيدًا لِعُمَرَ كَذَا بِخَطِّهِ وَلْيُنْظَرْ مَعْنَاهُ اهـ.
ثُمَّ رَأَيْت فِي الْمِصْبَاحِ وَالْبَرِيدُ الرَّسُولُ وَمِنْهُ قَوْلُ بَعْضِ الْعَرَبِ الْحُمَّى بَرِيدُ الْمَوْتِ اهـ. وَفِي هَامِش حَجّ بِخَطِّ بَعْضِ الثِّقَاتِ مَا نَصُّهُ رَوَى ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ فِي فُتُوحِ مِصْرَ بِإِسْنَادِهِ عَنْ ابْنِ لَهِيعَةَ قَالَ قُبِرَ فِي مَقْبَرَةِ الْمُقَطَّمِ مِمَّنْ عُرِفَ مِنْ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - خَمْسَةُ نَفَرٍ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ دُفِنَ بِنَاحِيَةِ السَّفْحِ وَكَانَ طَرِيقَ النَّاسِ يَوْمَئِذٍ لِلْحِجَازِ أُحِبُّ أَنْ يَدْعُوَ لَهُ كُلُّ مَنْ يَمُرُّ بِهِ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ جَزْءٍ الزُّبَيْدِيُّ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ حُذَافَةَ السَّهْمِيُّ وَأَبُو بَصْرَةَ الْغِفَارِيُّ وَعُقْبَةُ بْنُ عَامِرٍ الْجُهَنِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - اهـ. وَأَمَّا مَنْ نَزَلَ بِمِصْرَ مِنْ الصَّحَابَةِ فَكَثِيرٌ ذَكَرَ الْحَاكِمُ فِي عُلُومِ الْحَدِيثِ جُمْلَةً وَزَادَ عَلَيْهَا الْحَافِظُ السُّيُوطِيّ اهـ.
(قَوْلُهُ وَأَنْ نَقْبُرَ) بَابُهُ ضَرَبَ وَنَصَرَ اهـ. (قَوْلُهُ وَذَكَرَ وَقْتَ إلَخْ) الضَّمِيرُ رَاجِعٌ لِلنَّبِيِّ وَلَفْظُ ذَكَرَ إمَّا مِنْ الرَّاوِي أَوْ مِنْ الشَّارِحِ اهـ. شَيْخُنَا (قَوْلُهُ وَقْتَ الِاسْتِوَاءِ إلَخْ) وَهِيَ الْأَوْقَاتُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِالزَّمَنِ وَظَاهِرُهُ أَنَّ الْوَقْتَ الْمُتَعَلِّقَ بِالْفِعْلِ كَوَقْتَيْ الصُّبْحِ وَالْعَصْرِ لَيْسَ كَذَلِكَ وَبِهِ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ قَالَ وَكَلَامُ الْأَصْحَابِ وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ لَهُ وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ الصَّوَابُ التَّعْمِيمُ، وَهُوَ كَمَا قَالَ اهـ. ح ل وَمِثْلُهُ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ وَغَيْرُهُمَا أَفْضَلُ) أَيْ؛ لِأَنَّ عِبَارَةَ الْأَصْلِ تَقْتَضِي أَنَّ غَيْرَهُمَا فِيهِ فَضْلٌ إنْ جُعِلَ عَلَى بَابِهِ وَإِنْ أُوِّلَ فَمَا لَا تَأْوِيلَ فِيهِ أَوْلَى اهـ. شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ وَدَفْنٌ بِمَقْبَرَةٍ أَفْضَلُ) وَفِي أَفْضَلِ مَقْبَرَةٍ بِالْبَلَدِ أَوْلَى وَيُكْرَهُ الدَّفْنُ بِالْبَيْتِ كَمَا قَالَهُ الْقَفَّالُ إلَّا أَنْ تَدْعُوَ إلَيْهِ حَاجَةٌ أَوْ مَصْلَحَةٌ كَمَا سَيَأْتِي عَلَى أَنَّ الْمَشْهُورَ أَنَّهُ خِلَافُ الْأَوْلَى لَا مَكْرُوهٌ وَإِنَّمَا «دُفِنَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -.