للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[عقيدة التثليث:]

٦٦- قال الدكتور بوست في تاريخ الكتاب المقدس: "طبيعة الله عبارة عن ثلاثة أقانيم متساوية: الله الأب، والله الابن، والله الروح القدس، فإلى الأب ينتمي الخلق بواسطة الابن، وإلى الابن الفداء، وإلى الروح القدس التطهير".

ويفهم من هذا أن الأقانيم الثلاثة عناصر متلازمة لذات الخالق.

التوراة والتثليث:

وقد فسر هذا المعنى القس بوطر في رسالة صغيرة، سماها الأصول والفروع، وإليك ما جاء فيها: "بعد ما خلق الله العالم، وتوج خليقته بالإنسان لبث حبنا من الدهر لا يعلن له سوى ما يختص بوحدانيته، كما يتبين ذلك من التوراة، على إنه لا يزال المدقق يرى بين سطورها إشارات وراء الوحدانية، لأنك إذا قرأت فيها بإمعان تجد هذه العبارات:

"كلمة الله، أو حكمة الله، أو روح القدس" ولم يعلم من نزلت عليهم التوراة ما تكنه هذه الكلمات من المعاني، لأنه لم يكن قد أتى الوقت المعين الذي قصد الله فيه إيضاحها على وجه الكمال والتفصيل، ومع ذلك فمن يقرأ التوراة في ضوء الإنجيل يقف على المعنى المراد، إذ يجدها تشير إلى أقانيم في اللاهوت. " ثم لما جاء المسيح إلى العالم أرانا بتعاليمه وأعماله المدونة في الإنجيل أن له نسبة سرية أزلية إلى الله، تفوق الإدراك، ونراه مسمى في أسفار اليهود: "كلمة الله" وهي ذات العبارة المعلنة في التوراة، ثم صعد إلى السماء أرسل روحاً، ليسكن بين المؤمنين، وقد نبين أن لهذا الروح أيضاً نسبة أزلية إلى الله فائقة، كما للابن، ويسمى الروح القدس، وسر ذات العبارة المعلنة في التوراة كما ذكرنا، ومما تقدم نعلم بجلاء أن المسمى بكلمة الله والمسمى بروح الله في نصوص التوراة هما المسيح والروح القدس المذكوران في الإنجيل، فما لمحت إليه التوراة صرح به الإنجيل كل التصريح، وإن وحدة الجوهر لا يناقضها تعدد الأقانيم، وكل من أنار الله ذهنه وفتح قلبه فهم الكتاب المقدس لا يقدر أن يفسر الكلمة بمجرد أمر من الله أو قول مفرد، ولا يفسر الروح بالقوة التأثيرية، بل لابد له أن يعلم أن في اللاهوت ثلاثة أقانيم متساوين في الكمالات الإلهية، وممتازين

<<  <   >  >>