بظاهر قوله تعالى في مقابل القتل، بل رفعه الله إليه، وببعض آثار قد وردت في ذلك، وفريق آخر من المفسرين، وهم الأقل عدداً، قالوا: إنه عاش حتى توفاه الله تعالى كما يتوفى أنبياءه، ورفع روحه إليه كما ترفع أرواح الأنبياء والصديقين والشهداء، وأخذوا في ذلك بظاهر قوله تعالى:{إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ} ومن ظاهر قوله تعالى: {فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ} ولكل من المختلفين وجهة هو موليها، ولا نريد أن ندخل في تفصيل حجج الفريقين وترجيح أحداهما على الأخرى، فلذلك موضع ليس هذا مقامه.
١٧- ويزعم بعض الناس أن المسيح عليه السلام قد هاجر إلى الهند، وإنه عاش فيها. حتى استوفى أجله، ومات هناك، وله قبر، ولقد جاء في تفسير المنار ما نصه:"وجد في بلدة سرى نكرا مقبرة فيها مقام عظيم يقال إنه مقام نبي جاء بلاد كثير من زهاء ألف وتسعمائة سنة، ويسمى يوز آسف ويقال أن اسمه الأصلي عيسى، وإنه نبي من بني إسرائيل، وإنه ابن ملك، وأن هذه الأقوال مما يتناقله أهل تلك الديار عن سلفهم، وتذكر في كتبهم، وإن دعاة النصرانية الذين رأوا ذلك المكان لم يسعهم إلا أن قالوا أن ذلك القبر لأحد تلاميذ المسيح أو رسله" هذا ما جاء في تفسير المنار، وقد ذكر أن نقله عن غلام أحمد القديانى الهندي، وهو راو يشك في صدقه.
هذا. وإن القرآن الكريم لم يبين ماذا كان من عيسى بين صلب الشبيه ووفاة عيسى أو رفعه على الخلاف في ذلك، ولا إلى أين ذهب، وليس عندنا مصدر صحيح يعتمد عليه، فلنترك المسألة: ونكتفي باعتقادنا اعتقادا جازماً أن المسيح لم يصلب، ولكن شبه لهم.
[موازنة بين المسيح في القرآن الكريم والمسيح في المسيحية الحاضرة:]
١٨- {ذَلِكَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ قَوْلَ الْحَقِّ الَّذِي فِيهِ يَمْتَرُونَ (٣٤) مَا كَانَ لِلَّهِ أَنْ يَتَّخِذَ مِنْ وَلَدٍ سُبْحَانَهُ إِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} . وتلك ديانته كما جاء بها، ودعا إليها، فما الذي عرض لها من بعده، وما الذي أدخل عليها بعد أن رفع إلى ربه؟ ... أول ما أدخل على هذه الديانة