فلما استيأس مريدو الإصلاح من أن يقوم الكنسيون بإصلاح حالهم، وأن يرعوا الديانة حق رعايتها اتجهوا إلى الحكام طالبين أن يتدخلوا لإصلاح الكنيسة، كما حاول لوثر، فقد أعطى الحكام حق الهيمنة على الكنيسة ليصلحوها، ولكن الحكام تقاعسوا، ومنهم من لم يحاول إصلاح الكنيسة، بل حاول القضاء على طلاب إصلاحها، وأنزل بهم اضطهادات وبلايا وشدائد ومذابح، كما حدث لبروتستنت فرنسا، وكان ذلك إما تعصبا للكنيسة، وإما ما جملة، وإما كراهة للمصلحين، لأن منهم من كانت لهم آراء إصلاح نظم الحكم بجوار آرائهم في إصلاح الكنيسة، وقد كان الحكم استبداديا مطلقا، بلا نظام يقيد الحاكم، ويلزم المحكوم.
فلما يئس طلاب الإصلاح من الحكام ويئسوا من رجال الكنيسة اتجهوا إلى أن يجعلوا لآرائهم جماعة، ووحدة دينية منفصلة عن الكنيسة وآراؤها غير خاضعة للكنيسة. وراغضة كل ما لها من سلطان، وأنشأوا لهم كنائس ليست معترفة لروما بأي سلطان، وسلطة رجال الدين فيها محدودة، ولرجال الدين من الحقوق ما قرروا من مبادئ، وسميت كنائسهم كنائس إنجيلية أي أنها لا تخضع إلا لحكم الكتاب المقدس، ويقيد بأحكامه رجل الدين أمام رجل الشعب، وجميعهم مسئول أمام ذلك الكتاب، وليس لرئيس الكنيسة خلافة تجعل كلامه مقدسا، مساويا لأحكام الكتاب المقدس في الرتبة والاعتبار.
وقد انتشر المذهب الجديد في ألمانيا والدانمرك والنرويج وهولندا وإنجلترا وأمريكا الشمالية وسويسرا، وإن لم تصر كلها على المذهب.
[أهم مبادئ الإصلاح:]
١٢٥ - والآن نلخص المبادئ التي أتى بها ذلك المذهب الجديد، نكتفي بذكر أصولها التي يرجع إليها غيرها من الفروع، وأعظم تلك الأصول شأنا: