باطلة من أساسها، ليس لعدم إقامة الدليل عليها، بل لأن البينات قائمة ضدها، ذلك لأنها لو كانت بإلهام من الله كما يقولون لكانت صادقة في كل ما أخبرت به، وما وجد الباطل منفذاً ينفذ منه إليها، ولم يكن ثمة محل لتكذيبها، ولكانت متفقة غير مختلفة، ولم تكن متضاربة بأي نوع من أنواع التضارب، وذلك لوحدة من صدرت عنه، لأنها جميعاً صادرة عن واحد، وإن اختلف الناطقون بها، ولكنا وجدنا بينها اختلافات من أوجه عدة، ووجدنا فيها أخباراً تناقض ما علم في التاريخ وكان مشهوراً فيه، ولنذكر بعض هذه الأمور على سبيل التمثيل لا على سبيل الحصر.
[التضارب بين كتب العهد الجديد:]
(أ) أول ما يلقاك من أوجه اختلاف الأناجيل في الأمر الواحد الذي لا يقبل إلا حقيقة واحدة. اختلاف إنجيل متى عن إنجيل لوقا في نسب المسيح، فإن من يقابل بين نسب يوسف النجار متبني المسيح في الأناجيل يجد الاختلاف في ستة أرجه ذكرها الشيخ - رحمه الله - الهندي في كتابه إظهار الحق فقال:
١- في متى أن يوسف بن يعقوب، وفي لوقا أنه ابن هالى.
٢- يعلم من متى أن عيسى من أولاد سليمان بن داود عليهم السلام، ومن لوقا أنه من أولاد ناثان بن داود.
٣- يعلم من متى أن جميع آباء المسيح من داود إلى جلاء بابل سلاطين مشهورون، ومن لوقا إنهم ليسوا بسلاطين ولا مشهورين غير داود وناثان.
٤- يعلم من متى أن سلتاثيل بن بكينا، ومن لوقا أن سلتاثيل ابن نيرى.
٥- يعلم من متى أن اسم ابن زربايل أبيهود، ومن لوقا أن اسمه ربسا.
والعجب أن أسماء بني زربايل مكتوبة في الباب الثالث من السفر الأول من أخبار الأيام من كتب العهد القديم. وليس فيها أبيهود ولا ريسا فكل منهما غلط.