التي جاءت في إنجيل لوقا ما نصه:"يليق أن نوضح بكلمات موجزة المعنى المراد""بابن العلي" أو "ابن الله" علم يقصد بها ولادة طبيعية دانية من الله وإلا لقيل ولد الله، ولم يقصد بها ما يقال عادة عن المؤمنين جميعاً إنهم أبناء الله، لأن نسبة المسيح لله هي غير نسبة المؤمنين عامة الله، ولم يقصد بها تفرقة في المقام من حيث الكبر والصغر ولا الزمنية ولا في الجوهر، لكنه تعبير يكشف لنا عمق المحبة السرية التي بين المسيح والله، وهي محبة متبادلة، وما المحبة التي بين الأب والابن الطبيعيين سوى أثر من آثارها، وشعاع ضئيل من بهاء أنوارها، ويراد بها إظهار المسيح لنا إنه الشخص الوحيد الذي جاز رضا الله، وأطاع وصاياه، فقبل الموت موت الصليب، لذلك يقول الله فيه:"هذا ابني الحبيب الذي به سررت، له اسمعوا" وقد تكررت هذه العبارة عدة مرات مدة خدمة المسيح على الأرض لأنه تمم إرادة الله في الفداء، ويراد بها إظهار التشابه والتماثل في الذات، وفي الصفات وفي الجوهر، كما يكون بين الأب والابن الطبيعيين، فقيل عن المسيح إنه بهاء مجد الله، ورسم جوهره، وقال هو عن نفسه: من رآني فقد رأى الأب، إنا والأب واحد، ويراد بها دوام شخصية المسيح باعتباره الوارث لكل شيء الذي منه وبه له كل الأشياء، وقد يراد بها معان كثيرة غير معدودة بقصر دون إدراكها العقل".
الثالوث أشخاص متغايرة، وإن كان وجودها متلازماً:
٦٧- وفي هذا التفسير، والتفسير الذي سبقه يبدو بجلاء أن شخصية الابن غير الأب، وكذلك روح القدس، ولمن هل يدخل في الأقنوم الثاني جسده وروحه؟ جاء في كتاب خلاصة تاريخ المسيحية في مصر: "كنيستنا المستقيمة الرأي التي تسلمت إيمانها من كيرلس وديسقوروس. ومعها الكنائس: الحبشية، والأرمنية والسريانية والأرثوذكسية تعتقد أن الله ذات واحدة مثلثة الأقانيم. أقنوم الأب، وأقنوم الابن، وأقنوم الروح القدس، وأن الأقنوم الثاني أي أقنوم الابن تجسد من الروح القدس، ومن مريم العذراء، مصيراً هذا الجسد معه واحداً وحدة ذاتية جوهريي منزهة عن الاختلاط والامتزاج والاستحالة، بريئة من الانفصال، وبهذا الإتحاد صار الابن المتجسد طبيعة واحدة من طبيعتين، ومشيئة واحدة".