استحالة الخبز إلى عظام المسيح المكسورة. وأنكر استحالة الخمر إلى دم المسيح، وحلولهما في جسم الآكل. واكتفى بكون العشاء الرباني تذكيرا لما قام به المسيح من فداء للخليقة في زعمهم. وأن يعتقد المسيحي أن المسيح معه بجسده عند تناول هذا العشاء.
هذا كله مع إنكاره حق الكنيسة في الغفران، ذلك الحق الذي كان عود الثقاب الذي أشعل ثورة لوثر، وكانت منها تلك النيران التي لم تستطع الكنيسة لها إطفاء.
[زونجلي وأعماله:]
١٢٢ - وفي الوقت الذي كان يغالب فيه لوثر الكنيسة وأنصارها من ذوي السلطان، كان في سويسرة صوت قوي أخر ينادي بما يقارب ما نادى به لوثر، ذلك هو زونجلي (١٤٨٤ - ١٥٣١) فقد ألمته حال الكنيسة ودعا إلى مثل ما دعا إليه لوثر في مسائل الدين. وقد ابتدأت ثورته بالثورة على صكوك الغفران كما ابتدأ لوثر، وقد مات أثناء صراع وقع بين أنصاره المعتنقين لمبادئه وأنصار الكاثوليك.
وآراؤه في الحملة تتقارب من آراء لوثر، ولقد كان يرى أن العشاء الرباني مناولة تذكارية لموت المسيح وفدائه لخطيئة الخليقة في زعمهم، وأن المسيح يحضر ذلك العشاء بروحه فقط. ويفسر ما جاء خاصا بالعشاء الرباني في إنجيل متى بمعناه المجازي. وهذا نص ما جاء في ذلك الإنجيل في إصحاحه السادس والعشرين: وفيما يأكلون أخذ يسوع الخبز وبارك. وكسر، وأعطى للتلاميذ، وقال:"خذوا، كلوا هذا هو جسدي" وأخذ الكأس وشكر، وأعطاهم قائلا:"اشربوا منها كلكم، لأن هذا هو دمي الذي للعهد الجديد الذي يسفك من أجل كثيرين لمغفرة الخطايا".
ودعوة زونجلي هذه، وإن كانت تتلاقى في مبادئها في الجملة مع مبادئ لوثر كانت منفصلة عنها، فلم تتوحد الدعوتان، بل كانت كلتاهما تعمل في محيط إقليمها، بيد أن حركة لوثر كانت أوسع دائرة وأسرع انتشارا، لسعة الإقليم الذي نشأت فيه، ولرعاية بعض الأمراء لها، بل لاعتناقهم مبادئها، ولأن الأحوال السياسية في ألمانيا كانت تسمح لمثل هذه الدعوة بالذيوع والانتشار.