فاتهم العمل على كسب المال من أبوابه الدنيوية - يجمعون المال من نذور الهياكل. والقرابين التي يتقرب بها الناس. ويحرصون على ذلك أشد الحرص. فكانوا يأخذون القرابين من أشد الناس حاجة وأفقرهم. فجاء المسيح وندد بهذا.
ولقد أتخذ بنو إسرائيل من تدينهم المزعوم بدين موسى والأنبياء من بعده - وزعمهم أن لهم منزلة دينية لا يساميهم فيها أحد - اتخذوا من هذا ما يصح أن يسمى أرستقراطية دينية؟ فزعموا أن لهم المكانة السامية. ولغيرهم المنزل الدون، ولو اعتنقوا الديانة اليهودية، وآمنوا برسالة موسى. فكانت هناك طائفة يقال لها السامرة، وكان الإسرائيليون يعاملون آحادها، كأنهم المنبوذون. فلما جاء عيسى عليه السلام. وسوى بين بني البشر في دعايته أنكروا عليه ذلك وناصبوه العداء.
ولقد كانوا يجعلون لأحبارهم وعلماء الدين فيهم المنزلة السامية والمكانة العالية دون الناس. فجاء المسيح وجعل الناس جميعاً سواء أمام ملكوت الله.
[مناوأة اليهود له:]
١٤- لكل هذا تقدم اليهود لمناوأة المسيح. وقليل منهم من اعتنق دينه وآمن به. وأخذوا يعملون على منع الناس من سماع دعايته. فلما أعيتهم الحيلة. ورأوا أن الضعاف والفقراء يجيبون نداءه، ويلتفون حوله مقتنعين بقوله - أخذوا يكيدون له. ويوسوسون للحكام بشأنه، ويحرضون الرومان عليه، ولكن الرومان ما كانوا يلتفتون إلى المسائل الدينية. والخلافات المذهبية بين اليهود، بل تركوا هذه الأمور لهم يسوونها فيما بينهم، واليهود يريدون أن يغروا الرومان بعيسى كيفما كان الثمن. فبثوا حوله العيون يرصدونه، ويتسقطون قوله بشأن الحكومة والحكام. عساهم يجدون كلمة له يتعلقون بها وينقلون بها للحاكم الروماني، فلم يجدوا لأن المسيح ما كان يدعو إلا إلى إصلاح الجانب النفسي الخلقي ولم يكن قد اتجه إلى إصلاح الحكومة بعد. ولما ضاقت بهم الحيلة كذبوا عليه، وانتهى الأمر إلى أن تمكنوا من حمل الحاكم الروماني على أن يصدر الأمر بالقبض عليه، والحكم عليه بالإعدام صلباً.