البطريرك بطرس الذي أمر بنفيه:"أن السيد الكسيح لمن أريوس هذا فاحذروه، فإني رأيت المسيح في النوم مشقوق الثوب، فقلت له يا سيدي من شق ثوبك؟ فقال لي: أريوس، فاحذروا أن تدخلوه معكم".
ولم يجد النفي وإعلان الرؤى والأحلام في القضاء على رأي أريوس وجمع الناس حول قوة الكنيسة، حتى إذا ولي أمر الكنيسة البطريرك إسكندر أخذ يعالج المسألة بنوع من الحيلة والصبر، فكتب إلى أريوس وزعماء هذا الرأي يدعوهم إلى رأي كنيسة الإسكندرية، ولكن محاولته لم تجد أيضاً، فعقد مجمعاً في كنيسته بالإسكندرية وحكم على أريوس بالحرمان منها فلم يخضع لهذا ولم يخنع، وغادر الإسكندرية إلى فلسطين.
وقد كان مذهب عدم أُلوهية المسيح ذائعاً منتشراً، وكان أسقف مقدونية على مذهب أريوس أيضاً، ويعظ على أساسه، وفي الحق أننا نجد أن أسقف مقدونية وأسقف فلسطين، وكنيسة أسيوط، كل أولئك على رأي أريوس، وكنيسة الإسكندرية وحدها هي التي تحاربه، فالخلاف محصور إذن بين أريوس، ومعه أسيوط وفلسطين، ومقدونية وبين بطريرك الإسكندرية.
[تدخل قسطنطين وجمع مجمع نيقيا:]
٨١- وقد تدخل قسطنطين إمبراطور الرومان في الأمر. فأرسل كتاباً إلى أريوس والإسكندر يدعوهما إلى الوفاق، ثم جمع بينهما، ولكنهما لم يتفقا، فجمع مجمع نيقية سنة ٣٢٥.
ويقول ابن البطريق المسيحي في وصف المجتمعين وعددهم ما نصه:"بعث الملك قسطنطين إلى جميع البلدان، فجمع البطاركة والأساقفة فأجتمع في مدينة نيقية ثمانية وأربعون وألفان من الأساقفة. وكانوا مختلفين في الآراء والأديان، فمنهم من كان يقول أن المسيح وأمه إلهان من دون الله، وهم البربرانية، ويسمون المريميين، ومنهم من كان يقول أن المسيح من الأب بمنزلة شعلة نار انفصلت من شعلة نار، فلم تنقص الأولى بانفصال الثانية منها، وهي مقالة سابليوس وشيعته، ومنهم من كان يقول: لم تحبل به مريم تسعة أشهر، وإنما مر في بطنها كما يمر الماء في الميزاب، لأن الكلمة دخلت في أذنها، وخرجت من حيث يخرج الولد من ساعتها، وهي مقالة البيان وأشياعه".