فَإِنَّ عَلَيْهِ مَعَ الْقَضَاءِ الْمُدَّ؛ لِأَنَّ سِتَّةً مِنْ الصَّحَابَةِ أَفْتَوْا بِذَلِكَ وَلَا مُخَالِفَ لَهُمْ.
(وَيَتَكَرَّرُ) الْمُدُّ (بِتَكَرُّرِ السِّنِينَ) ؛ لِأَنَّ الْحُقُوقَ الْمَالِيَّةَ لَا تَتَدَاخَلُ بِخِلَافِهِ فِي الْكِبَرِ وَنَحْوِهِ لِعَدَمِ التَّقْصِيرِ (فَلَوْ) (أَخَّرَ الْقَضَاءَ الْمَذْكُورَ) أَيْ قَضَاءَ رَمَضَانَ مَعَ تَمَكُّنِهِ حَتَّى دَخَلَ آخَرُ (فَمَاتَ) (أُخْرِجَ مِنْ تَرِكَتِهِ لِكُلِّ يَوْمٍ مُدَّانِ) مُدٌّ لِلْفَوَاتِ، وَمُدٌّ لِلتَّأْخِيرِ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا مُوجِبٌ عِنْدَ الِانْفِرَادِ فَكَذَا عِنْدَ الِاجْتِمَاعِ هَذَا (إنْ لَمْ يَصُمْ عَنْهُ) وَإِلَّا وَجَبَ مُدٌّ وَاحِدٌ لِلتَّأْخِيرِ وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِي.
(وَالْمَصْرِفُ) أَيْ وَمَصْرِفُ الْأَمْدَادِ (فَقِيرٌ وَمِسْكِينٌ) ؛ لِأَنَّ الْمِسْكِينَ ذُكِرَ فِي الْآيَةِ وَالْخَبَرِ، وَالْفَقِيرُ أَسْوَأُ حَالًا مِنْهُ وَلَا يَجِبُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا (وَلَهُ صَرْفُ أَمْدَادٍ لِوَاحِدٍ) .
ــ
[حاشية الجمل]
بَعْدَ مَجِيءِ الْغَدِ اهـ.
وَقَضِيَّتُهُ تَصْحِيحُ عَدَمِ اللُّزُومِ قَبْلَ دُخُولِ رَمَضَانَ لَكِنْ مَا ذَكَرَهُ قَبْلَهُ فِيمَا لَوْ كَانَ عَلَيْهِ عَشَرَةُ أَيَّامٍ صَرِيحٌ فِي خِلَافِهِ ذَكَرَهُ السُّبْكِيُّ وَالْإِسْنَوِيُّ وَرَدَّهُ ابْنُ الْعِمَادِ بِأَنَّهُ لَا مُخَالَفَةَ فَإِنَّ الْأَزْمِنَةَ الْمُسْتَقْبَلَةَ يُقَدَّرُ حُضُورُهَا بِالْمَوْتِ كَمَا يَحِلُّ الْأَجَلُ بِهِ وَهَذَا مَفْقُودٌ فِي الْحَيِّ إذْ لَا ضَرُورَةَ إلَى تَعْجِيلِ الزَّمَانِ الْمُسْتَقْبَلِ فِي حَقِّهِ وَالزَّرْكَشِيُّ بِأَنَّ الصَّوَابَ هُوَ الْأَوَّلُ أَيْ لُزُومُ الْفِدْيَةِ فِي الْحَالِ قَالَ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ التَّشْبِيهِ بِمَسْأَلَةِ الرَّغِيفِ خِلَافُهُ ثُمَّ فَرَّقَ بَيْنَ صُورَتَيْ الصَّوْمِ وَصُورَةِ الْيَمِينِ بِأَنَّهُ مَاتَ هُنَا عَاصِيًا بِالتَّأْخِيرِ فَلَزِمَتْهُ الْفِدْيَةُ فِي الْحَالِ بِخِلَافِ صُورَةِ الْيَمِينِ وَبِأَنَّهُ هُنَا قَدْ تَحَقَّقَ الْيَأْسُ بِفَوَاتِ الْبَعْضِ فَلَزِمَهُ بَدَلُهُ بِخِلَافِهِ فِي الْيَمِينِ لِجَوَازِ مَوْتِهِ قَبْلَ الْغَدِ فَلَا يَحْنَثُ وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ مُوَافِقٌ لِهَذَا اهـ. بِحُرُوفِهِ (قَوْلُهُ: فَإِنَّ عَلَيْهِ مَعَ الْقَضَاءِ الْكَفَّارَةَ) أَيْ وَالْإِثْمَ. اهـ جَلَالٌ وَهَذَا صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ أَخَّرَهُ عَامِدًا عَالِمًا بِالتَّحْرِيمِ فَلَا فِدْيَةَ عَلَى نَاسٍ أَوْ جَاهِلٍ وَلَوْ لِمَا فَاتَ بِغَيْرِ عُذْرٍ خِلَافًا لِلْخَطِيبِ وَلَا بُدَّ مِنْ كَوْنِهِ مُوسِرًا أَيْضًا، قَالَ الْخَطِيبُ وَغَيْرُهُ بِمَا فِي الْفِطْرَةِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ الْمُعْتَبَرُ يَسَارُهُ بِذَلِكَ زِيَادَةً عَلَى كِفَايَةِ مَئُونَةِ الْعُمْرِ الْغَالِبِ؛ لِأَنَّهُ كَفَّارَةٌ وَهَلْ الْمُعْتَبَرُ يَسَارُهُ بِذَلِكَ فِي يَوْمٍ مِنْ السَّنَةِ أَوْ فِي جَمِيعِهَا كَمَا مَرَّ أَوْ فِي قَدْرِ مَا عَلَيْهِ وَهَلْ إذَا أَعْسَرَ تَسْقُطُ عَنْهُ أَوْ تَسْتَقِرُّ عَلَيْهِ حَرِّرْ ذَلِكَ اهـ. ق ل عَلَيْهِ.
(قَوْلُهُ: فَإِنَّ عَلَيْهِ مَعَ الْقَضَاءِ الْمُدَّ) أَيْ وَعَلَيْهِ الْإِثْمُ أَيْضًا وَإِنَّمَا جَازَ تَأْخِيرُ قَضَاءِ الصَّلَاةِ إلَى مَا بَعْدَ صَلَاةٍ أُخْرَى مِثْلِهَا بَلْ إلَى سِنِينَ؛ لِأَنَّ تَأْخِيرَ الصَّوْمِ إلَى رَمَضَانَ آخَرَ تَأْخِيرٌ إلَى زَمَنٍ لَا يَقْبَلُهُ وَلَا يَصِحُّ فِيهِ فَهُوَ كَتَأْخِيرِهِ عَنْ الْوَقْتِ بِخِلَافِ قَضَاءِ الصَّلَاةِ فَإِنَّهُ يَصِحُّ فِي كُلِّ الْأَوْقَاتِ وَلَا يَرِدُ عَلَيْهِ أَنَّهُ يَقْتَضِي مَجِيءَ الْحُكْمِ فِيمَا هُوَ قُبَيْلَ عِيدِ النَّحْرِ إذْ التَّأْخِيرُ إلَيْهِ تَأْخِيرٌ لِزَمَنٍ لَا يَقْبَلُهُ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ تَأْخِيرُهُ إلَى زَمَنٍ هُوَ نَظِيرُهُ لَا يَقْبَلُهُ فَانْتَفَى الْعَبْدُ عَلَى أَنَّ إيرَادَ ذَلِكَ غَفْلَةٌ عَنْ قَوْلِهِمْ فِي الْإِشْكَالِ مِثْلُهَا اهـ. شَرْحُ م ر نَعَمْ إنْ كَانَ فِطْرُهُ مُوجِبًا لِلْكَفَّارَةِ الْعُظْمَى كَالْجِمَاعِ لَمْ يَلْزَمْهُ فِدْيَةٌ بِالتَّأْخِيرِ قَالَهُ شَيْخنَا م ر تَبَعًا لِوَالِدِهِ وَاعْتَمَدَهُ وَخَالَفَ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ نَظَرًا إلَى اخْتِلَافِ الْمُوجِبِ مَعَ أَنَّ التَّأْخِيرَ طَارِئٌ بَعْدَ لُزُومِ الْكَفَّارَةِ وَهُوَ الْوَجْهُ فَحَرِّرْهُ اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ.
(قَوْلُهُ: وَلَا مُخَالِفَ لَهُمْ) أَيْ فَصَارَ إجْمَاعًا سُكُوتِيًّا اهـ. ع ش.
(قَوْلُهُ: وَيَتَكَرَّرُ بِتَكَرُّرِ السِّنِينَ) وَهَلْ يُعْتَبَرُ التَّمَكُّنُ فِي كُلِّ عَامٍ أَوْ يَكْفِي لِتَكَرُّرِ الْفِدْيَةِ وُجُودُ التَّمَكُّنِ فِي الْعَامِ الْأَوَّلِ الظَّاهِرُ الْأَوَّلُ كَمَا يُرْشِدُ إلَيْهِ قَوْلُ الْبَغَوِيّ إنَّ الْمُتَعَدِّيَ بِالْفِطْرِ لَا يُعْذَرُ بِالسَّفَرِ فِي الْقَضَاءِ اهـ سم عَلَى الْمَنْهَجِ وَاَلَّذِي تَحَرَّرَ فِي مَجْلِسِ م ر مَعَهُ بِحَضْرَةِ الْعَلَّامَةِ الطَّبَلَاوِيِّ الْأَوَّلُ اهـ. ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: بِخِلَافِهِ فِي الْكِبَرِ. . . إلَخْ) عِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَلَا شَيْءَ عَلَى الْهَرِمِ وَالزَّمِنِ وَمَنْ اشْتَدَّتْ مَشَقَّةُ الصَّوْمِ عَلَيْهِ لِتَأْخِيرِ الْفِدْيَةِ إذَا أَخَّرَهَا عَنْ السَّنَةِ الْأُولَى انْتَهَتْ وَقَوْلُهُ: وَنَحْوُهُ وَهُوَ الْمَرِيضُ الَّذِي لَا يُرْجَى بُرْؤُهُ وَقَوْلُهُ: لِعَدَمِ التَّقْصِيرِ أُخِذَ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ أَخَّرَ ذَلِكَ لِنِسْيَانٍ أَوْ جَهْلٍ بِحُرْمَةِ التَّأْخِيرِ لَمْ يَتَكَرَّرْ بِخِلَافِ مَا لَوْ عَلِمَ حُرْمَةَ التَّأْخِيرِ وَجَهِلَ وُجُوبَ الْفِدْيَةِ اهـ. ح ل.
(قَوْلُهُ: فَقِيرٌ وَمِسْكِينٌ) أَيْ دُونَ غَيْرِهِمَا مِنْ مُسْتَحِقِّي الزَّكَاةِ اهـ. شَرْحُ م ر وَقَوْلُهُ: وَدُونَ مَنْ لَا تَحِلُّ لَهُ الزَّكَاةُ كَبَنِي هَاشِمٍ، وَالْمُطَّلِبِ وَمَوَالِيهِمَا.
وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر فِي بَابِ قَسْمِ الصَّدَقَاتِ عِنْدَ قَوْلِ الْمَتْنِ وَشَرْطُ آخِذِ الزَّكَاةِ أَنْ لَا يَكُونَ هَاشِمِيًّا وَلَا مُطَّلِبِيًّا وَلَا مَوْلًى لَهُمَا. نَصُّهَا " وَكَالزَّكَاةِ كُلُّ وَاجِبٍ كَنَذْرٍ وَكَفَّارَةٍ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ يُسْلَكُ بِالنَّذْرِ مَسْلَكَ وَاجِبِ الشَّرْعِ انْتَهَتْ (قَوْلُهُ: وَلَا يَجِبُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا) وَلَا يَجِبُ أَيْضًا الْإِعْطَاءُ لِفُقَرَاءِ وَمَسَاكِينَ بَلَدِ الْمُخْرِجِ بَلْ يَجُوزُ نَقْلُ الْأَمْدَادِ لِفُقَرَاءِ بَلَدٍ أُخْرَى؛ لِأَنَّ حُرْمَةَ النَّقْلِ خَاصَّةٌ بِالزَّكَاةِ بِخِلَافِ الْكَفَّارَاتِ اهـ. ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: وَلَهُ صَرْفُ أَمْدَادٍ لِوَاحِدٍ) هَذَا التَّعْبِيرُ يُشْعِرُ بِأَنَّ صَرْفَهَا لِأَشْخَاصٍ أَوْلَى وَهُوَ كَذَلِكَ وَيُؤَيِّدُهُ مَا نُقِلَ عَنْ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ مِنْ أَنَّ سَدَّ جَوْعَةِ عَشْرِ مَسَاكِينَ أَفْضَلُ مِنْ سَدِّ جَوْعَةِ وَاحِدٍ عَشَرَةَ أَيَّامٍ.
وَعِبَارَةُ الْمُنَاوِيِّ عَلَى مَنْظُومَةِ الْأَكْلِ لِابْنِ الْعِمَادِ قَبْلَ قَوْلِهِ: وَإِنْ دَعَوْت صُوفِيًّا. . . إلَخْ مَا نَصَّهُ.
(فَائِدَةٌ)
لَوْ سَدَّ جَوْعَةَ مِسْكِينٍ عَشَرَةَ أَيَّامٍ هَلْ أَجْرُهُ كَأَجْرِ مَنْ سَدَّ جَوْعَةَ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ؟ قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ لَا فَقَدْ يَكُونُ فِي الْجَمْعِ وَلِيٌّ وَقَدْ حَثَّ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى الْإِحْسَانِ لِلصَّالِحِينَ وَهَذَا لَا يَتَحَقَّقُ فِي وَاحِدٍ وَلِأَنَّهُ يُرْجَى مِنْ دُعَاءِ الْجَمْعِ مَا لَا يُرْجَى مِنْ دُعَاءِ الْوَاحِدِ وَمِنْ ثَمَّ أَوْجَبَ الشَّافِعِيُّ دَفْعَ الزَّكَاةِ إلَى الْأَصْنَافِ الثَّمَانِيَةِ لِمَا فِيهِ مِنْ دَفْعِ أَنْوَاعٍ مِنْ الْمَفَاسِدِ
وَجَلْبِ أَنْوَاعٍ مِنْ الْمَصَالِحِ
إذْ دَفْعُ الْفَقْرِ وَالْمَسْكَنَةِ نَوْعٌ مُخَالِفٌ لِرَفْعِ الرِّقِّ عَنْ الْمُكَاتَبِ وَالْغُرْمِ