وقد ذكرها صاحب كتاب تاريخ الأمة القبطية، فقال عنها ما نصه:"إن الجامعة المقدسة والكنيسة الرسولية تحرم كل قائل بوجود زمن لم يكن ابن الله موجوداً فيه، وإنه لم يوجد قبل أن يولد، وإنه وجد من لا شيء. أو من يقول أن الابن وجد من مادة أو جوهر غير الله الأب، وكل من يؤمن إنه خلق، أو من يقول إنه قابل للتغيير، ويعتريه ظل دوران".
[قراراته تؤيد برهبة السلطان:]
٨٢- إذن قرر المجمع أُلوهية المسيح، وإنه من جوهر الله، وإنه قديم بقدمه، وإنه لا يعتريه تغيير ولا تحول، وفرضت تلك العقيدة على المسيحيين قاطبة مؤيدة سلطان قسطنطين، لاعنة كل من يقول غير ذلك والذين فرضوا هذا القول ٣١٨ أسقفاً، ويخالفهم في ذلك نحو سبعمائة وألف أسقف، وأن لم يكونوا متفقين فيما بينهم على نحلة واحدة، فهل ذلك المجمع لم يخل من نقد؟ إن باب النقد فيه متسع.
[النقد الموجه إلى المجمع:]
(أ) وأول ما يلاحظه الناقد أن الذين دعوا إليه، وجابوا الأمصار ووصلوا إلى نيقية بدعوة من قسطنطين، وبتفاهم البطارقة فيما بينهم بلغوا ثمانية وأربعين وألفين من الأساقفة، ولكنا نجد العدد ينزل إلى ثمانية عشر وثلاثمائة أسقف، فما هي آراء الباقين؟ ولماذا أهملت كل هذا الإهمال؟ أكانوا جميعاً مختلفين في النحل والآراء، حتى أن نحلة لم يصل عددها إلى ٣١٨، فلما تعذر الأخذ بالكثرة المطلقة التي يزيد عددها على النصف، ولو واحداً، اتجهوا إلى الأخذ بالكثرة النسبية، وهو اعتناق الر أي الذي يأخذ به أكبر عدد في الأصوات وإن لم يصل النصف أو يقاربه؟ إن المروي غير ذلك، لأن ابن البطريق يقول: أن قسطنطين هو الذي أختار أن يعقد أولئك الأساقفة الذين يبلغون ٣١٨ مجلساً خاصاً بهم، وحضر هو المجلس، وأعطاهم شارة الملك والسلطان لأنهم أفلحوا على أخوانهم في زعم ابن البطريق المسيحي التثليثي، ولأن الرواة يقولون أن أريوس لما اجتمع بهم وألقى بدعوته ونحلته إليهم أنضم إلى آرائه أكثر من سبعمائة أسقف، وذلك العدد هو أكبر عدد نالته نحلة من تلك النحل المختلفة، فلو كانت النصرة بالكثرة النسبية، لكان الواجب إذن أن يكون الغلب لأريوس الذي