للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

١٢٠- كان لوثر بعد عودته مأخوذاً بهذه الأفكار، قد استولت على نفسه، وسوغ له كل هذا إنه قد عرا ثقته برجال الدين ضعف، وإن لم يعتزم الثورة عليهم أو على آرائهم، ولكن الحوادث كانت تدفعه إلى أن يعلن استنكار آراء رجال الدين، والجهر بذلك. وذلك لأن البابا ليو أراد أن يعيد بناء كنيسة بطرس في روما، وذلك يحتاج إلى مقدار من المال غير يسير. فقرر أن يجمعه من صكوك الغفران ببيعها، فذهب الراهب تنزل إلى ألمانيا، ومعه تلك الصكوك التي نقلنا لك نموذجاً منها فيما أسلفنا من القول. وأخذ يعلن من أمرها. ويبالغ في قدسها وسرها.

عندئذ ثار لوثر الذي لا يعرف أن شيئاً يستر الذنوب إلى الندم على ما كان، والإقلاع عنه فيما يكون، ورجاء رحمة الديان، والذي رأى في رجال الدين ما رأى، ثار لوثر على تلك الصكوك وكتب في بطلانها احتجاجاً علقه على باب الكنيسة.

ولقد كان لذلك أثره في العامة والخاصة، ولم يكن من المعقول أن تقابل الكنيسة ذلك بالصمت أو الإغضاء، فقد أرسلت إليه تدعوه إلى الحضور لمحاكمته أمام محكمة التفتيش التي كانت تدبيراً اتخذته المجامع ذريعة للقضاء على مخالفيها.

[ثورة لوثر على الكنيسة:]

وهنا نجد أن بعض الأمراء يتدخل فيوصيه بألا يجيب طلبها، فلم يرَ

البابا بدَّا من أن يصدر قراراً بحرمانه، ويعده زائفاً، وهنا تأخذ الحمية لوثر، ويشتد في دعوته، ويجاهر بالاستهانة بأمر الحرمان، حتى إنه ليحرق في وسط وتنبرج - والجموع حاشدة - حرمان البابا وقرار زيفه، ولم يبق إلا أن تنفذ السلطة المدنية قرار الحرمان، فتحرمه من الحقوق القانونية والمدنية، أثراُ لقرار الحرمان الديني، فاجتمع مجمع ورمز سنة ١٥٢١ لمحاكمته، ولكنه طالب البابا بأن يقنعه بخطئه فيما أرتأى. فلم يجب إلى ما طلب، فانفض المجمع من غير نتيجة في هذا، ولكن الإمبراطور أعلن حرمانه من الحقوق المدنية إلا أن أمير سكسونية حماه.

ومن هذا الوقت أخذت تخضع دعوة لوثر لحكم الأحداث السياسية، فتجد سلماً من الدولة، إذا كان الإمبراطور مشغولاً بحرب، ولا يريد

<<  <   >  >>