لما يحملون ويروون، وينقدون متن الحديث، فيعرضونه على الكتاب وما أشتهر من السنة واستفاضت به الأخبار، وما علم من هذا الدين بالضرورة فإن لم يخالفها بعد أن روى بسند متصل مكون من عدول كان مقبولاً، وإلا كان مردوداً، ونريد أن نهمس في أذن حضرة القس الرشيد بأن من أسباب ردهم لبعض الأحاديث ورفض نسبتها إلى الرسول عليه الصلاة والسلام - عدم موافقتها للعقل، فهل له أن يطبق ذلك النقد على أناجيله ورسائله؟ إنا ننصح له أن يفعل، لأنا نريد له الهدى، لا الضلال، والرشد لا الغي، وهي نية نحتسبها عند الله.
[نظرة في الوحي في الإسلام والوحي في المسيحية:]
٦٤- نريد أن نختم مناقشتنا لذلك القسيس بمناقشة كلمة ذكرها: وهي التفرقة بين الوحي في الإسلام والوحي في المسيحية. فيقول عن الوحي في الإسلام:"أن الوحي في الإسلام هو التجرد عن كل شيء إنساني، وتلاوة ما يسمونه اللوح المحفوظ، ولكن الوحي في المسيحية يجمع بين العنصر البشري والعنصر الإلهي، أي الملهمات الإلهية تتجسد في لباس لغوي بشري، لتكون مفهومة لدى الناس الذين تبلغ إليهم، فالكلمة المعلنة المكتوبة في الإنجيل هي رمز لكلمة الله، الوحي المعلن لنا حق الله.
من أجل هذا يعتقد المسيحيون أن الوحي بالروح القدس لا يحرم على الموحي إليهم استخدام الوسائل البشرية الاجتهادية الممكنة لديهم ولا يرفع من الكاتب مسئولية الاجتهاد، والتحقيق والتدقيق، هذا بخلاف الإعلانات المحتوى عليها كتاب الوحي التي لا تتدخل فيها مواهب الكاتب الطبيعية، بل هي من الله أولاً وأخراً، كالنبوات المتفرقة في كل أجزاء الكتاب المقدس، وسفر الرؤيا".
معنى الوحي:
هذه كلمته، ونريد قبل أن نتعرف من تلك الكلمة معنى الوحي في كتبهم أن نسارع إلى بيان وحي الله لنبيه - صلى الله عليه وسلم - في الإسلام فنقول: إن وحي الله تعالى لنبيه - صلى الله عليه وسلم - قسمان: قسم يوحى به على إنه كلام الله تعالت كلماته، ولهذا يكون المعنى والتعبير لله جلت قدرته، وذلك كما في القرآن الكريم الذي نزل به الروح الأمين.