أو قرأته عليه كما ترى في أحاديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. ويكون كل راو من تلك السلسلة المتصلة حلقاتها عدلاً ثقة، ضابطاً حافظاً، وإذا كان السند غير متصل بين ذيوع هذه الكتب واشتهارها، وبين قائليها، فقد ذاعت بعد سنة ٣٦٤، ومن نسبت إليهم كتابتها كانوا في وسط وآخر القرن الأول، فالعقل يتشكك في هذه النسبة، ولا يثبت مع الشك كتاب يكون حجة لديانة.
هذه كتبهم، اعتقدوا إنها كتبت بإلهام من كتابها، ولم يقيموا أي دليل على دعوى الإلهام، وبدراستها يتبين التناقض بينها، مما يثبت إنها ليست بإلهام من الله، وبدراسة تاريخها يثبت إنها منقطعة السند عمن نسبت إليهم.
[موازنة قس بين أحاديث الرسول وكتبهم من حيث الرواية:]
٦٠- ولقد جرؤ قس اسمه إبراهيم سعيد في شرحه لإنجيل لوقا، فعقد موازنة بين روايته، ورواية أحاديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال: "إن الذي يطالع ديباجة بشارة لوقا يستعيد إلى ذاكرته ديباجة الأحاديث في الإسلام، غير إنه إذا تشابهت الديباجتان في بعض الأوجه، فإن أوجه الخلاف تفوق بكثير أوجه الشبه، فمن أوجه الشبه:
(أ) أن بشارة لوقا والأحاديث كلاهما ترجمة حياة، وأقوال مؤسس لدين واسع الانتشار.
(ب) إن الذين كتبوها أخذوها من أقوال مسلمة إليهم.
إلى هنا فقط تنتهي أوجه الشبه، أو تبتدئ زاوية الانفراج تتسع إلى أن تختفي خطوطها مع رسوم الأبد.
(أ) فالأحاديث النبوية كتبها أناس أخذوها عن أناس آخرين، وهؤلاء الآخرون أخذوها عن التابعين، وهؤلاء أخذوها عن الصحابة، والتبر متى تنقل بين الأيدي الكثيرة أمتزج بكثير من التراب، أن لم يتحول تراباً، ولكن لوقا أخذها عن شهود عيان ممن رأوا المسيح، وخدموا إنجيله.
(ب) نقلت الأحاديث النبوية عن رواة، وما إنه الأخبار إلا رواتها لكن سيرة المسيح سجلها مؤرخون محققون للأمور المتيقنة عندهم.