في الاسم والعمل، والكلمة والروح القدس اثنان منهم، ويدعى الأقنوم الأول الأب ويظهر من هذه التسمية إنه مصدر كل الأشياء ومرجعها، وأن نسبته للكلمة ليست صورية بل شخصية حقيقة، وبمثل للإلهام محبته الفائقة، وحكمته الرائعة، ويدعى الأقنوم الثاني الكلمة، لأنه يعلن مشيئته بعبارة وافية، وإنه وسط المخابرة بين الله والناس، ويدعى أيضاً الابن، لأنه يمثل العقل نسبة المحبة، والوحدة بينه وبين أبيه، وطاعته الكاملة لمشيئته، والتمييز بين نسبته هو إلى أبيه، ونسبة كل الأشياء إليه، ويدعى الأقنوم الثالث الروح القدس، الدلالة على النسبة بينه وبين الأب والابن، وعلى علمه في تنوير أرواح البشر، وحثهم على طاعته".
[الابن لا يعني به الولادة البشرية:]
وبناء على ما تقدم يظهر جلياً أن عبارة الابن لا تشير كما فهم بعضهم خطأ إلى ولادة بشرية، ولكنها تصف سرية فائقة بين أقنوم وآخر في اللاهوت الواحد، وإذا أراد الله أن يفهمنا تلك النسبة لم تكن عبارة أنسب من الابن للدلالة على المحبة والوحدة في الذات، والأمانة للمشورة الإلهية، وأما من حيث الولادة البشرية فالله منزه عنها، لأجل هذه الإيضاحات علم خدام الدين المسيحي واللاهوتيون حسب ما قررته الكلمة الإلهية أن في اللاهوت ثلاثة أقانيم، حسب نص الكلمة الأزلية، ولكل منهم عمل خاص في البشر أ. هـ. بنصه تقريباً.
ونجد كاتب هذا الكلام يحاول ثلاث محاولات:
أولاها: إثبات أن التوراة وجد فيها أصل التثليث، لوحت به ولم تصرح، وأشارت إليه، ولم توضح.
وثانيها: أن في اللاهوت ثلاثة أقانيم، وهي في شعبها متغايرة وأن كانت في جوهرها غير متغايرة.
وثالثها: إن العلاقة بين الأب والابن ليست ولادة بشرية، بل هي علاقة المحبة والإتحاد في الجوهر.
ولقد كان بيان ذلك المعنى أوضح من هذا البيان في قول القس إبراهيم سعيد في تفسير بشارة لوقا، فقد جاء فيه تفسير معنى كلمة ابن العلى