والنعمة الإلهية التي حلت فيه هي الوحي واختياره ليكون رسول الله إلى الناس يهديهم، والنبوة التي جاءت في عبارة ابن البطريق حكاية لقول بولس هذا كناية عن المحبة، ولعل بولس لم يجرها على لسانه، أو لم تجئ في بيانه، ولكن ابن البطريق المسيحي المثلث تكلم عن الموحدين بمنطقه وتعبيره، وإن كان المراد غير موافق للمثلثين.
[دخول الوثنية على التوحيد:]
١٠٠- وكان بجوار الموحدين الذين كانوا أقوالهم السائدة المنتشرة في ربوع المسيحيين، وجدت آراء كثيرين ممن دخلوا في المسيحيين وفيهم بقايا الوثنية، ولا تزال رؤوسهم مملوءة بها درسوه، ففهموا المسيحية على ضوء ما عرفوه أولاً. واهتضموا المسيحية متمثلة في نفوسهم بما أستكن في تلك النفوس من آراء ومعتقدات سابقة، وإن ذلك ليشبه من بعض الوجوه تلك النحل المختلفة الني ظهرت في المسلمين في إبان الغرفة التي تلت مقتل الخليفة الثالث والرابع. وما أدخل من آراء ونحل في عصر يزيد ومن وليه.
ولكن الإسلام بنور القرآن الكريم وحفظه، وهدي النبي - صلى الله عليه وسلم -، وما استحفظه عليه المسلمون من كتاب وسنة، وما كلاً الله به هذا الدين المتين - قد نفى عنه الدخل، وذهب الزبد جفاء، وبقى الدين، كما بعث نبيه عليه الصلاة والسلام صافياً من غير رنق ولا تكدر.
أما في المسيحية فلأن الكتب قد عراها ما بيناه في الكلام عليها، وأختلط فيها الغث والسمين والطيب بالخبيث، وضلت العقول، فلم تستطيع أن تميز بين الصحيح وغير الصحيح، وذاهب الكوكب الساري الذي يضئ وسط الدجنة الحالكة، وهو كتاب مبين لا يأتيه الباطل، ولا يتطرق إليه الريب، يكون فيصل التفرقة بين المسيحية ألحقه، والأساطير الباطلة التي أفسدتها.
أتباع مرقيون:
دخلت تلك الأوهام على المسيحيين الموحدين وبرزت بينهم، كما تبرز رءوس الشياطين وسط أرض قد كسيت بالسندس الأخضر من الزرع