ونحن لا نجد موافقة بين الفقرتين لا في اللفظ ولا في المعنى، واستولى علينا العجب من إدعاء الموافقة، ولا جامع بينهما، فظننا أن هناك خطأ فيما كتبه الدكتور بوست، وقلنا لعله يريد الرسالة الأولى لا الرسالة الثانية، فرجعنا إلى الفقرة الرابعة عشرة من الإصحاح الأول من الرسالة الأولى، فوجدنا نصها هي وما قبلها هكذا:"لذلك منقطوا أحقاء ذهنكم صاحين فألقوا رجامكم بالتمام على النعمة التي يؤتى بها إليكم عند استعلان يسوع المسيح كأولاد الطاعة، ولا تشاكلوا شهواتكم السابقة في جهالتكم". وهنا نجد بعضا من الموافقة في اللفظ، والموافق في المعنى، فرجحنا إنه أراد هذه الرسالة، وسبق قلمه فدون الثانية بدل الأول، وعلى ذلك نناقش القول على أساسها، وأساس المناقشة ما نعرفه من أن المتأخر إن وافق قوله من سبقه يكون قوله شهادة للسابق، ولا يكون قول السابق شهادة له، وأيهما اسبق تدوينا رسالة بطرس أو إنجيل يوحنا، وقد اتفق مؤرخو النصرانية على أن بطرس قتله نيرون، ويقول في ذلك ابن البطريق:"وأخذ نارون قيصر لبطرس فصلبه منكما وقتله، لأن بطرس قال له: إن أردت أن تصلبني منسكاً لئلا أتشبه بسيدي المسيح، فإنه صلب قائماً" ... وعاش بطرس بعد السيد المسيح اثنتين وثلاثين سنة، فكان بطرس قتل بعد ميلاد المسيح بنحو ٦٥، لأن المسيح صلب في اعتقادهم" وله ثلاث وثلاثون سنة، يضاف إليها اثنتان وثلاثون سنة عاشها بعده بطرس. ومن المؤكد أن إنجيل يوحنا كتب بعد ذلك، فقد كتب سنة ٩٥ أو سنة ٩٨ على ما أعتمد الدكتور بوست، فإذا وجدنا اتفاقاً بين ما كتب في هذا الإنجيل، وما جاء في رسالة بطرس يجب أن يكون كاتب هذا الإنجيل شاهدا لبطرس، لا أن بطرس شاهد له، وشهادة إنجيل يوحنا لا قيمة لها، لأنها شهادة إنجيل في نظر من أنكروه مجهول غير معروف يحتاج إلى دليل، فلا حجة في هذا الأمر، وعلى ذلك يكون الأمر في غيره من الشهادات، وسنبين عند مناقشة كتبهم كثيراً من أوجه النقد فيها.
[تاريخ تدوين هذا الإنجيل وسبب تدوينه:]
٣٤- ولقد اختلف المسيحيون في تاريخ تدوين هذا الإنجيل اختلافاً بينا. فالدكتور بوست يرجح إنه كتب سنة ٩٥ أو سنة ٩٨ وقيل سنة ٩٦، ويقول هرون في تاريخ تدوين ذلك الإنجيل: ألف الإنجيل الرابع سنة ٦٨