٤٢- وإنجيل برنابا هذا يمتاز بقوة التصوير، وسمو التفكير، والحكمة الواسعة، والدقة البارعة، والعبارة المحكمة، والمعنى المنسجم، حتى إنه لو لم يكن كتاب دين لكان في الأدب والحكمة من الدرجة الأولى، لسمو العبارة وبراعة التصوير.
ولماذا أنكره المسيحيون مع أن قوة النسبة فيه لا تقل عن قوة النسبة في كتبهم الأربعة كما ذكرنا، إن لم تكن أقوى؟ الجواب عن ذلك أن المسيحيين رفضوه لأنه خالف أناجيلهم ورسائلهم في مسائل جوهرية في العقيدة.
ولقد كنا نظن أن ظهور ذلك الإنجيل كان يحمل الكنيسة على التفكير من جديد في مصادر الدين، لتعرف أي الكتب أقرب نسياً بالمسيحية الأولى، أذلك الإنجيل بما خالف، أم الرسائل والأناجيل التي توارثتها؟ ولكنهم سارعوا إلى الرفض والإنكار. كما سبق أسلافهم إلى إنكاره من قبل.
[مخالفة إنجيل برنابا لما عليه المسيحيون:]
والأمور التي خالف ذلك الإنجيل فيها ما عليه المسيحيون الآن تتلخص في أربعة أمور:
أولها: إنه لم يعتبر المسيح ابن الله، ولم يعتبره إلهاً، وقد ذكر ذلك في مقدمته فقال:"أيها الأعزاء أن الله العظيم العجيب قد افتقدنا في هذه الأيام بنبيه يسوع المسيح برحمة عظيمة للتعليم، والآيات التي اتخذها الشيطان ذريعة لتضليل كثيرين بدعوى التقوى، مبشرين بتعليم شديد الكفر. داعين المسيح ابن الله، ورافضين الختان لذي أمر به الله به دائماً، مجوزين كل لحم نجس، الذين ضل في عدادهم أيضاً بولس الذي لا أتكلم عنه إلا مع الأسى وهو السبب الذي لأجله اسطر ذلك الحق الذي رأيته".
ويقول في آخر الفصل الثالث والتسعين: "أجاب الكاهن أن اليهودية قد اضطربت لآياتك وتعليمك حتى أنهم يجاهرون بأنك أنت الله، فاضطررت بسبب الشعب إلى أن آتي إلى هنا مع الوالي الروماني والملك هيرودس فنرجو من كل قلبنا أن ترضى بإزالة الفتنة التي ثارت بسببك، لأن فريقاً يقول إنك الله. وآخر يقول إنك ابن الله، ويقول فريق إنك نبي. أجاب