(وَإِذَا لَمْ يَجُزْ الْمُعَجَّلُ) لِانْتِفَاءِ شَرْطٍ مِمَّا ذُكِرَ (اسْتَرَدَّهُ) إنْ بَقِيَ (أَوْ بَدَلَهُ) مِنْ مِثْلٍ أَوْ قِيمَةٍ إنْ تَلِفَ (وَالْعِبْرَةُ بِقِيمَةِ وَقْتِ قَبْضٍ) لَا وَقْتِ تَلَفٍ؛ لِأَنَّ مَا زَادَ حَصَلَ فِي مِلْكِ الْقَابِضِ فَلَا يَضْمَنُهُ وَيَسْتَرِدُّ ذَلِكَ (بِلَا زِيَادَةٍ مُنْفَصِلَةٍ) كَلَبَنٍ
ــ
[حاشية الجمل]
حَصَلَ غِنَاهُ مِنْ زَكَاةٍ أُخْرَى وَتَمَّتْ فِي يَدِهِ بِقَدْرِ مَا يُوَفِّي مِنْهَا بَدَلَ التَّالِفِ وَيَبْقَى غِنَاهُ وَبِمَا إذَا بَقِيَتْ وَكَانَ حَالَةَ قَبْضِهَا مُحْتَاجًا إلَيْهِمَا ثُمَّ تَغَيَّرَ حَالُهُ فَصَارَ فِي آخِرِ الْحَوْلِ يَكْتَفِي بِإِحْدَاهُمَا وَهُمَا فِي يَدِهِ، وَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ لَوْ أَخَذَ مُعَجَّلَتَيْنِ مَعًا وَكُلٌّ مِنْهُمَا تُغْنِيهِ تَخَيَّرَ فِي دَفْعِ أَيِّهِمَا شَاءَ فَإِنْ أَخَذَهُمَا مُرَتِّبًا اُسْتُرِدَّتْ الْأُولَى عَلَى مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْفَارِقِيِّ، وَالْمُعْتَمَدُ كَمَا جَرَى عَلَيْهِ السُّبْكِيُّ أَنَّ الثَّانِيَةَ أَوْلَى بِالِاسْتِرْجَاعِ.
وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُ الْبَنْدَنِيجِيِّ وَغَيْرُهُ لَوْ كَانَ الْمَدْفُوعُ إلَيْهِ الْمُعَجَّلَةُ غَنِيًّا عِنْدَ الْأَخْذِ فَقِيرًا عِنْدَ الْوُجُوبِ لَمْ يُجْزِهِ قَطْعًا لِفَسَادِ الْقَبْضِ وَلَوْ كَانَتْ الثَّانِيَةُ غَيْرَ مُعَجَّلَةٍ فَالْأُولَى هِيَ الْمُسْتَرَدَّةُ وَعَكْسُهُ بِعَكْسِهِ إذْ لَا مُبَالَاةَ بِعُرُوضِ الْمَانِعِ بَعْدَ قَبْضِ الزَّكَاةِ الْوَاجِبَةِ وَلَوْ اسْتَغْنَى بِالزَّكَاةِ وَغَيْرِهَا لَمْ يَضُرَّ أَيْضًا كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ؛ لِأَنَّهُ بِدُونِهَا لَيْسَ بِغَنِيٍّ خِلَافًا لِإِمَامِ الْحَرَمَيْنِ فِي شَامِلِهِ انْتَهَتْ.
(قَوْلُهُ: وَإِذَا لَمْ يَجُزْ الْمُعَجَّلُ. إلَخْ) وَلَيْسَ لَهُ الِاسْتِرْدَادُ قَبْلَ عُرُوضِ الْمَانِعِ لِتَبَرُّعِهِ بِالتَّعْجِيلِ فَامْتَنَعَ عَلَيْهِ الرُّجُوعُ فِيهِ كَمَنْ عَجَّلَ دَيْنًا مُؤَجَّلًا حَتَّى لَوْ شَرَطَ الِاسْتِرْدَادَ بِدُونِ مَانِعٍ لَمْ يَسْتَرِدَّ، وَالْقَبْضُ حِينَئِذٍ صَحِيحٌ فِيمَا يَظْهَرُ إلَّا إذَا كَانَ عَالِمًا بِفَسَادِ الشَّرْطِ لِتَبَرُّعِهِ حِينَئِذٍ بِالدَّفْعِ اهـ. شَرْحُ م ر (فَرْعٌ)
لَوْ أَخْرَجَ الْمُرْتَدُّ حَالَ رِدَّتِهِ زَكَاةً مُعَجَّلَةً أَوْ وَاجِبَةً ثُمَّ مَاتَ مُرْتَدًّا فَالْوَجْهُ الَّذِي لَا يَصِحُّ غَيْرُهُ وِفَاقًا لِلطَّبَلَاوِيِّ وم ر أَنَّهَا تُسْتَرَدُّ وَتَكُونُ فَيْئًا وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْ الِاسْتِرْدَادَ فِي الْمُعَجَّلَةِ؛ لِأَنَّهُ تَبَيَّنَ زَوَالُ مِلْكِهِ وَأَنَّهُ تَصَرُّفٌ فِي مِلْكِ غَيْرِهِ وَشَرْطُ الِاسْتِرْدَادِ وَعَدَمُهُ إنَّمَا يُؤَثِّرُ بِالنِّسْبَةِ لِلْمَالِكِ وَهَذَا غَيْرُ مَالِكٍ بِخِلَافِ مَا لَوْ أَخْرَجَ الْمُسْلِمُ ثُمَّ مَاتَ مُرْتَدًّا فَإِنَّهُ لَا يُسْتَرَدُّ؛ لِأَنَّهُ حِينَ تَصَرُّفِهِ كَانَ مَالِكًا كَمَا وَافَقَ عَلَيْهِ م ر نَعَمْ إنْ كَانَ شُرِطَ الِاسْتِرْدَادُ فَالْوَجْهُ أَنَّ الْإِمَامَ يَسْتَرِدُّ وَيَكُونُ فَيْئًا فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ. سم (قَوْلُهُ: اسْتَرَدَّهُ. . . إلَخْ) وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِلْقَابِضِ فِي مُقَابَلَةِ النَّفَقَةِ؛ لِأَنَّهُ أَنْفَقَ عَلَى نِيَّةِ أَنْ لَا يَرْجِعَ قِيَاسًا عَلَى الْغَاصِبِ إذَا جَهِلَ كَوْنَهُ مَغْصُوبًا وَعَلَى الْمُشْتَرِي شِرَاءً فَاسِدًا اهـ. ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: أَيْضًا اسْتَرَدَّهُ أَوْ بَدَلَهُ) أَيْ وَيَجِبُ تَجْدِيدُ الزَّكَاةِ ثَانِيًا كَمَا مَرَّ نَعَمْ لَوْ عَجَّلَ شَاةً مِنْ أَرْبَعِينَ فَتَلِفَتْ فِي يَدِ الْقَابِضِ لَمْ يَجِبْ التَّجْدِيدُ لِأَنَّ الْوَاجِبَ الْقِيمَةُ وَلَا يَكْمُلُ بِهَا نِصَابُ السَّائِمَةِ اهـ. شَرْحُ م ر وَقَوْلُهُ: لَمْ يَجِبْ التَّجْدِيدُ أَيْ، وَالصُّورَةُ أَنَّهُ عَرَضَ مَانِعٌ مِنْ وُقُوعِهَا زَكَاةً اهـ. رَشِيدِيٌّ (قَوْلُهُ: أَيْضًا اسْتَرَدَّهُ أَوْ بَدَلَهُ) قَالَ فِي الْعُبَابِ، وَالْإِيعَابِ وَحِينَئِذٍ لَا يَحْتَاجُ إلَى نَقْضِ الْمِلْكِ بِلَفْظٍ يَدُلُّ عَلَيْهِ كَرَجَعْت بَلْ يُنْتَقَضُ بِنَفْسِهِ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْإِمَامِ وَبِهِ يُعْلَمُ أَنَّ مِلْكَ الْمُعَجَّلِ يَنْتَقِلُ لِلدَّافِعِ بِمُجَرَّدِ وُجُودِ سَبَبِ الرُّجُوعِ مِنْ غَيْرِ لَفْظٍ وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا يُصَرِّحُ بِهِ قَوْلُهُ: أَيْضًا لَيْسَ هَذَا كَالرُّجُوعِ فِي الْهِبَةِ؛ لِأَنَّ الْقَابِضَ هُنَا لَا يَمْلِكُ إلَّا بِسَبَبِ الزَّكَاةِ فَإِذَا لَمْ يَقَعْ زَكَاةً زَالَ الْمِلْكُ اهـ. شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ: مِنْ مِثْلٍ) كَأَنْ عَجَّلَ زَكَاةَ الثِّمَارِ بَعْدَ صَلَاحِهَا أَوْ الْحُبُوبِ بَعْدَ اشْتِدَادِهَا كَأَنْ أَخْرَجَ تَمْرًا أَوْ حَبًّا مِمَّا عِنْدَهُ قَبْلَ جَفَافِ الثِّمَارِ وَتَصْفِيَةِ الْحُبُوبِ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ: إنْ تَلِفَ) وَفِي مَعْنَى التَّلَفِ الْبَيْعُ وَنَحْوُهُ اهـ. شَرْحُ م ر وَبَقِيَ مَا لَوْ وَجَدَهُ مَرْهُونًا والْأَقْرَبُ فِيهِ أَخْذُ قِيمَتِهِ لِلْحَيْلُولَةِ أَوْ يَصْبِرُ إلَى فِكَاكِهِ أَخْذًا مِمَّا فِي الْبَيْعِ اهـ. ع ش عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ مَا زَادَ حَصَلَ فِي مِلْكِ الْقَابِضِ فَلَا يَضْمَنُهُ) .
(تَنْبِيهٌ)
هَلْ يَجْرِي هَذَا التَّفْصِيلُ فِي غَيْرِ الزَّكَاةِ مِمَّا هُوَ نَظِيرُهَا بِأَنْ كَانَ لَهُ سَبَبَانِ فَعَجَّلَ عَنْ أَحَدِهِمَا كَأَنْ ذَبَحَ مُتَمَتِّعٌ عَقِبَ فَرَاغِ عُمْرَتِهِ ثُمَّ دَفَعَهُ لَلْمُسْتَحِقّ فَبَانَ أَنَّهُ مِمَّنْ لَا يَلْزَمُهُ دَمٌ فَيُقَالُ إنْ شَرَطَ أَوْ قَالَ دَمِي الْمُعَجَّلُ أَوْ عَلِمَ الْقَابِضُ بِالتَّعْجِيلِ رَجَعَ وَإِلَّا فَلَا أَوْ يَخْتَصُّ هَذَا بِالزَّكَاةِ وَيُفَرَّقُ بِأَنَّهَا فِي أَصْلِهَا مُوَاسَاةٌ فَرُفِقَ بِمُخْرِجِهَا مُعَجَّلًا لَهَا بِتَوْسِيعِ طُرُقِ الرُّجُوعِ لَهُ بِخِلَافِ نَحْوِ الدَّمِ، وَالْكَفَّارَةِ فَإِنَّهُ فِي أَصْلِهِ بَدَلُ جِنَايَةٍ فَضُيِّقَ عَلَيْهِ بِعَدَمِ رُجُوعِهِ فِي تَعْجِيلِهِ مُطْلَقًا كُلٌّ مُحْتَمَلٌ وَفَرْضُهُمْ ذَلِكَ فِي الزَّكَاةِ وَلَمْ يَتَعَرَّضُوا لِغَيْرِهَا يَمِيلُ لِلثَّانِي وَالْمُدْرَكُ يَمِيلُ لِلْأَوَّلِ اهـ. حَجّ اهـ. شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ: حَصَلَ فِي مِلْكِ الْقَابِضِ) يُشْعِرُ بِأَنَّ الْقَابِضَ لَوْ كَانَ غَيْرَ مُسْتَحِقٍّ حَالَ الْقَبْضِ لَزِمَهُ قِيمَتُهُ وَقْتَ التَّلَفِ لِعَدَمِ مِلْكِهِ لِلزِّيَادَةِ وَهُوَ نَظِيرُ مَا يَأْتِي مِنْ اسْتِرْدَادِ الزِّيَادَةِ الْمُنْفَصِلَةِ وَمَا مَعَهَا فِي هَذِهِ الْحَالَةِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: بِلَا زِيَادَةٍ مُنْفَصِلَةٍ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ حَقِيقَةً كَالْوَلَدِ، وَالْكَسْبِ أَوْ حُكْمًا كَاللَّبَنِ بِضَرْعِ الدَّابَّةِ، وَالصُّوفِ بِظَهْرِهَا كَمَا فِي الْمَوْهُوبِ لِلْوَلَدِ، وَالْمَبِيعِ لِلْمُفْلِسِ بِجَامِعِ حُدُوثِ الزِّيَادَةِ فِي مِلْكِ الْآخِذِ. اهـ.
وَقَوْلُهُ: وَالصُّوفِ بِظَهْرِهَا أَيْ إذَا بَلَغَ أَوْ إنْ جَذَّهُ كَمَا قَيَّدَهُ الشِّهَابُ ابْنُ حَجّ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ وَأَمَّا إذَا لَمْ يَبْلُغْ أَوَانَ الْجَذِّ عَادَةً فَهُوَ مِنْ الزِّيَادَةِ الْمُتَّصِلَةِ فَتَنَبَّهْ لَهُ وَلَا يُشْكِلُ اللَّبَنُ بِالضَّرْعِ، وَالصُّوفُ بِالظَّهْرِ بِالْحَمْلِ خُصُوصًا مَا بَلَغَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute