ونقصد بالفرق القديمة الفرق التي ظهرت قبل عصر النهضة في أوربا أي قبل القرن الثالث عشر الميلادي، وتقصد بالفرق الحديثة الفرق التي ظهرت بعد عصر النهضة، وهي التي ظهرت في عهد الإصلاح الديني، وما والاه.
[الفرق التي ظهرت في عصر التوحيد:]
٩٨- والفرق التي ظهرت في عهد التوحيد كثيرة، وبعضها كان مستمسكاً بالتوحيد، ومعه الكثرة الغالبة من المسيحيين كما استنبطنا من السياق التاريخي وكما يستفاد من ثنايا التاريخ، وبعضها كان قد انحرف عن التوحيد، حتى كان وجوده تمهيداً للتثليث أو سيراً ببعض الخطوات في سبيله.
وأظهر الموحدين أريوس وأتباعه، وقد كانوا كثيرين. فقد شرحنا إنه قد كان يأخذ بمذهبه بطريرك القسطنطينية وغيره من البطاركة، وكان رأيه منتشراً في مصر والشام ومقدونية، وهي مواطن المسيحية كما علمت.
فرقة أريوس:
يقول ابن حزم في بيان فرقة أريوس: "والنصارى فرق، منهم أصحاب أريوس، وكان قسيساً بالإسكندرية، ومن قوله التوحيد المجرد، وأن عيسى عليه السلام عبد مخلوق، وإنه كلمة الله تعالى التي بها خلق السماوات والأرض، وكان في زمن قسطنطين الأول باني القسطنطينية، وأول من تنصر من ملوك الروم، وكان على مذهب أريوس.
وهذا الكلام يحتاج جزؤه الأخير إلى نظر، فهو يزعم أن قسطنطين كان على مذهب أريوس، وقد بينا عند الكلام في مجمع نيقية، إنه هو الذي تدخل بنفوذه وسلطانه، فعزل أنصار لاهوت المسيح، وأعتبر المجمع مكوناً منهم دون سواهم، وقد كان المجتمعون أول الأمر أكثر من ألفين، فرفض رأي الكثير، وعقد مجمعاً مؤلفاً من ثمانية عشر وثلاثمائة، بينما يذكر الثقات من المؤرخين إنه قد صرح بنصرة أريوس من المجتمعين أكثر من سبعمائة.