القسم الثاني، الأمور الشرعية التي كان يوحي الله بها إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - ليبينها للناس، فالمعنى فيها بوحي من الله تعالى والعبارة فيها للنبي - صلى الله عليه وسلم -.
وإذن فكلامه عن الوحي في الإسلام لم يكن صحيحاً في عمومه، وكان عليه أن يتحرى قبل أن يكتب، ولكنه لن يفعل.
ولننتقل إلى الوحي بالكتب عندهم، وهذا ما نريد أن نأخذ العلم به عنه، وعساه يهدينا إلى ما نعرف به محض الحق المبين.
هو يقول إن كلمات الإنجيل ليست هي كلمات الروح القدس، التي ألهمها رسلهم، سواء في ذلك كل كتبهم، فالعبارة فيها للكاتب، وليست الروح القدس الذي يلهم رسلهم بما يكتبون فيما يزعمون، ثم تنقسم كتبهم بعد ذلك إلى قسمين: قسم هو وحي لا تدخل فيه المواهب الطبيعية بالتصرف فيه بأي نوع من أنواع التصرف، وهو ما يسمى بالنبوات عندهم. والقسم الثاني تتصرف فيه مواهب الكاتب، وفي هذا القسم لا يرفع عن الكاتب ما يوجبه عليه التحقيق والتدقيق والاجتهاد.
ونظرة فاحصة إلى هذا القول ترينا أن الإلهام قد أخذ يضؤل أمره، وتتواضع دعواه، خصوصاً بالنسبة للأناجيل، لأنها ليست بكتب نبوة كالرؤيا، ولم يتخللها كلام الله، كنا يفعل بولس في رسائله، إذ كان يزعم أحياناً إنه يتكلم عن الله، وأحياناً يقول إنه يتكلم من عنده، فالأناجيل ليست فيها إذن تلك النبوات، وعلى ذلك يكون للمواهب الطبيعية البشرية دخل في كتابتها، ويتحملون تبعة الاجتهاد فيها والتدقيق والتمحيص. ومن يتحمل تبعة عمل ينسب إليه. وعلى ذلك قد يتوارد الخطأ على اجتهادهم وتدقيقهم وتمحيصهم، فيكون من أخبارهم ما صادف التحقيق فيه الصواب، وما عرض له الخطأ، وكيف تكون بعد ذلك بإلهام أو وحي؟ وكيف تكون مقدسة لا يأتيها الباطل من يديها ولا من خلفها؟ وإذن فقد أتوا على دعوى الإلهام بالنقض فلا إلهام في الأناجيل إذن.
هذه كلمتنا في كتبهم تحرينا فيها أن نكتبها كما كتبها المسيحيون، ونوجه من النقد ما وجهوا، وذلك لكي ننصف القوم.
ولقد القينا عليها نظرة فاحصة لنوائم بين أخبارها المختلفة، ونجمع