عَنْ الْبَاطِنِ إلَّا إذَا عَلِمَ أَنَّ الْمَالِكَ لَا يُزَكِّي فَعَلَيْهِ أَنْ يَقُولَ لَهُ أَدِّهَا وَإِلَّا ادْفَعْهَا إلَيَّ وَذِكْرُ الِاسْتِثْنَاءِ مِنْ زِيَادَتِي وَأَلْحَقُوا بِزَكَاةِ الْمَالِ الْبَاطِنِ زَكَاةَ الْفِطْرِ.
(وَ) لَهُ أَدَاؤُهَا بِنَفْسِهِ وَبِوَكِيلِهِ (لِإِمَامٍ) ؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالْخُلَفَاءَ بَعْدَهُ كَانُوا يَبْعَثُونَ السُّعَاةَ لِأَخْذِ الزَّكَوَاتِ (وَهُوَ) أَيْ أَدَاؤُهَا لَهُ (أَفْضَلُ) مِنْ تَفْرِيقِهَا بِنَفْسِهِ أَوْ وَكِيلِهِ؛ لِأَنَّهُ أَعْرَفُ بِالْمُسْتَحَقِّينَ (إنْ كَانَ عَادِلًا) فِيهَا وَإِلَّا فَتَفْرِيقُهُ بِنَفْسِهِ أَوْ وَكِيلِهِ أَفْضَلُ مِنْ الْأَدَاءِ لَهُ وَتَفْرِيقُهُ بِنَفْسِهِ أَفْضَلُ مِنْ تَفْرِيقِهِ بِوَكِيلِهِ.
(وَتَجِبُ نِيَّةٌ) فِي الزَّكَاةِ (كَهَذَا زَكَاةٌ أَوْ فَرْضُ صَدَقَةٍ) أَوْ صَدَقَةُ مَالِي الْمَفْرُوضَةُ وَتَمْثِيلِي بِزَكَاةٍ أَوْلَى مِنْ تَمْثِيلِهِ بِفَرْضِ زَكَاةِ مَالِي؛ لِأَنَّ نِيَّةَ الْفَرْضِ كَالْمَالِ لَيْسَتْ بِشَرْطٍ؛ لِأَنَّ الزَّكَاةَ لَا تَقَعُ إلَّا فَرْضًا وَبِهِ فَارَقَ مَا لَوْ نَوَى صَلَاةَ الظُّهْرِ (وَلَا يَكْفِي فَرْضُ مَالِي) ؛ لِأَنَّهُ يَكُونُ كَفَّارَةً وَنَذْرًا (وَلَا صَدَقَةُ مَالِي) ؛ لِأَنَّهَا تَكُونُ نَافِلَةً.
(وَلَا يَجِبُ) فِي النِّيَّةِ (تَعْيِينُ مَالِ) مُزَكًّى عِنْدَ الْإِخْرَاجِ فَلَوْ مَلَكَ مِنْ الدَّرَاهِمِ نِصَابًا حَاضِرًا وَنِصَابًا غَائِبًا فَأَخْرَجَ خَمْسَةَ دَرَاهِمَ بِنِيَّةِ الزَّكَاةِ مُطْلَقًا ثُمَّ بَانَ تَلَفُ الْغَائِبِ فَلَهُ جَعْلُ الْمُخْرَجِ عَنْ الْحَاضِرِ (فَإِنْ عَيَّنَهُ لَمْ يَقَعْ) أَيْ الْمُخْرَجُ (عَنْ غَيْرِهِ) فَلَوْ كَانَ نَوَى الْمُخْرَجَ فِي الْمِثَالِ عَنْ الْغَائِبِ لَمْ يَكُنْ لَهُ صَرْفُهُ إلَى الْحَاضِرِ فَإِنْ نَوَى مَعَ ذَلِكَ أَنَّهُ إنْ بَانَ الْمَنْوِيُّ تَالِفًا فَعَنْ غَيْرِهِ فَبَانَ تَالِفًا وَقَعَ عَنْ غَيْرِهِ، وَالْمُرَادُ الْغَائِبُ عَنْ مَجْلِسِهِ لَا عَنْ الْبَلَدِ بِنَاءً عَلَى مَنْعِ نَقْلِ الزَّكَاةِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ الْآتِي فِي كِتَابِ قَسْمُ الزَّكَاةِ.
(وَتَلْزَمُ) أَيْ النِّيَّةُ (الْوَلِيَّ عَنْ مَحْجُورِهِ) فَلَوْ دَفَعَ بِلَا نِيَّةٍ لَمْ يَقَعْ الْمَوْقِعَ، وَعَلَيْهِ الضَّمَانُ وَظَاهِرٌ أَنَّ لِوَلِيِّ السَّفِيهِ مَعَ ذَلِكَ أَنْ يُفَوِّضَ النِّيَّةَ لَهُ كَغَيْرِهِ وَتَعْبِيرِي بِالْمَحْجُورِ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِالصَّبِيِّ، وَالْمَجْنُونِ.
ــ
[حاشية الجمل]
عَنْ الْبَاطِنِ) .
أَيْ يَحْرُمُ عَلَيْهِ وَإِذَا دَفَعَهَا الْمَالِكُ لَهُ حِينَئِذٍ بَرِئَ وَكَذَا إذَا خَالَفَ أَمْرَهُ وَصَرَفَهَا بِنَفْسِهِ لِلْمُسْتَحِقِّينَ فَإِنَّهُ يَبْرَأُ اهـ. مِنْ ع ش عَلَى م رُ (قَوْلُهُ: وَأَلْحَقُوا بِزَكَاةِ الْمَالِ الْبَاطِنَ. . . إلَخْ) أَيْ فِي أَنَّ الْأَفْضَلَ دَفْعُهَا لِلْإِمَامِ إنْ طَلَبَهَا اهـ. شَوْبَرِيٌّ وَهَذَا لَيْسَ بِظَاهِرٍ وَالصَّوَابُ أَنْ يُقَالَ فِي أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ طَلَبُهَا إلَّا إذَا عَلِمَ أَنَّ الْمَالِكَ لَا يُزَكِّي. إلَخْ. اهـ شَيْخُنَا وَوَجْهُ الْإِلْحَاقِ أَنَّ وَاجِبَهَا الْيَسَارُ وَهُوَ مِمَّا يَخْفَى غَالِبًا كَالْمَالِ الْبَاطِنِ اهـ. شَوْبَرِيٌّ.
(قَوْلُهُ: وَهُوَ أَفْضَلُ) أَيْ سَوَاءٌ فِي ذَلِكَ زَكَاةُ الظَّاهِرِ، وَالْبَاطِنِ اهـ. ع ش عَلَى م ر وَقَوْلُهُ: بِنَفْسِهِ أَوْ وَكِيلِهِ أَيْ الْعَدْلِ الْعَارِفِ كَمَا مَرَّ فِيمَا يَظْهَرُ اهـ. إيعَابٌ وَكَتَبَ عَلَيْهِ اُنْظُرْ لَوْ شَكَّ فِي نِيَّةِ الزَّكَاةِ بَعْدَ دَفْعِهَا هَلْ يَضُرُّ أَوْ لَا؟ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ الثَّانِي وَلَا يُشْكِلُ بِالصَّلَاةِ؛ لِأَنَّهَا عِبَادَةٌ بَدَنِيَّةٌ بِخِلَافِ هَذِهِ وَأَيْضًا هَذِهِ تُوَسَّعَ فِي نِيَّتِهَا لِجَوَازِ تَقْدِيمِهَا وَتَعْوِيضَهَا إلَى غَيْرِ الْمُزَكِّي وَنَحْوِ ذَلِكَ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ. شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ: إنْ كَانَ عَادِلًا) ظَاهِرُهُ رُجُوعُهُ لِزَكَاةِ الْمَالَيْنِ وَهُوَ غَيْرُ مُرَادٍ بَلْ هُوَ قَيْدٌ فِي الْبَاطِنِ فَقَطْ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ الْأَفْضَلَ فِي الظَّاهِرِ إعْطَاؤُهَا لِلْإِمَامِ وَلَوْ جَائِزًا اهـ. ع ش وَلَعَلَّ الْفَارِقَ بَيْنَهُمَا أَنَّ الزَّكَاةَ فِي الْمَالِ الظَّاهِرِ يُطَّلَعُ غَالِبًا عَلَى دَفْعِهَا لِلْمُسْتَحِقِّينَ فَإِذَا لَمْ يَدْفَعْهَا الْجَائِرُ يُمْكِنُ مُطَالَبَتُهُ بِهَا بِخِلَافِ زَكَاةِ الْمَالِ الْبَاطِنِ قَدْ لَا يُطَّلَعُ عَلَى دَفْعِهَا لِلْمُسْتَحِقِّينَ فَاشْتُرِطَ فِيهَا كَوْنُهُ عَادِلًا اهـ. اط ف (قَوْلُهُ: أَيْضًا إنْ كَانَ عَادِلًا فِيهَا) أَيْ وَإِنْ كَانَ جَائِرًا فِي غَيْرِهَا اهـ. ح ل.
(قَوْلُهُ: وَتَجِبُ نِيَّةٌ) ، وَالِاعْتِبَارُ فِيهَا بِالْقَلْبِ كَغَيْرِهَا اهـ. شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: وَبِهِ فَارَقَ) أَيْ بِكَوْنِهَا لَا تَقَعُ إلَّا فَرْضًا فَارَقَ. . . إلَخْ؛ لِأَنَّ الظُّهْرَ يَقَعُ عَلَى الْفَرْضِ، وَالنَّفَلِ فَالْمُرَادُ بِصَلَاةِ الظُّهْرِ صَاحِبَةُ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ فَرْضًا كَانَتْ أَوْ سُنَّةً فَلَا بُدَّ مِنْ التَّعَرُّضِ لِلْفَرْضِيَّةِ (قَوْلُهُ: مَا لَوْ نَوَى صَلَاةَ الظُّهْرِ) هَذَا التَّعْلِيلُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمُعَادَةَ لَا تَجِبُ فِيهَا نِيَّةُ الْفَرْضِيَّةِ وَقَدْ قَدَّمَ م ر أَنَّ الْمُعْتَمَدَ خِلَافُهُ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّ الْفَرْضِيَّةَ فِي الْمُعَادَةِ وَإِنْ وَجَبَتْ فَالْمُرَادُ بِهَا إعَادَةُ مَا كَانَ فَرْضًا بِالْأَصَالَةِ أَوْ نَحْوَهُ عَلَى مَا تَقَرَّرَ فِي مَحَلِّهِ، وَالْفَرْضُ الْمُمَيِّزُ لِلْأَصْلِيَّةِ عَنْ الْمُعَادَةِ هُوَ الْحَقِيقِيُّ فَلَا تَعَارُضَ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ. ع ش (قَوْلُهُ: وَلَا يَكْفِي فَرْضُ مَالِي) قِيلَ هَذَا أَيْ عَدَمُ كِفَايَةِ فَرْضِ مَالِي إنْ كَانَ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ غَيْرَ الزَّكَاةِ اهـ. وَيُرَدُّ بِأَنَّ الْقَرَائِنَ الْخَارِجِيَّةَ لَا تُخَصِّصُ النِّيَّةَ فَلَا عِبْرَةَ بِكَوْنِ ذَلِكَ عَلَيْهِ أَوْ لَا نَظَرًا لِصِدْقِ مَنْوِيَّةِ بِالْمُرَادِ وَغَيْرِهِ اهـ. شَرْحُ حَجّ وم ر.
(قَوْلُهُ: فَإِنْ نَوَى مَعَ ذَلِكَ) أَيْ مَعَ تَعْيِينِ الْمُخْرَجِ عَنْ الْغَائِبِ. اهـ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ الْغَائِبُ عَنْ مَجْلِسِهِ) أَيْ، وَالْمُرَادُ بِالْمَالِ الْغَائِبِ فِي تَمْثِيلِهِ الْمَذْكُورِ الْغَائِبُ عَنْ مَجْلِسِهِ أَيْ مَجْلِسِ الْمُخْرِجِ وَغَرَضُهُ بِهَذَا دَفْعُ مَا يُقَالُ كَيْفَ يَصِحُّ الْإِخْرَاجُ عَنْ الْغَائِبِ مَعَ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ الدَّفْعُ لِفُقَرَاء مَحَلِّ الْمَالِ وَلَوْ كَانَ غَائِبًا فَكَيْفَ يُخْرِجُ الْمَالِكُ عَنْهُ لِغَيْرِ أَهْلِ مَحَلِّهِ تَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: لَا عَنْ الْبَلَدِ) أَيْ أَوْ عَنْهَا فِي مَحَلٍّ لَا مُسْتَحِقَّ فِيهِ وَبَلَدُ الْمَالِكِ أَقْرَبُ الْبِلَادِ إلَيْهِ اهـ. ح ل.
(قَوْلُهُ: لَمْ تَقَعْ الْمَوْقِعَ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ نَوَى السَّفِيهُ لَكِنْ قَالَ سم وَيَنْبَغِي كَمَا وَافَقَ عَلَيْهِ م ر أَنَّهُ يَكْفِي نِيَّةُ السَّفِيهِ وَإِنْ لَمْ يُفَوِّضْهَا إلَيْهِ الْوَلِيُّ اهـ ع ش (قَوْلُهُ: أَنْ يُفَوِّضَ النِّيَّةَ إلَيْهِ) أَيْ السَّفِيهِ بِخِلَافِ الصَّبِيِّ وَلَوْ مُمَيِّزًا عَلَى مَا أَفْهَمَهُ تَعْبِيرُهُ بِالسَّفِيهِ لَكِنْ مُقْتَضَى إطْلَاقِهِ فِيمَا تَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلَهُ التَّوْكِيلُ خِلَافَهُ وَسَيَأْتِي مَا فِيهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ سم عَلَى الْمَنْهَجِ بَلْ يَنْبَغِي كَمَا وَافَقَ عَلَيْهِ الرَّمْلِيُّ عَلَى الْبَدِيهَةِ أَنَّهُ يَكْفِي فِيهِ السَّفِيهُ وَإِنْ لَمْ يُفَوِّضْ إلَيْهِ الْوَلِيُّ فَلْيُتَأَمَّلْ، وَأَقُولُ قَدْ يُتَوَقَّفُ فِيهِ وَيُقَالُ بِعَدَمِ الِاكْتِفَاءِ؛ لِأَنَّ السَّفِيهَ لَيْسَ لَهُ الِاسْتِقْلَالُ بِأَخْذِ الْمَالِ إلَّا أَنْ يُصَوِّرَ مَا قَالَهُ بِمَا إذَا عَزَلَ قَدْرَ الزَّكَاةِ أَوْ عَيَّنَهُ لَهُ وَقَالَ لَهُ: ادْفَعْهُ لِلْفُقَرَاءِ فَدَفَعَهُ وَاتَّفَقَ لَهُ أَنَّهُ نَوَى الزَّكَاةَ اهـ. ع ش عَلَى م ر.
وَعِبَارَةُ ح ل قَوْلُهُ: وَظَاهِرٌ أَنَّ لِوَلِيِّ السَّفِيهِ. . . إلَخْ ظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّهُ لَا يَكْفِيهِ الِاسْتِقْلَالُ بِالنِّيَّةِ وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي كَانَ مِنْ حَقِّهِ أَنْ يَنْوِيَ، وَنُقِلَ عَنْ شَيْخِنَا اعْتِمَادُ أَنَّ لَهُ أَنْ يَنْوِيَ بِخِلَافِ الصَّبِيِّ، وَظَاهِرُهُ وَلَوْ مُمَيِّزًا انْتَهَتْ.
(قَوْلُهُ: وَتَعْبِيرِي بِالْمَحْجُورِ. . . إلَخْ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَالْمُغْمَى عَلَيْهِ يُوَلَّى عَلَيْهِ كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي الْحَجْرِ وَحِينَئِذٍ فَيَنْوِي عَنْهُ الْوَلِيُّ أَيْضًا وَتَبِعَهُ عَلَى ذَلِكَ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ اهـ. إيعَابٌ