بَيَانُ بُدُوِّ صَلَاحِ الثَّمَرِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِوُجُوبِ الزَّكَاةِ فِيمَا ذُكِرَ وُجُوبُ إخْرَاجِهَا فِي الْحَالِ بَلْ انْعِقَادُ سَبَبِ وُجُوبِهِ، وَلَوْ أَخْرَجَ فِي الْحَالِ الرُّطَبَ وَالْعِنَبَ مِمَّا يَتَتَمَّرُ أَوْ يَتَزَبَّبُ غَيْرَ رَدِيءٍ لَمْ يُجْزِهِ، وَلَوْ أَخَذَهُ السَّاعِي لَمْ يَقَعْ الْمَوْقِعَ وَمُؤْنَةُ جُذَاذِ الثَّمَرِ وَتَجْفِيفِهِ وَحَصَادِ الْحَبِّ وَتَصْفِيَتِهِ مِنْ خَالِصِ مَالِ الْمَالِكِ لَا يُحْسَبُ شَيْءٌ مِنْ مِنْهَا مِنْ مَالِ الزَّكَاةِ.
(وَسُنَّ خَرْصٌ) أَيْ حَزْرُ (كُلِّ ثَمَرٍ) فِيهِ زَكَاةٌ إذَا (بَدَا صَلَاحُهُ عَلَى مَالِكِهِ) لِلْأَمْرِ بِهِ فِي الْخَبَرِ السَّابِقِ فِي أَوَّلِ الْبَابِ.
ــ
[حاشية الجمل]
إبْقَاؤُهَا فِي زَمَنِ الْخِيَارِ فَصَارَ كَالْمَشْرُوطِ فِي زَمَنِهِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَنْفَسِخَ الْعَقْدُ إنْ قُلْنَا الشَّرْطُ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ يَلْحَقُ الْعَقْدَ مَرْدُودٌ وَالْأَرْجَحُ عَدَمُ انْفِسَاخِ الْعَقْدِ بِمَا ذُكِرَ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الشَّرْطَ فِي الْمَقِيسِ عَلَيْهِ لِمَا أَوْجَدَهُ الْعَاقِدُ أَنَّ فِي حَرِيمِ الْعَقْدِ صَارَ بِمَثَابَةِ الْمَوْجُودِ فِي الْعَقْدِ بِخِلَافِ الْمَقِيسِ إذَا يُغْتَفَرُ فِي الشَّرْعِيِّ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الشَّرْطِيِّ بِدَلِيلِ صِحَّةِ بَيْعِ الْعَيْنِ الْمُؤَجَّرَةِ مَعَ اسْتِثْنَاءِ مَنَافِعِهَا شَرْعًا وَبُطْلَانِ بَيْعِ الْعَيْنِ مَعَ اسْتِثْنَاءِ مَنَافِعِهَا شَرْطًا اهـ شَرْحُ م ر.
(قَوْلُهُ بَلْ انْعِقَادُ سَبَبِ وُجُوبِهِ) أَيْ فَيَحْرُمُ الْأَكْلُ حِينَئِذٍ وَالتَّصَدُّقُ وَالْإِهْدَاءُ حَتَّى يُصَفَّى أَوْ يُجَفَّفَ وَيُخْرَجَ وَاجِبُهُ أَوْ حَتَّى يُخْرَجَ وَاجِبُهُ رُطَبًا إذَا لَمْ يُجَفَّفْ اهـ. شَيْخُنَا.
وَعِبَارَةُ عِ ش عَلَى م ر قَوْلُهُ وَاشْتِدَادُ حَبٍّ إلَخْ حَيْثُ اشْتَدَّ الْحَبُّ فَيَنْبَغِي أَنْ يَمْتَنِعَ عَلَى الْمَالِكِ الْأَكْلُ وَالتَّصَرُّفُ وَحِينَئِذٍ فَيَنْبَغِي اجْتِنَابُ الْفَرِيكِ وَنَحْوِهِ كَالْفُولِ حَيْثُ عُلِمَ وُجُوبُ الزَّكَاةِ فِي ذَلِكَ الزَّرْعِ اهـ. عَمِيرَةُ انْتَهَتْ (قَوْلُهُ: وَلَوْ أَخْرَجَ فِي الْحَالِ الرُّطَبَ وَالْعِنَبَ إلَخْ وَقَوْلُهُ وَمُؤْنَةُ جِذَاذِ الثَّمَرِ إلَخْ) الْأَوْلَى تَأْخِيرُ هَذَيْنِ الْمَبْحَثَيْنِ عِنْدَ قَوْلِهِ وَيُعْتَبَرُ جَافًّا إلَخْ كَمَا لَا يَخْفَى (قَوْلُهُ لَمْ يَقَعْ الْمَوْقِعَ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ جِنْسِ الْوَاجِبِ وَلَا مُشْتَمِلًا عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْوَاجِبَ التَّمْرُ أَوْ الزَّبِيبُ وَالرُّطَبُ وَالْعِنَبُ لَيْسَا مِنْ جِنْسِ التَّمْرِ وَالزَّبِيبِ وَلَا مُشْتَمِلًا عَلَيْهِمَا اهـ. ح ل وَهَذَا بِخِلَافِ مَا لَوْ أَخْرَجَ حَبًّا فِي تِبْنِهِ أَوْ ذَهَبًا مِنْ الْمَعْدِنِ فِي تُرَابِهِ فَصَفَّاهُ الْآخِذُ فَبَلَغَ الْحَاصِلُ مِنْهُ قَدْرَ الزَّكَاةِ وَالْفَرْقُ أَنَّ الْوَاجِبَ هُنَا لَيْسَ كَامِنًا فِي ضِمْنِ الْمَخْرَجِ مِنْ الرُّطَبِ وَنَحْوِهِ بِخِلَافِهِ فِي الْحَبِّ الْمَذْكُورِ وَالْمَعْدِنِ، فَإِنَّ الْوَاجِبَ بِعَيْنِهِ مَوْجُودٌ فِيمَا أَخْرَجَهُ غَايَتُهُ أَنَّهُ اخْتَلَطَ بِالتُّرَابِ أَوْ التِّبْنِ فَمَنَعَ الْمُخْتَلِطُ مِنْ مَعْرِفَةِ مِقْدَارِهِ فَإِذَا صُفِّيَ وَتَبَيَّنَ أَنَّهُ قَدْرُ الْوَاجِبِ أَجْزَأَ لِزَوَالِ الْإِبْهَامِ ثُمَّ رَأَيْت فِي حَجّ فِيمَا يَأْتِي فِي الْمَعْدِنِ مَا هُوَ صَرِيحٌ فِي الْفَرْقِ الْمَذْكُورِ وَنَصُّ عِبَارَتِهِ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ حَتَّى يَبْلُغَ خَالِصُهُ نِصَابًا وَعَلَى عَدَمِ الْإِجْزَاءِ لَوْ خُلِّصَ الْمَغْشُوشُ فِي يَدِ السَّاعِي أَوْ الْمُسْتَحِقِّ أَجْزَأَ كَمَا فِي تُرَابِ الْمَعْدِنِ بِخِلَافِ سَخْلَةٍ كَبِرَتْ فِي يَدِهِ؛ لِأَنَّهَا لَمْ تَكُنْ بِصِفَةِ الْإِجْزَاءِ يَوْمَ الْأَخْذِ وَالتُّرَابُ وَالْمَغْشُوشُ هُنَا بِصِفَتِهِ لَكِنَّهُ مُخْتَلِطٌ بِغَيْرِهِ اهـ. ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ مِنْ خَالِصِ مَالِ الْمَالِكِ) أَيْ فَيَحْرُمُ عَلَيْهِ إعْطَاءُ أُجْرَةِ الْحَصَّادِينَ مِنْهُ وَكَذَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ الصَّدَقَةُ مِنْهُ قَبْلَ إعْطَاءِ الزَّكَاةِ وَيَفْرِزُ إنْ عَلِمَ الْحُرْمَةَ وَإِلَّا فَلَا وَيَغْرَمُ بَدَلَ مَا تَصَرَّفَ فِيهِ اتِّفَاقًا وَمَعَ حُرْمَتِهِ يَنْفُذُ تَصَرُّفُهُ فِي غَيْرِ قَدْرِ الزَّكَاةِ اهـ. خَضِرٌ عَلَى التَّحْرِيرِ نَقْلًا عَنْ الْعُبَابِ وَشَرْحِهِ وَفِي التُّحْفَةِ مَا نَصُّهُ فَعُلِمَ أَنَّ مَا اُعْتِيدَ مِنْ إعْطَاءِ الْمُلَّاكِ الَّذِينَ تَلْزَمُهُمْ الزَّكَاةُ الْفُقَرَاءَ سَنَابِلَ أَوْ رُطَبًا عِنْدَ الْحَصَادِ أَوْ الْجِذَاذِ حَرَامٌ، وَإِنْ نَوَوْا بِهِ الزَّكَاةَ وَلَا يَجُوزُ لَهُمْ حِسَابُهُ مِنْهَا إلَّا إنْ صُفِّيَ أَوْ جَفَّ وَجَدَّدُوا إقْبَاضَهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ ثُمَّ رَأَيْت مُجَلِّيًا صَرَّحَ بِذَلِكَ مَعَ زِيَادَةٍ فَقَالَ مَا حَاصِلُهُ إنْ فُرِضَ أَنَّ الْآخِذَ مِنْ أَهْلِ الزَّكَاةِ فَقَدْ أَخَذَ قَبْلَ مَحَلِّهِ، وَهُوَ تَمَامُ التَّصْفِيَةِ وَأَخْذُهُ بَعْدَهَا مِنْ غَيْرِ إقْبَاضِ الْمَالِكِ لَهُ أَوْ مِنْ غَيْرِ نِيَّةِ لَا يُجْزِهِ قَالَ وَهَذِهِ أُمُورٌ لَا بُدَّ مِنْ رِعَايَةِ جَمِيعِهَا وَقَدْ تَوَاطَأَ النَّاسُ عَلَى أَخْذِ ذَلِكَ مَعَ مَا فِيهِ مِنْ الْفَسَادِ وَكَثِيرٌ مِنْ الْمُتَعَبِّدِينَ يَرَوْنَهُ أَحَلَّ مَا وُجِدَ وَسَبَبُهُ نَبْذُ الْعِلْمِ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ انْتَهَى وَيَلْزَمُهُمْ إخْرَاجُ زَكَاةِ مَا أَعْطَوْهُ كَمَا لَوْ أَتْلَفُوهُ وَنُوزِعَ فِيمَا ذُكِرَ مِنْ الْحُرْمَةِ بِإِطْلَاقِهِمْ نَدْبَ إطْعَامِ الْفُقَرَاءِ يَوْمَ الْجِذَاذِ وَالْحَصَادِ خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ أَوْجَبَهُ لِوُرُودِ النَّهْيِ عَنْ الْجِذَاذِ دَلِيلًا وَمِنْ ثَمَّ كُرِهَ فَأَفْهَمَ هَذَا الْإِطْلَاقُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ مَا تَعَلَّقَتْ بِهِ الزَّكَاةُ وَغَيْرِهِ.
وَيُجَابُ بِأَنَّ الزَّرْكَشِيَّ لَمَّا ذَكَرَ جَوَازَ الْتِقَاطِ السَّنَابِلِ بَعْدَ الْحَصَادِ قَالَ وَيُحْمَلُ عَلَى مَا لَا زَكَاةَ فِيهِ أَوْ عُلِمَ أَنَّهُ زَكَّى أَوْ زَادَتْ أُجْرَةُ جَمْعِهِ عَلَى مَا تَحْصُلُ مِنْهُ فَكَذَا يُقَالُ هُنَا وَأَمَّا قَوْلُ شَيْخِنَا الظَّاهِرُ الْعُمُومُ وَإِنَّ هَذَا الْقَدْرَ مُغْتَفَرٌ فَهُوَ، وَإِنْ كَانَ ظَاهِرَ الْمَعْنَى وَمِنْ ثَمَّ جَزَمَ بِهِ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ لَكِنَّ الْأَوْفَقَ بِكَلَامِهِمْ مَا قَدَّمْته أَوَّلًا وَإِذَا زَادَتْ الْمَشَقَّةُ فِي الْتِزَامِ مَذْهَبِنَا فَلَا عَتْبَ عَلَى الْمُتَخَلِّصِ بِتَقْلِيدِ مَذْهَبٍ آخَرَ كَمَذْهَبِ أَحْمَدَ، فَإِنَّهُ يُجِيزُ التَّصَرُّفَ قَبْلَ الْخَرْصِ وَالتَّضْمِينِ وَأَنْ يَأْكُلَ هُوَ وَعِيَالُهُ عَلَى الْعَادَةِ وَلَا يُحْسَبُ عَلَيْهِ وَكَذَا مَا يُهْدِيه مِنْ هَذَا فِي أَوَانِهِ اهـ. كَلَامُ التُّحْفَةِ.
(قَوْلُهُ أَيْ حَزْرٌ إلَخْ) هُوَ تَفْسِيرٌ لِلْخَرْصِ، وَهُوَ الْقَوْلُ بِغَيْرِ عِلْمٍ بَلْ بِالظَّنِّ وَالْحَزْرُ وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى {قُتِلَ الْخَرَّاصُونَ} [الذاريات: ١٠] وَيُطْلَقُ أَيْضًا عَلَى التَّخْمِينِ وَالْعَمَلِ بِغَيْرِ تَقْدِيرٍ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ عَلَى مَالِكِهِ) أَيْ إنْ كَانَ مُوسِرًا وَإِلَّا فَلَا يَجُوزُ لِمَا فِيهِ مِنْ تَسْلِيطِهِ عَلَى ضِيَاعِ حَقِّ الْمُسْتَحِقِّينَ اهـ شَرْحُ م ر عِبَارَةُ ح ل قَوْلُهُ وَتَضْمِينٌ لِمَخْرَجٍ مِنْ مَالِكٍ أَوْ نَائِبِهِ أَيْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute