٩١- عنينا ببيان المجامع الأربعة السابقة ببعض التفصيل، ولم نضن على القرطاس فيها ببعض الأطناب، لأنها المجامع التي قررت بها العقيدة المسيحية الحاضرة.
فأولها قرر أُلوهية المسيح، وثانيها قرر أُلوهية الروح القدس، وثالثها قرر أن المسيح اجتمع فيه الإنسان والإله، لا الإنسان فقط، وإن مريم ولدت الاثنين، ورابعها قرر أن المسيح ذو طبيعتين منفصلتين، لا طبيعة واحدة متحدة، والمجامع الثلاثة الأولى اتفقوا على أنها مجامع عامة تلزم بأحكامها المسيحيين أجمعين، أما المجمع الرابع فهو ليس مجمعاً عاماً في نظر المصريين، والكنائس التي تنهج نهج كنيستهم.
والمجامع الآتية بعد ذلك ليس فيها مجمع قد أجمع عليه المسيحيون قاطبة بأنه مجمع عام مسكوني كما يعبرون، فكل هذه المجامع لم تمثل فيها الكنيسة المصرية بعد انشقاقها على كنيسة رومة، أو انشقاق كنيسة روما عليها.
وإنا نشير إلى هذه المجامع إشارة، ولا نعرج عليها بتفصيل لذلك، ولأن قراراتها كانت في فروع جزئية لا تتصل بلب التثليث إلا في بعض المجامع، وبقدر يسير، لا يمس الجوهر، ولا يتغلغل في صميمه، وقد نعرض لهذا بقليل من التفصيل.
ولقد كان المجمع الخامس بالقسطنطينية سنة ٥٥٣، ويسمى المجمع القسطنطيني الثاني.
المجمع القسطنطيني الثاني وسبب انعقاده:
ويذكر ابن البطريق أن ذلك المجمع انعقد بسبب أن بعض الأساقفة اعتنق فمرة تناسخ الأرواح، وساء فيها إلى أقصى مداها. حتى لقد قال إنه ليس هناك قيامة، وبسبب أن بعض الأساقفة قد زعموا أن شخص المسيح لم يكن حقيقة، بل كان خيالاً، فاجتمع لذلك هذا المجمع، وكانت عدة الحاضرين فيه أربعين ومائة، فقرروا حرمان هؤلاء الأساقفة، ولعنهم