بالبينات الثابتة، وهي المعجزات التي بعث بها الرسول، ودعا إلى كتابه على أساسها، ويثبت ذلك الإدعاء بالخبر التواتر، أو يثبت بالكتاب نفسه.
رابعها: أن تكون نسبة الكتاب إلى الرسول الذي نسب إليه ثابتة بالطريق القطعي، بأن يثبت نسبة الكتاب إلى الرسول، بحيث يتلقاه الإخلاف عن الأسلاف، جيلاً بعد جيل من غير أي مظنة للانتحال.
وأساس ذلك التواتر أن يروى جمع يؤمن تواطؤهم على الكذب عن جمع يؤمن تواطؤهم على الكذب، حتى تصل إلى الرسول بحيث يسمع كل فرد من الجمع الراوي عن الجمع الذي سبقه، والذي سبقه كذلك، حتى يصل إلى الرسول الذي أسند إليه الكتاب، ونسب إليه، ونزل به الوحي عليه.
[تطبيق هذه الشروط على كتب النصارى:]
٥٣- إن الكتب في الدين هي أساسه، فإن لم تكن مستوفيه الشروط السابقة لم يكن الاطمئنان إلى صحتها كاملاً، وتطرق إليها الريب والظن من كل جانب، وبذلك يتهدم الذين من أساه، ويؤتى من قواعده، ولا يكون شيئاً مذكوراً في الأديان، بل يكون طائفة من أساطير الأولين اكتتبها طائفة من الناس، وأدعوها ديناً، ونسبوها لشخص معترف به، لتروج عند العامة، وتدخل في أوهامهم، ويعتمدون على الزمان في تمكينها في نفوسهم وقلوبهم.
وهل الكتب المقدسة عند النصارى سواء أكانت من كتب العهد القديم أم العهد الجديد مستوفيه هذه الشروط، فتكون ملزمة للكافة؟.
لا يزعم النصارى أن هذه الكتب كتبها المسيح نفسه، حتى ننظر في قوة نسبتها إليه، ولكن يزعمون أن الذين كتبوها رسل من بعده مبعوثون بها، يبشرون الناس بما فيها، فنبحث، هل هؤلاء رسل حقاً وصدقاً قد ثبتت رسالتهم بدليل لا مجال للريب فيه؟.
لقد قلنا أن الطريق لذلك أن يدعوا هم هذه الرسالة ويثبتوها بمعجزة يجريها الله على أيديهم، ويتحدوا الناس ليدفعوهم إلى الإذعان أو ليسجلوا عليهم الكفر بعد أن يقوم الدليل عليهم.