الثانية: إحياؤه عليه السلام الموتى بإذن الله جلت قدرته، والمحيي في الحقيقة هو الله العلي القدير، ولكن أجرى الأحياء على يد المسيح عليه السلام، ليكون ذلك برهان نبوته، ودليل رسالته.
الثالثة: إبراؤه عليه السلام الأكمه والأبرص، وهما مرضان تعذر على العالم قديمه وحديثه العثور على دواء لهما، والتمكن من أسباب الشفاء منهما، ولكن عيسى بقدرة الله شفاهما، وبرئ المريضان برقيته، فكان ذلك دليلاً قائماً على رسالته عليه السلام.
الرابعة: إنزال المائدة من السماء بطلب الحواريين، لتطمئن قلوبهم، وليعلموا أن قد صدقهم.
وهناك خمسة ذكرت في سورة آل عمران، وهي أنباؤه عليه السلام بأمور غائبة عن حسه، ولم يعاينها، فقد كان ينبئ صحابته وتلاميذه بما يأكلون وما يدخرون في بيوتهم. وقد ذكر الله تعالى في قوله في قوله تعالى حاكياًً عنه {وَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} .
[الحكمة من كون معجزاته عليه السلام من ذلك النوع:]
١١- هذه معجزات عيسى عليه السلام، وهنا يتساءل القارئ: لماذا كانت معجزاته عليه السلام من ذلك النوع؟ يجيب عن ذلك ابن كثير في كتابه البداية والنهاية بقوله: "كانت معجزة كل نبي في زمانه بما يناسب أهل ذلك الزمان فذكروا أن موسى عليه السلام كانت معجزاته مما يناسب أهل زمانه، وكانوا سحرة أذكياء، فبعث بآيات بهرت الأبصار، وخضعت لها الرقاب، ولما كان السحرة خبيرين بفنون السحر وما ينتهي إليه. وعاينوا ما عاينوا من الأمر الباهر الهائل الذي لا يمكن صدوره إلا ممن أيده الله، وأجرى الخارق على يديه تصديقاً له أسلموا سراعا، ولم يتلعثموا: وهكذا عيسى ابن مريم بعث في زمن طبائعية الحكماء، فأرسل بمعجزات لا يستطيعونها ولا يهتدون إليها، وإني لحكيم إبراء الأكمه الذي هو أسوا حالاً من الأعمى والأبرص والمجذوم ومن به مرض مزمن، وكيف يتوصل أحد من الخلق إلى أن قيم الميت من قبره، وغير هذا مما يعلم كل أحد إنه معجزة دالة على صدق من قامت به، وعلى قدرة من أرسله،