الحمد لله رب العالمين، الذي بعث رسله ليكونوا حجة على الناس يوم لا تجزى نفس عن نفس شيئاً، والصلاة والسلام على النبي الأمي محمد - صلى الله عليه وسلم - نبي الرحمة الذي بعث على فترة من الرسل، بعد أن ضلت الأفهام، وحرفت الحقائق وسيطرت الأوهام، وعلى آله وأصحابه الذين كانوا كالنجوم بين العالمين.
أما بعد ... فهذه محاضراتي في النصرانية أعيد طبعها، بعد أن ألح الكثيرون في طلب الإعادة، إذ تعذر على مريدي قراءتها الحصول عليها، حتى أنها عندما قررت دراستها على طلبة معهد الدراسات الإسلامية لم يجد الدارسون ما يراجعون فيه، فلم يكن بد من أن يعيد المعهد طبعها ليعين الدارسين، ولينتشر تلك الحقائق، من غير تهجم على متدين، ولا مضايقة لغير مسلم، لأن البحث الذي يتبع فيه المنهاج العلمي السليم، لا يصح أن تضيق به الصدور، ولا أن تنزوي عنه العقول. وإذا كانت فيه ثغرات يرأبها النقد المنطقي المستقيم، ويعالجها البحث العلمي القويم من غير عوج في القول، ولا التواء في القصد.
لقد كتبنا تلك المحاضرات بروح المحقق الذي يجمع الحقائق، ويعرضها، وقد تماسك بعضها ببعض، ليتكون من ذلك مجموعة علمية تهدي ولا تضل. وما كنا نجهد التاريخ لنسيره، ولكنا خضعنا له، وهو الذي كان يسيرنا. . وكنا في ذلك كالقاضي العادل خضع للبيانات التي تكون بين يديه، وهي التي تحكم في الحكم الذي نسجله. لا نغير ولا نبدل، ولا ننحرف بها عن النتائج التي تؤدي إليها مقدماتها. فنسير حيث يسير بنا الدليل من غير انحراف ولا تجريف.
وما كانت البيانات التي بين أيدينا من مصادر إسلامية، أو من أعداء المسيحية. بل كانت من كتاب المسيحيين أنفسهم التي سجلوها في