احتج بما تحت أيديهم من أناجيل، فلما عارضوه بنصوص أخرى تدل على ألوهية المسيح قرر تحريفها.
الرغبة والرهبة من السلطان لهما دخل في القرارات:
ويظهر أن عصا السلطان ورهبة الملك كان لهما دخل في تكوين رأي الذين رأوا أُلوهية المسيح، فلقد يروى أن أولئك الـ ٣١٨ لم يكونوا مجمعين على القول بألوهية المسيح، ولكن تحت سلطان الإغراء بالسلطة الذي قام به قسطنطين بدفعه إليهم ثارة ملكه ليتحكموا في المملكة اجمعوا. فقد دفعهم حب السلطان إلى أن يوافقوا هوى قسطنطين الذي ظهر في عقده مجلساً خاصاً بهم دون الباقين، لاعتقاده إمكان إغرائهم، فأمضى أولئك ذلك القرار تحت سلطان الترهيل أو الترغيب، أو هما معاً. وبذلك قرروا أُلوهية المسيح، وقسروا الناس عليه بقوة السيف، ورهبة الحكام.
المجمع فرض لنفسه سلطاناً كهنوتياً على الناس:
(ب) أن المجمع فرض نفسه حكومة وجماعة كهنوتية تلقى على الناس أوامر الدين وعليهم أن يطيعوا راغبين أو كارهين، وقرر أن تعاليم الدين لا يتلقونها من كتب المسيحية رأساً، بل لابد من تلقيها من أفواه العلماء ورجال الكهنوت، وإن أقوالهم في ذاتها حجة، سواء أخالفت النصوص أم وافقت، وسواء أكانت الصواب، أم جافت الحق، وإن ذلك كان له ما بعده في المسيحية. وهو مخالف كل المخالفة لما جاء في تعاليم المسيح المنصوص عليها، حتى كتبهم التي يقرءونها ويعترفون بها، فقد جاء في الإصحاح العشرين من إنجيل متى ما نصه:"رؤساء الأمم يسودونهم، والعظماء يسلطون عليهم، فلا يكن فيكم هذا" ولكن العلماء تسلطوا على إخوانهم المسيحيين لما أعطاهم قسطنطين خاتمه وسيفه وقضيبه، وبذلك خالفوا المسيح عليه السلام ليطيعوا قسطنطين.
[أمره بتحريق ما يخالفه:]
(جـ) أن المجمع أمر بتحريق الكتب التي تخالف رأيه، وتتبعها في كل مكان، وحث الناس على تحريم قراءتها، فهو بهذا يمنع أن يصل إلى الناس علم بأي أمر من الأمور التي تخالف رأيه، وهو بهذا يحاول التحكم في القلوب، والسيطرة على النفوس بحملها على قراءة ما وافق رأيه، ومنعها