في رسالة الأعمال في إصحاحها الخامس عشر ما نصه:"ثم بعد أيام قال بولس لبرنابا: لنرجع ونعتقد إخواننا في كل مدينة في كل مدينة نادينا فيها بكلمة الرب، كيف هم؟ فأشار برنابا أن يأخذ معهما أيضاً يوحنا الذي يدعى مرقس، وأما بولس فكان يستحسن أن الذي فارقهما من بمفيلية، ولم يذهب معهما للعمل لا يأخذانه معهما، فحصل بينهما مشاجرة، حتى فارق أحدهما الآخر، وبرنابا أخذ مرقس وسافر في البحر إلى قبرص، وأما بولس فاختار سيلا، وخرج مستودعاً من الأخوة إلى نعمة الله".
ولقد أشرنا إلى الصلة بين برنابا ومرقس صاحب الإنجيل عند الكلام في إنجيل مرقس، ونقلنا من كتب المسيحيين ما يدل على أن مرقس هذا، وهو حجة عندهم باتفاق، كان ينكر أُلوهية المسيح، وهو وأستاذه بطرس، وقد نقلنا عن مروج الأخبار في تراجم الأبرار ما يدل على ذلك.
[هل برنابا من الحواريين الاثني عشر:]
٣٩- هذا هو برنابا. قديس من قديسي المسيحيين باتفاقهم، ورسول من رسلهم، وركن من الأركان التي قامت عليها الدعاية للمسيحية الأولى، وقد وجد إنجيل باسمه يدل على إنه كان من الحواريين الذين أختصهم المسيح بالزلفى إليه، والتقرب منه، وملازمته في سرائه وضرائه، ولكن كتب المسيحيين غير هذا الإنجيل لا نعده من هؤلاء الحواريين وإن كانت تعده من الرسل الذين يبلغون مكانة الحواريين في هذا الدين بعد المسيح، ومهما يكن من شيء في هذا الأمر، وهو كونه من الحواريين أو ليس منهم، فإن برنابا حجة عند المسيحيين، وهو من الملهمين في اعتقاده، فإن صحت نسبة هذا الإنجيل إليه كان ما يشمله حجة عليهم، يدعوهم غلى أن يوازنوا بين ما جاء فيه وما جاء في غيره من كتبهم، ويؤخذ بما هو أقرب إلى التصور والتصديق، وأصح سنداً، وأقرب بالمسيحية الأولى رحماً.
فلندرس الآن أقدم نسخة عرفت في العصر الحديث.
اتفق المؤرخون على أن أقدم نسخة عثروا عليها لهذا الإنجيل، نسخة مكتوبة باللغة الإيطالية، عثر عليها كريمر أحد مستشاري ملك بروسيا، وذلك في سنة ١٧٠٩ وقد انتقلت النسخة مع بقية مكتبة ذلك المستشار