ثانيهما: أن النسطوريين قد انحرفوا عن مبادئ نسطور، لأن نسطور كمل قررت صاحبة كتاب تاريخ الأمة القبطية، وكما قرر ابن البطريق لا يرى أن الأقنوم الثاني مازج المسيح قط، بل هو يرى أن بنوة المسيح بالموهبة والمحبة لا بالحقيقة، واستنبطنا كما استنبط غيرنا أنه يرى أن المسيح خال من العنصر الإلهي خلواً تاماً، وهو يصرح بأن مرين ولدت الإنسان فقط، بينما غيره يقرر أنها لودت الإله والإنسان، وهذا اختلاف جوهري في الحقيقة والمعنى لا في الشكل واللفظ، وإذا كان النسطوريون في هذا الزمان قد قالوا بامتزاج اللاهوت في الناسوت كما يقول غيرهم، فقد انحرفوا عن مقالة نسطور.
والنسطوريون يقيمون كما ذكرنا في بلادهم بلاد العراق والموصل، ومنهم طائفة تقيم في الهند، وأخرى تقيم في بلاد العجم، وهم جميعاً يلتزمون بتقاليد وطقوس دينية مما يلتزم به عند غيرهم من الكنسيين، وليس عندهم من تقليد إلا أن أساقفتهم يلتزمون التبتل، والامتناع عن الزواج، وذلك منذ سنة ١٨٣٠م وهذا كما جاء في كتاب سوسنه سليمان.
[اليعقوبيون:]
١٠٤- هم أتباع يعقوب البراذعي، وهم الذين يقولون بأن المسيح ذو طبيعة واحدة قد امتزج فيه عنصر إله بعنصر إنسان وتكون من الإتحاد طبيعة واحدة جامعة بين اللاهوت والناسوت، ونسبة ذلك المذهب إلى يعقوب البراذعي لأنه من أنشط الدعاة إليه، لا لأنه مبتدعه ومنشئه، فإن ذلك المذهب أسبق من يعقوب هذا، فإن أول من أعلنه بطريرك الإسكندرية في منتصف القرن الخامس الميلادي.
وبسبب ذلك الإعلان أنعقد مجمع خليكنونية، وقرر أن المسيح ذو طبيعتين لا طبيعة واحدة، وبسبب ذلك القرار انفصلت الكنيسة المصرية عن الكنيسة الرومانية. أما يعقوب فقد وجد في القرن السادس الميلادي، ويقرر صاحب سوسنة سليمان في إطلاق اسم اليعقوبيين على أصحاب هذا الرأي "يطلق عليهم اسم يعقوبيين نسبة إلى يعقوب البراذعي الذي أعاد هذه الشيعة، ورتبها في القرن السادس للتاريخ المسيحي، بعد أن كادت تتلاشى".
وقد فصلنا الكلام في هذه النحلة والأدوار التي مرت عليها عند الكلام في مجمع أفسس الثاني الذي تسميه الكنيسة الكاثوليكية مجمع اللصوص.