وَالْمُمَيِّزُ يَطُوفُ وَيُصَلِّي وَيَسْعَى وَيَحْضُرُ الْمَوَاقِفَ وَيَرْمِي الْأَحْجَارَ بِنَفْسِهِ وَخَرَجَ بِمَنْ ذُكِرَ الْمُغْمَى عَلَيْهِ فَلَا يُحْرِمُ عَنْهُ غَيْرُهُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِزَائِلِ الْعَقْلِ وَبُرْؤُهُ مَرْجُوٌّ عَلَى الْقُرْبِ.
(وَ) شُرِطَ إسْلَامٌ (مَعَ تَمْيِيزٍ) وَلَوْ مِنْ صَغِيرٍ أَوْ رَقِيقٍ (لِمُبَاشَرَةٍ) كَمَا فِي سَائِرِ الْعِبَادَاتِ (فَلِمُمَيِّزٍ إحْرَامٌ بِإِذْنِ وَلِيِّهِ) مِنْ أَبٍ ثُمَّ جَدٍّ ثُمَّ وَصِيٍّ ثُمَّ حَاكِمٍ أَوْ قَيِّمِهِ لَا كَافِرٍ وَلَا غَيْرِ مُمَيِّزٍ وَلَا مُمَيِّزٍ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ وَلِيُّهُ، وَالتَّقْيِيدُ بِإِذْنِ الْوَلِيِّ مِنْ زِيَادَتِي (وَ) شُرِطَ إسْلَامٌ وَتَمْيِيزٌ (مَعَ بُلُوغٍ وَحُرِّيَّةٍ لِوُقُوعٍ عَنْ فَرْضِ إسْلَامٍ) مِنْ حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ وَلَوْ غَيْرَ مُسْتَطِيعٍ وَتَعْبِيرِي بِفَرْضِ إسْلَامٍ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِحَجَّةِ الْإِسْلَامِ.
(فَيُجْزِئُ) ذَلِكَ (مِنْ فَقِيرٍ) لِكَمَالِ حَالِهِ فَهُوَ كَمَا لَوْ تَكَلَّفَ مَرِيضٌ الْمَشَقَّةَ وَحَضَرَ الْجُمُعَةَ (لَا) مِنْ (صَغِيرٍ وَرَقِيقٍ) إنْ كَمُلَا بَعْدَهُ لِخَبَرِ «أَيُّمَا صَبِيٍّ حَجَّ ثُمَّ بَلَغَ فَعَلَيْهِ حَجَّةٌ أُخْرَى وَأَيُّمَا عَبْدٍ حَجَّ ثُمَّ عَتَقَ فَعَلَيْهِ حَجَّةٌ أُخْرَى» رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ.
وَلِنَقْصِ حَالِهِمَا فَإِنْ كَمُلَا قَبْلَ الْوُقُوفِ أَوْ طَوَافِ الْعُمْرَةِ
ــ
[حاشية الجمل]
وَيُقَالُ مِثْلُ هَذَا الْقَيْدِ فِي الطَّوَافِ وَالسَّعْيِ، وَكَانَ عَلَيْهِ التَّقْيِيدُ فِيهِمَا كَمَا فَعَلَ حَجّ. اهـ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: وَالْمُمَيِّزُ يَطُوفُ) أَيْ بِنَفْسِهِ وُجُوبًا وَيُشْتَرَطُ فِيهِ شُرُوطُ الطَّوَافِ لَا فِي الْوَلِيِّ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ: أَيْضًا وَالْمُمَيِّزُ) أَيْ الَّذِي أَحْرَمَ عَنْهُ وَلِيُّهُ وَقَوْلُهُ: بِنَفْسِهِ رَاجِعٌ لِلْأَفْعَالِ الْخَمْسَةِ قَبْلَهُ (قَوْلُهُ: وَبُرْؤُهُ مَرْجُوٌّ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ أَيِسَ مِنْ إفَاقَتِهِ أَوْ زَادَتْ عَلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ كَانَ كَالْمَجْنُونِ فَيُحْرِمُ الْوَلِيُّ عَنْهُ وَهُوَ كَذَلِكَ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. اهـ شَيْخُنَا.
وَعِبَارَةُ ع ش يَنْبَغِي تَخْصِيصُهُ بِمَا إذَا رُجِيَ زَوَالُهُ عَنْ قُرْبٍ، وَالْأَصَحُّ إحْرَامُهُ عَنْهُ كَالْمَجْنُونِ عَلَى مَا يُفِيدُهُ التَّعْلِيلُ بِأَنَّهُ لَيْسَ لِأَحَدٍ التَّصَرُّفَ فِي مَالِهِ فَإِنَّ مَحَلَّهُ حَيْثُ رُجِيَ زَوَالُهُ عَنْ قُرْبٍ اهـ.
(قَوْلُهُ: وَمَعَ تَمْيِيزٍ لِمُبَاشَرَةٍ) الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ الِاسْتِقْلَالُ بِهَا وَإِلَّا فَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ الصَّبِيَّ وَالْمَجْنُونَ فِيمَا إذَا أَحْرَمَ عَنْهُمَا الْوَلِيُّ يُبَاشِرَانِ لَكِنْ مَعَ الْوَلِيِّ لَا اسْتِقْلَالًا حَتَّى فِي صُورَةِ الرَّمْيِ إذْ لَا بُدَّ مِنْ مُنَاوَلَتِهِ لَهُمَا الْأَحْجَارَ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ أَيْضًا وَمَعَ تَمْيِيزٍ لِمُبَاشَرَةٍ) لَمْ يَقُلْ وَمَعَ إذْنٍ؛ لِأَنَّ الْإِذْنَ شَرْطٌ فِي الْإِحْرَامِ فَقَطْ لَا مُطْلَقًا اهـ. شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ أَيْضًا وَمَعَ تَمْيِيزٍ لِمُبَاشَرَةٍ) أَيْ لَا تَصِحُّ مُبَاشَرَةُ كُلٍّ مِنْهُمَا إلَّا مِنْ الْمُسْلِمِ الْمُمَيِّزِ سَوَاءٌ كَانَ يُبَاشِرُ لِنَفْسِهِ أَوْ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: فَلِمُمَيِّزٍ إحْرَامٌ بِإِذْنِ وَلِيِّهِ) شَمِلَ كَلَامُ الشَّيْخَيْنِ مَا لَوْ أَذِنَ لَهُ أَنْ يُحْرِمَ عَنْ الْغَيْرِ بِتَطَوُّعٍ وَيَجُوزُ فِعْلُهُ عَنْهُ وَعَلَيْهِ فَهَلْ يَنْعَقِدُ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ عَلَى الْوَلِيِّ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ أَهْلًا لِلتَّبَرُّعِ كَمَا لَوْ أَذِنَ لَهُ فِي عَمَلِ شَيْءٍ لَهُ يُقَابَلُ بِأُجْرَةٍ أَوْ بِلَا أُجْرَةٍ؟ كُلٌّ مُحْتَمَلٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ وَيَجْرِي ذَلِكَ فِيمَا لَوْ أَحْرَمَ عَنْ الْوَلِيِّ بِتَطَوُّعٍ فِيمَا يَظْهَرُ حَيْثُ جَازَ ذَلِكَ وَيَظْهَرُ أَيْضًا أَنَّ لِلْوَلِيِّ أَنْ يُؤَجِّرَهُ لِحَجِّ التَّطَوُّعِ لَا الْفَرْضِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِهِ وَيَنْبَغِي كَمَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ فَسَادُ إذْنِهِ إذَا كَانَ مُخَالِفًا لِلْغِبْطَةِ وَكَذَا إذَا كَانَ لَا يَقْدِرُ عَلَى السَّفَرِ أَوْ يَلْحَقُهُ مَشَقَّةٌ عَظِيمَةٌ اهـ. إيعَابٌ اهـ. شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ: إحْرَامٌ بِإِذْنِ وَلِيِّهِ) إنَّمَا احْتَاجَ إلَى إذْنِهِ فِي هَذَا لِاحْتِيَاجِهِ إلَى الْمَالِ فَلَيْسَ عِبَادَةً بَدَنِيَّةً مَحْضَةً بَلْ فِيهَا شَائِبَةُ مَالٍ بِخِلَافِ الصَّلَاةِ وَغَيْرِهَا فَلَا تَتَوَقَّفُ عَلَى الْإِذْنِ لِكَوْنِهَا بَدَنِيَّةً مَحْضَةً. اهـ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: بِإِذْنِ وَلِيِّهِ) إضَافَتُهُ لِلْعَهْدِ، وَالْمَعْهُودُ وَلِيُّ الْمَالِ كَمَا بَيَّنَهُ الشَّارِحُ. اهـ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: وَشُرِطَ إسْلَامٌ وَتَمْيِيزٌ مَعَ بُلُوغٍ وَحُرِّيَّةٍ. . إلَخْ) أَيْ شُرِطَتْ هَذِهِ الْأُمُورُ الْأَرْبَعَةُ فِي الْمُبَاشِرِ عَنْ نَفْسِهِ أَوْ عَنْ مَعْضُوبٍ أَوْ عَنْ مَيِّتٍ لِوُقُوعِ مَا بَاشَرَهُ عَنْ فَرْضِهِ أَوْ عَنْ فَرْضِ مَنْ نَابَ عَنْهُ فَإِذَا كَانَ الْمُسْتَنِيبُ عَلَيْهِ فَرْضُ الْإِسْلَامِ لَا يُنِيبُ فِيهِ إلَّا مَنْ اتَّصَفَ بِهَذِهِ الشُّرُوطِ الْأَرْبَعَةِ اهـ. مِنْ شَرْحِ م ر وحج.
(قَوْلُهُ: فَيُجْزِئُ مِنْ فَقِيرٍ) وَلَوْ تَكَلَّفَ الْفَقِيرُ الْحَجَّ وَأَفْسَدَهُ ثُمَّ قَضَاهُ كَفَاهُ عَنْ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ وَلَوْ تَكَلَّفَ وَأَحْرَمَ بِنَفْلٍ وَقَعَ عَنْ فَرْضِهِ أَيْضًا فَلَوْ أَفْسَدَهُ ثُمَّ قَضَاهُ كَانَ الْحُكْمُ كَذَلِكَ اهـ. شَرْحُ م ر أَيْ يَقَعُ قَضَاؤُهُ عَنْ فَرْضِ الْإِسْلَامِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ كَمُلَا قَبْلَ الْوُقُوفِ. . . إلَخْ) عِبَارَةُ شَرْحِ م ر فَإِنْ كَمُلَا قَبْلَ خُرُوجِ وَقْتِ الْوُقُوفِ بِالْبُلُوغِ وَالْعِتْقِ وَهُمَا فِي الْمَوْقِفِ وَأَدْرَكَا زَمَنًا يُعْتَدُّ بِهِ فِي الْوُقُوفِ أَوْ بَعْدَهُ ثُمَّ عَادَا لَهُ قَبْلَ خُرُوجِ وَقْتِهِ أَجْزَأَهُمَا لِخَبَرِ «الْحَجُّ عَرَفَةَ» ؛ لِأَنَّهُ أَدْرَكَ مُعْظَمَ الْحَجِّ فَصَارَ كَمَا لَوْ أَدْرَكَ الرُّكُوعَ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يُدْرِكْ الْوُقُوفَ وَيُعِيدُ مَنْ ذُكِرَ السَّعْيَ إنْ كَانَ قَدْ سَعَى بَعْدَ الْقُدُومِ لِوُقُوعِهِ فِي حَالَةِ النُّقْصَانِ وَيُخَالِفُ الْإِحْرَامَ فَإِنَّهُ مُسْتَدَامٌ بَعْدَ الْكَمَالِ وَيُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ إجْزَاؤُهُ عَنْ فَرْضِهِ أَيْضًا إذَا تَقَدَّمَ الطَّوَافُ أَوْ الْحَلْقُ عَلَى الْكَمَالِ وَأَعَادَهُ بَعْدَ إعَادَةِ الْوُقُوفِ وَظَاهِرٌ أَنَّهُ تَجِبُ إعَادَتُهُ لِتَبَيُّنِ وُقُوعِهِ فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ فَلَوْ لَمْ يُعِدْ اسْتَقَرَّتْ حَجَّةُ الْإِسْلَامِ فِي ذِمَّتِهِ لِتَفْوِيتِهِ لَهَا مَعَ إمْكَانِ الْفِعْلِ وَلَوْ كَمُلَ مَنْ ذُكِرَ فِي أَثْنَاءِ الطَّوَافِ أَيْ فِي الْعُمْرَةِ فَكَمَا لَوْ كَمُلَ قَبْلَهُ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ أَيْ وَيُعِيدُ مَا مَضَى قَبْلَ كَمَالِهِ بَلْ لَوْ كَمُلَ بَعْدَهُ ثُمَّ أَعَادَهُ كَفَى فِيمَا يَظْهَرُ كَمَا لَوْ أَعَادَ الْوُقُوفَ بَعْدَ الْكَمَالِ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِ الرَّوْضِ، وَالطَّوَافُ فِي الْعُمْرَةِ كَالْوُقُوفِ فِي الْحَجِّ اهـ.
وَوُقُوعُ الْكَمَالِ فِي أَثْنَاءِ الْعُمْرَةِ عَلَى التَّفْصِيلِ الْمَارِّ وَالطَّوَافُ فِيهَا كَالْوُقُوفِ فِي الْحَجِّ وَلَا دَمَ عَلَيْهِ بِإِتْيَانِهِ بِالْإِحْرَامِ فِي حَالِ النَّقْصِ وَإِنْ لَمْ يَعُدْ إلَيَّ الْمِيقَاتِ كَامِلًا؛ لِأَنَّهُ أَتَى بِمَا فِي وُسْعِهِ وَلَا إسَاءَةَ وَفَارَقَ الْكَافِرَ الْآتِي إذَا لَمْ يَعُدْ إلَى الْمِيقَاتِ بِأَنَّهُ كَانَ قَادِرًا عَلَى إزَالَةِ نَقْصِهِ حِينَ مَرَّ بِهِ وَحَيْثُ أَجْزَأَهُ مَا أَتَى بِهِ عَنْ فَرْضِ الْإِسْلَامِ وَقَعَ إحْرَامُهُ أَوَّلًا تَطَوَّعَا وَانْقَلَبَ عَقِبَ الْكَمَالِ فَرْضًا عَلَى الْأَصَحِّ فِي الْمَجْمُوعِ وَفِيهِ عَنْ الدَّارِمِيِّ لَوْ فَاتَ الصَّبِيَّ الْحَجُّ فَإِنْ بَلَغَ قَبْلَ الْفَوَاتِ فَعَلَيْهِ حَجَّةٌ وَاحِدَةٌ تَجْزِيهِ عَنْ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ وَالْقَضَاءِ أَوْ بَعْدَهُ لَزِمَهُ حَجَّتَانِ حَجَّةٌ لِلْإِسْلَامِ وَأُخْرَى لِلْفَوَاتِ وَيَبْدَأُ بِحَجَّةِ الْإِسْلَامِ، وَلَوْ أَفْسَدَ الْحُرُّ الْبَالِغُ قَبْلَ الْوُقُوفِ حَجَّهُ ثُمَّ فَاتَهُ أَجْزَأَتْهُ وَاحِدَةٌ عَنْ