صَدَقَةَ عَامَيْنِ» فَأُجِيبُ عَنْهُ بِانْقِطَاعِهِ وَبِاحْتِمَالِ أَنَّهُ تَسَلَّفَ فِي عَامَيْنِ وَصَحَّحَ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ صِحَّةَ تَعْجِيلِهَا لَهُمَا وَعَزَوْهُ لِلنَّصِّ، وَالْأَكْثَرِينَ وَعَلَيْهِ فَهُوَ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا بَقِيَ بَعْدَ التَّعْجِيلِ نِصَابٌ كَتَعْجِيلِ شَاتَيْنِ مِنْ ثِنْتَيْنِ وَأَرْبَعِينَ شَاةً وَخَرَجَ بِانْعِقَادِ الْحَوْلِ مَا لَوْ لَمْ يَنْعَقِدْ كَمَا لَوْ مَلَكَ دُونَ نِصَابٍ مِنْ غَيْرِ عَرْضِ تِجَارَةٍ كَأَنْ مَلَكَ مِائَةَ دِرْهَمٍ فَعَجَّلَ خَمْسَةَ دَرَاهِمَ فَلَا يَصِحُّ تَعْجِيلُهَا لِفَقْدِ سَبَبِ وُجُوبِهَا.
(وَ) صَحَّ تَعْجِيلُهَا (لِفِطْرَةٍ فِي رَمَضَانَ) وَلَوْ فِي أَوَّلِهِ؛ لِأَنَّهَا تَجِبُ بِالْفِطْرِ مِنْ رَمَضَانَ فَهُوَ سَبَبٌ آخَرُ لَهَا أَمَّا قَبْلَهُ فَلَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّهُ تَقْدِيمٌ عَلَى السَّبَبَيْنِ.
(لَا) تَعْجِيلُهَا (لِنَابِتٍ) مِنْ تَمْرٍ وَحَبٍّ (قَبْلَ) وَقْتِ (وُجُوبِهَا) وَهُوَ بُدُوُّ الصَّلَاحِ وَاشْتِدَادُ الْحَبِّ كَمَا مَرَّ إذْ لَا يُعْرَفُ قَدْرُهُ تَحْقِيقًا وَلَا تَخْمِينًا أَمَّا بَعْدَهُ فَيَصِحُّ قَبْلَ الْجَفَافِ، وَالتَّصْفِيَةِ.
(وَشُرِطَ) لِإِجْزَاءِ الْمُعَجَّلِ (كَوْنُ الْمَالِكِ وَالْمُسْتَحِقِّ أَهْلًا) لِوُجُوبِ تِلْكَ الزَّكَاةِ وَلِأَخْذِهَا (وَقْتَ وُجُوبِهَا) .
ــ
[حاشية الجمل]
عَشَرَةً مَثَلًا وَنَوَى بِهَا الزَّكَاةَ، وَالتَّطَوُّعَ وَقَعَ الْكُلُّ تَطَوُّعًا، وَالْفَرْقُ أَنَّ مَسْأَلَةَ الْبَحْرِ قَدْ شَرَّكَ فِيهَا بَيْنَ الْفَرْض، وَالنَّفَلِ وَهُوَ مُضِرٌّ وَلَا كَذَلِكَ هُنَا اهـ. بِرْمَاوِيٌّ.
وَعِبَارَةُ الشَّوْبَرِيِّ قَوْلُهُ: يُجْزِئُ لِلْأَوَّلِ فَقَطْ قَالَ شَيْخُنَا: مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَ فِي ذَلِكَ مَيَّزَ حِصَّةَ كُلِّ عَامٍ أَمْ لَا كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْأَصْحَابِ خِلَافًا لِلسُّبْكِيِّ وَالْإِسْنَوِيِّ وَمَنْ تَبِعَهُمَا، وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ مَا ذَكَرَهُ فِي الْبَحْرِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ أَخْرَجَ مَنْ عَلَيْهِ خَمْسَةُ دَرَاهِمَ عَشَرَةً وَنَوَى بِهَا الزَّكَاةَ، وَالتَّطَوُّعَ وَقَعَ الْكُلُّ تَطَوُّعًا ظَاهِرُ اهـ. شَرْحِ م ر انْتَهَتْ. وَقَوْلُهُ: ظَاهِرٌ وَهُوَ أَنَّهُ فِي مَسْأَلَةِ الْبَحْرِ جَمَعَ بَيْنَ فَرْضٍ وَنَفْلٍ وَفِي هَذِهِ نَوَى مَا يُجْزِئُ وَمَا لَا يُجْزِئُ مِمَّا لَيْسَ عِبَادَةً أَصْلًا فَلَا يَصْلُحُ مُعَارِضًا لِمَا نَوَاهُ اهـ. ع ش عَلَيْهِ.
(قَوْلُهُ: يُجْزِئُ لِلْأَوَّلِ فَقَطْ) أَيْ يُجْزِئُ مِنْهُ مَا يَخُصُّ الْأَوَّلَ، وَالْبَاقِي يَسْتَرِدُّهُ فَلَا بُدَّ مِنْ هَذَا التَّأْوِيلِ لِصِدْقِ ظَاهِرِ الْعِبَارَةِ بِخِلَافِ الْمُرَادِ. اهـ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: صَدْقَةً عَامَيْنِ) يَجُوزُ تَنْوِينُ صَدَقَةً وَإِضَافَتُهَا، وَالْأَوَّلُ أَقْرَبُ لِلْجَوَابِ الْمَذْكُورِ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ: وَخَرَجَ بِانْعِقَادِ الْحَوْلِ مَا لَوْ لَمْ يَنْعَقِدْ) وَهَذَا بِخِلَافِ مَا لَوْ عَجَّلَ وَاحِدَةً مِنْ أَرْبَعِينَ لِعَامٍ فَإِنَّهُ يَصِحُّ وَإِنْ لَمْ يَبْقَ بَعْدَ إخْرَاجِهَا نِصَابٌ لِانْعِقَادِ الْحَوْلِ قَبْلَ إخْرَاجِهَا تَأَمَّلْ اهـ. شَوْبَرِيٌّ.
(قَوْلُهُ: وَلِفِطْرَةٍ) أَيْ عَنْ فِطْرَةٍ أَيْ زَكَاةِ فِطْرٍ. اهـ شَيْخُنَا وَتَأْخِيرُهَا أَفْضَلُ خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ مَنَعَهُ اهـ. ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا تَجِبُ بِالْفِطْرِ مِنْ رَمَضَانَ. . . إلَخْ) عِبَارَةُ شَرْحِ م ر لِانْعِقَادِ السَّبَبِ الْأَوَّلِ إذْ هِيَ وَجَبَتْ بِسَبَبَيْنِ رَمَضَانَ، وَالْفِطْرِ مِنْهُ وَقَدْ وُجِدَ أَحَدُهُمَا فَجَازَ تَقْدِيمُهَا عَلَى الْآخَرِ وَلِأَنَّ التَّقْدِيمَ بِيَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ جَائِزٌ بِاتِّفَاقِ الْأَصْحَابِ فَأُلْحِقَ الْبَاقِي بِهِ قِيَاسًا بِجَامِعِ إخْرَاجِهَا فِي جُزْءٍ مِنْهُ انْتَهَتْ (قَوْلُهُ: فَهُوَ) أَيْ رَمَضَانُ سَبَبٌ آخَرُ لَكِنَّ الْمُرَادَ مَا يَشْمَلُ كُلَّهُ أَوْ بَعْضَهُ فَإِذَا عَجَّلَهَا فِيهِ يُقَالُ إنَّهُ عَجَّلَهَا عَنْ أَحَدِ السَّبَبَيْنِ وَهُوَ الْفِطْرُ وَأَمَّا السَّبَبُ الْآخَرُ فَقَدْ عَجَّلَهَا فِيهِ لَا عَنْهُ وَمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ أَحَدَ السَّبَبَيْنِ آخِرُ جُزْءٍ مِنْ رَمَضَانَ فَهُوَ بَيَانٌ لِأَقَلِّ مَا يَتَحَقَّقُ بِهِ السَّبَبُ الْأَوَّلُ. اهـ شَيْخُنَا.
وَعِبَارَةُ الْبِرْمَاوِيِّ قَوْلُهُ: فَهُوَ سَبَبٌ آخَرُ لَهَا الضَّمِيرُ رَاجِعٌ لِرَمَضَانَ، فَالسَّبَبُ الثَّانِي الْفِطْرُ مِنْهُ وَالسَّبَبُ الْأَوَّلُ دُخُولُهُ انْتَهَتْ.
(قَوْلُهُ: إذْ لَا يُعْرَفُ قَدْرُهُ تَحْقِيقًا وَلَا تَخْمِينًا) أَيْ وَلِأَنَّ وُجُوبَهَا بِسَبَبٍ وَاحِدٍ وَهُوَ إدْرَاكُ الثِّمَارِ وَالْحُبُوبِ فَيَمْتَنِعُ التَّقْدِيمُ عَلَيْهِ اهـ. شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: أَمَّا بَعْدَهُ فَيَصِحُّ) أَيْ حَيْثُ كَانَ الْإِخْرَاجُ مِنْ غَيْرِ الثَّمَرِ وَالْحَبِّ اللَّذَيْنِ أَرَادَ الْإِخْرَاجَ عَنْهُمَا لِمَا تَقَدَّمَ أَنَّهُ لَوْ أَخْرَجَ مِنْ الرُّطَبِ أَوْ الْعِنَبِ قَبْلَ جَفَافِهِ لَا يُجْزِئُ وَإِنْ جَفَّ وَتَحَقَّقَ أَنَّ الْمُخْرَجَ يُسَاوِي الْوَاجِبَ أَوْ يَزِيدُ عَلَيْهِ اهـ. ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: قَبْلَ الْجَفَافِ، وَالتَّصْفِيَةِ) أَيْ بِأَنْ يُخْرِجَ مِنْ شَيْءٍ آخَرَ عِنْدَهُ جَافًّا مُصَفًّى فَالْإِخْرَاجُ لَازِمٌ بَعْدَ الْجَفَافِ، وَالتَّصْفِيَةِ؛ لِأَنَّهُ وَقْتُهُ وَلَوْ غَابَ الْآخِذُ وَلَمْ تُعْلَمْ حَيَاتُهُ أَوْ لِاحْتِيَاجِهِ لَمْ يَضُرَّ كَمَا قَالَهُ الْحَنَّاطِيُّ، وَفِي الْبَحْرِ نَحْوِهِ: لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ الِاسْتِحْقَاقِ فَقَوْلُهُ: قَبْلَ وَقْتِ وُجُوبِهَا أَيْ يَقِينًا أَوْ اسْتِصْحَابًا بِدَلِيلِ مَا لَوْ غَابَ الْمَدْفُوعُ إلَيْهِ وَيُقَاسَ عَلَى ذَلِكَ غَيْبَةُ الْمَالِ حَتَّى لَوْ عَجَّلَ عَنْهُ فِي مَحَلٍّ ثُمَّ سَافَرَ بِهِ إلَى مَحَلٍّ آخَرَ أَجْزَأَهُ الْمُعَجَّلُ كَمَا اعْتَمَدَهُ الْعَلَّامَةُ الرَّمْلِيُّ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ: وَشُرِطَ لِإِجْزَاءِ الْمُعَجَّلِ. إلَخْ) الَّذِي اعْتَمَدَهُ م ر أَنَّهُ يَكْفِي فِي الْمُسْتَحِقِّ كَوْنُهُ بِصِفَةِ الِاسْتِحْقَاقِ وَقْتَ الْأَخْذِ، وَوَقْتَ الْوُجُوبِ وَإِنْ خَرَجَ عَنْ ذَلِكَ بَيْنَهُمَا كَأَنْ ارْتَدَّ بَعْدَ الْأَخْذِ ثُمَّ أَسْلَمَ قَبْلَ تَمَامِ الْحَوْلِ وَكَذَا لَوْ غَابَ عِنْدَ الْحَوْلِ أَوْ قَبْلَهُ وَلَمْ تُعْلَمْ حَيَاتُهُ أَوْ احْتِيَاجُهُ أَجْزَأَ الْمُعَجَّلُ كَمَا فِي فَتَاوَى الْحَنَّاطِيِّ وَهُوَ أَقْرَبُ الْوَجْهَيْنِ فِي الْبَحْرِ وَأَمَّا الْمَالِكُ فَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ بِصِفَةِ الْوُجُوبِ جَمِيعَ الْحَوْلِ اهـ خَضِرِيٌّ وَأُجْهُورِيٌّ عَلَى التَّحْرِيرِ وَلَا بُدَّ مِنْ الْعِلْمِ بِكَوْنِ الْآخِذِ مُسْتَحِقًّا فِي آخِرِ الْحَوْلِ أَيْ وَلَوْ بِالِاسْتِصْحَابِ فَلَوْ غَابَ عِنْدَ الْحَوْلِ أَوْ قَبْلَهُ وَلَمْ تُعْلَمْ حَيَاتُهُ أَوْ احْتِيَاجُهُ أَجْزَأَ الْمُعَجَّلُ كَمَا فِي فَتَاوَى الْحَنَّاطِيِّ وَهُوَ أَقْرَبُ الْوَجْهَيْنِ فِي الْبَحْرِ وَمِثْلُ ذَلِكَ مَا لَوْ حَصَلَ الْمَالُ عِنْدَ الْحَوْلِ بِبَلَدٍ غَيْرِ بَلَدِ الْقَابِضِ فَإِنَّ الْمَدْفُوعَ يُجْزِئُ عَنْ الزَّكَاةِ كَمَا اعْتَمَدَهُ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذْ لَا فَرْقَ بَيْنَ غَيْبَةِ الْقَابِضِ عَنْ بَلَدِ الْمَالِ وَخُرُوجِ الْمَالِ عَنْ بَلَدِ الْقَابِضِ خِلَافًا لِبَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ اهـ. شَرْحُ م ر وَهَلْ يَجْرِي ذَلِكَ فِي الْبَدَنِ فِي الْفِطْرَةِ حَتَّى لَوْ عَجَّلَ الْفِطْرَةَ ثُمَّ كَانَ عِنْدَ الْوُجُوبِ فِي بَلَدٍ آخَرَ أَجْزَأَ أَوْ لَا وَلَا بُدَّ مِنْ الْإِخْرَاجِ ثَانِيًا إذَا كَانَ عِنْدَ الْوُجُوبِ بِبَلَدٍ آخَرَ فِيهِ نَظَرٌ اهـ. سم عَلَى حَجّ وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ لِلْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ فَإِنَّ قَضِيَّتَهَا أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ زَكَاةِ الْمَالِ، وَالْبَدَنِ اهـ. ع ش عَلَيْهِ (فَرْعٌ)
لَوْ شَكَّ فِي تَقَدُّمِ الْمَوْتِ أَيْ عَلَى