للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَإِنَّمَا جَازَ إخْرَاجُهَا مِنْ غَيْرِهِ لِبِنَاءِ أَمْرِهَا عَلَى الْمُسَاهَلَةِ، وَالْإِرْفَاقِ، وَالْوَاجِبُ إنْ كَانَ مِنْ غَيْرِ جِنْسِ الْمَالِ كَشَاةٍ وَاجِبَةٍ فِي الْإِبِلِ مَلَكَ الْمُسْتَحِقُّونَ بِقَدْرِ قِيمَتِهَا مِنْ الْإِبِلِ أَوْ مِنْ جِنْسِهِ كَشَاةٍ مِنْ أَرْبَعِينَ شَاةً فَهَلْ الْوَاجِبُ شَاةٌ أَوْ جُزْءٌ مِنْ كُلِّ شَاةٍ وَجْهَانِ أَرْجَحُهُمَا الثَّانِي كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِي.

(فَلَوْ بَاعَهُ) أَيْ مَا تَعَلَّقَتْ بِهِ الزَّكَاةُ (أَوْ بَعْضَهُ قَبْلَ إخْرَاجِهَا

ــ

[حاشية الجمل]

بِجَمِيعِهِ وَعَلَى الْأَوَّلِ يَأْتِي الْوَجْهَانِ فِي مَسْأَلَةِ الشَّاةِ السَّابِقَةِ فَلَوْ بَاعَهُ أَيْ الْمَالَ بَعْدَ وُجُوبِ الزَّكَاةِ قَبْلَ إخْرَاجِهَا فَالْأَظْهَرُ بُطْلَانُهُ أَيْ الْبَيْعِ فِي قَدْرِهَا وَصِحَّتُهُ فِي الْبَاقِي، وَالثَّانِي بُطْلَانُهُ فِي الْجَمِيعِ، وَالثَّالِثُ صِحَّتُهُ فِي الْجَمِيعِ وَالْأَوَّلَانِ قَوْلَا تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ وَيَأْتِيَانِ عَلَى تَعَلُّقِ الشَّرِكَةِ وَتَعَلُّقِ الرَّهْنِ أَوْ الْأَرْشِ بِقَدْرِ الزَّكَاةِ وَيَأْتِي الثَّالِثُ عَلَى ذَلِكَ أَيْضًا فَفِي قَوْلٍ يَصِحُّ الْبَيْعُ عَلَى قَدْرِ الزَّكَاةِ عَلَى تَعَلُّقِ الشَّرِكَةِ؛ لِأَنَّ مِلْكَ الْمُسْتَحِقِّينَ غَيْرُ مُسْتَقِرٍّ فِيهِ إذْ لِلْمَالِكِ إخْرَاجُ الزَّكَاةِ مِنْ غَيْرِ مَالِهَا وَعَلَى تَعَلُّقِ الرَّهْنِ؛ لِأَنَّهُ يَثْبُتُ مِنْ غَيْرِ اخْتِيَارِ الْمَالِكِ وَلِغَيْرِ مُعَيَّنٍ فَسُومِحَ فِيهِ مَا لَا يُسَامَحُ فِي سَائِرِ الْمَرْهُونِ وَعَلَى تَعَلُّقِ الْأَرْشِ وَيَكُونُ بِالْبَيْعِ مُخْتَارًا لِلْإِخْرَاجِ مِنْ مَالٍ آخَرَ وَإِذَا صَحَّ فِي قَدْرِهَا فَمَا سِوَاهُ أَوْلَى وَعَلَى تَعَلُّقِ الذِّمَّةِ يَصِحُّ بَيْعُ الْجَمِيعِ قَطْعًا.

وَلَوْ بَاعَ بَعْضَ الْمَالِ وَلَمْ يَبْقَ قَدْرُ الزَّكَاةِ فَهُوَ كَمَا لَوْ بَاعَ الْجَمِيعَ وَإِذَا أَبْقَى قَدْرَهَا بِنِيَّةِ الصَّرْفِ فِيهَا أَوْ بِلَا نِيَّةٍ فَعَلَى تَعَلُّقِ الشَّرِكَةِ فِي صِحَّةِ الْبَيْعِ وَجْهَانِ قَالَ ابْنُ الصَّبَّاغِ: أَقْيَسُهُمَا الْبُطْلَانُ؛ لِأَنَّ حَقَّ الْمُسْتَحِقِّينَ شَائِعٌ فَأَيُّ قَدْرٍ بَاعَهُ كَانَ حَقَّهُ وَحَقَّهُمْ، وَالْأَوَّلُ قَالَ مَا بَاعَهُ حَقُّهُ وَعَلَى تَعَلُّقِ الرَّهْنِ أَوْ الْأَرْشِ بِقَدْرِ الزَّكَاةِ يَصِحُّ الْبَيْعُ انْتَهَتْ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا جَازَ إخْرَاجُهَا. . . إلَخْ) وَارِدٌ عَلَى قَوْلِهِ تَعَلُّقَ شَرِكَةٍ إذْ كَانَ مُقْتَضَاهُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ إخْرَاجُهَا مِنْ غَيْرِ الْمَالِ (قَوْلُهُ: لِبِنَاءِ أَمْرِهَا عَلَى الْمُسَاهَلَةِ) يُعْتَذَرُ بِذَلِكَ أَيْضًا عَنْ عَدَمِ الْمُشَارَكَةِ فِيمَا يَحْصُلُ مِنْ أَمْرِ الْفَوَائِدِ كَالنَّسْلِ وَالدَّرِّ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ: بِقَدْرِ قِيمَتِهَا) مِنْ الْإِبِلِ وَلَوْ بَاعَ النِّصَابَ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ بَطَلَ فِي الْكُلِّ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَلَوْ أَصْدَقَ زَوْجَتَهُ نِصَابًا فَمَكَثَ عِنْدَهُ حَوْلًا ثُمَّ قَالَتْ لَهُ طَلِّقْنِي فَقَالَ لَهَا: إنْ أَبْرَأْتنِي فَأَنْت طَالِقٌ فَأَبْرَأَتْهُ فَإِنَّهُ لَا يَقَعُ الطَّلَاقُ وَمَحَلُّ ذَلِكَ مَا لَمْ تُعْطِ زَكَاةَ النِّصَابِ فَإِنْ أَعْطَتْ الزَّكَاةَ وَأَبْرَأَتْهُ طَلُقَتْ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ.

(قَوْلُهُ: فَلَوْ بَاعَهُ أَوْ بَعْضَهُ قَبْلَ إخْرَاجِهَا. . إلَخْ) سُئِلَ شَيْخُنَا حَجّ عَمَّنْ بَاعَ النِّصَابَ وَقُلْنَا بِالرَّاجِحِ وَهُوَ بُطْلَانُ الْبَيْعِ فِي قَدْرِ الزَّكَاةِ فَقَطْ فَإِذَا رَدَّ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ قَدْرَ الزَّكَاةِ فَهَلْ يَنْقَطِعُ تَعَلُّقُ السَّاعِي عَلَى مَا بِيَدِهِ أَوْ لَا فَأَجَابَ بِقَوْلِهِ الَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ إنْ مُيِّزَ ذَلِكَ بِإِذْنِ الْبَائِعِ لَمْ يَكُنْ لِلسَّاعِي مُطَالَبَتُهُ؛ لِأَنَّ لِلْمَالِكِ أَنْ يُعَيِّنَ قَدْرَ الزَّكَاةِ مِنْ النِّصَابِ فِي وَاحِدَةٍ وَلَيْسَ لِلسَّاعِي طَلَبُ غَيْرِهَا وَلَا شَكَّ أَنَّ تَمْيِيزَهُ أَوْ تَمْيِيزَ الْمُشْتَرِي بِإِذْنِهِ بِمَثَابَةِ تَعْيِينِهِ فِيهِ فَيَنْحَصِرُ حَقُّ السَّاعِي فِيمَا عَيَّنَهُ فَلَيْسَ لَهُ مُطَالَبَةُ الْمُشْتَرِي بِشَيْءٍ وَإِنْ مَيَّزَهُ بِغَيْرِ إذْنِ الْبَائِعِ فَالتَّمْيِيزُ فَاسِدٌ فَلَا يَنْقَطِعُ فِيهِ حَقُّ السَّاعِي وَإِنْ قَبَضَهُ الْبَائِعُ إذْ رِضَاهُ بِهِ بَعْدَ وُقُوعِهِ فَاسِدًا لَا يَقْلِبُهُ صَحِيحًا إلَى آخِرِ مَا ذَكَرَهُ مِمَّا يَجِبُ الْوُقُوفُ عَلَيْهِ وَاسْتِفَادَتُهُ، وَسُئِلَ شَيْخُنَا الْمَذْكُورُ أَيْضًا عَمَّنْ بَاعَ النِّصَابَ قَبْلَ الْحَوْلِ فَتَمَّ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ وَهُوَ فِي مِلْكِهِ أَوْ فِي مِلْكِ الْمُشْتَرِي أَوْ مَوْقُوفٌ مَا حُكْمُهُ فَأَجَابَ بِأَنَّهُ إنْ كَانَ الْخِيَارُ لِلْبَائِعِ فَمِلْكُ الْمَبِيعِ لَهُ فَتَجِبُ زَكَاتُهُ فَإِنْ تَمَّ الْبَيْعُ فَهُوَ كَبَيْعِهِ بَعْدَ الْحَوْلِ وَإِنْ كَانَ لِلْمُشْتَرِي فَلَا زَكَاةَ عَلَى أَحَدٍ وَكَذَا إنْ قُلْنَا مَوْقُوفٌ مَا لَمْ يُفْسَخْ الْعَقْدُ فَالزَّكَاةُ عَلَى الْبَائِعِ وَلَوْ لَزِمَ الْبَيْعُ فَامْتَنَعَ الْبَائِعُ مِنْ إخْرَاجِ الزَّكَاةِ إلَّا مِنْ الْمَبِيعِ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: فَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا لَمْ يُمْكِنْ أَوْ مُوسِرًا فَإِنْ كَانَ نِصَابَ تِجَارَةٍ فَهَذَا يَجِبُ أَنْ تُؤْخَذَ زَكَاتُهُ مِنْ مَالِ بَائِعِهِ لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْمُشْتَرِي بِالْعَيْنِ، وَالزَّكَاةِ بِالْقِيمَةِ وَمَا تَعَلَّقَ بِالْعَيْنِ أَقْوَى وَإِنْ كَانَ مِمَّا تَجِبُ الزَّكَاةُ فِي عَيْنِهِ فَإِنْ قُلْنَا بِالشَّرِكَةِ أُخِذَتْ مِنْ الْمَبِيعِ اهـ. وَفِيهِ نَظَرٌ.

وَالْأَوْجَهُ عِنْدِي أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْمُوسِرِ، وَالْمُعْسِرِ؛ لِأَنَّهُ إنْ رَاعَى حَقَّ الْمُشْتَرِي فَمُرَاعَاةُ حَقِّ الْمُسْتَحِقِّينَ أَوْلَى وَلَا نَظَرَ لِتَجَدُّدِ وُجُوبِ الزَّكَاةِ عَلَيْهِ بَعْدَ الْبَيْعِ؛ لِأَنَّ أَحَدَهُمَا كَانَ مُتَمَكِّنًا مِنْ الْفَسْخِ عِنْدَ وُجُوبِهَا وَمَا ذَكَرَهُ فِي مَسْأَلَةِ التِّجَارَةِ مُحْتَمَلٌ اهـ.

(فَرْعٌ)

قَالَ فِي الْعُبَابِ: وَأَنَّهُ لَوْ نَذَرَ التَّصَدُّقَ بِعَيْنِ النِّصَابِ أَوْ بَعْضِهِ مُعَيَّنًا أَوْ قَالَ جَعَلْته صَدَقَةً أَوْ هَدْيًا أَوْ أُضْحِيَّةً فَتَمَّ الْحَوْلُ قَبْلَ صَرْفِهِ بِجِهَةِ النَّذْرِ فَلَا زَكَاةَ لِزَوَالِ مِلْكِهِ عَنْهُ، أَوْ غَيْرَ مُعَيَّنٍ كَنَذْرِهِ التَّصَدُّقَ بِشَاةٍ وَجَبَتْ وَلَوْ لَزِمَهُ حَجٌّ أَوْ كَفَّارَةٌ فَكَدَيْنِ النَّذْرِ وَلَوْ نَذَرَ التَّصَدُّقَ بِخُمْسِ مُعَشَّرَاتِهِ تَصَدَّقَ بِهِ وَزَكَّى الْبَاقِيَ إنْ كَانَ نِصَابًا أَوْ التَّصَدُّقَ بِخُمُسِ مَالِهِ أَخْرَجَ الزَّكَاةَ ثُمَّ تَصَدَّقَ بِخُمُسِ الْبَاقِي. اهـ.

وَقَوْلُهُ: تَصَدَّقَ بِهِ وَزَكَّى الْبَاقِيَ إنْ كَانَ نِصَابًا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ النَّذْرَ قَبْلَ تَمَامِ الْحَوْلِ لِظُهُورِ أَنَّهُ إذَا كَانَ بَعْدَ تَمَامِهِ زَكَّى الْجَمِيعَ لِوُجُوبِ زَكَاةِ الْجَمِيعِ بِمُجَرَّدِ تَمَامِ الْحَوْلِ فَلَا يُؤَثِّرُ فِيهِ النَّذْرُ فَلْيُرَاجَعْ.

وَقَوْلُهُ: أَخْرَجَ الزَّكَاةَ ثُمَّ تَصَدَّقَ بِخُمُسِ الْبَاقِي لَعَلَّ ذَلِكَ مُصَوَّرٌ بِمَا إذَا كَانَ النَّذْرُ بَعْدَ تَمَامِ الْحَوْلِ وَإِلَّا كَانَ الْقِيَاسُ وُجُوبَ التَّصَدُّقِ بِخُمُسِ الْجَمِيعِ لَا بِخُمُسِ الْبَاقِي لِوُجُوبِ التَّصَدُّقِ

<<  <  ج: ص:  >  >>