١٩- هذا هو المسيح كما جاء في كتبهم وتعاليمهم، ولا نريد أن نخوض في بيان خلافاتهم حوله، ولا بيان اختلافهم في تفسير هذه العقيدة، ولا في تفصيل مجملها قبل أن نبين ما نزل بالمسيحيين بعد المسيح، ولكنا سارعنا إلى بيان اعتقادهم الذي استقروا عليه في السميح ليوازن القارئ بين ما جاء في القرآن الكريم، وما جاء في أناجيلهم وتعاليمهم.
ونعود بعد ذلك إلى ما يوجبه البحث العلمي، وهو تتبع العقيدة في نموها، وفي استقامتها أو انحرافها بعد صاحبها، وتمهيداًً لذلك نبين ما نزل بالمسيحيين بعده، لكي يستبين القارئ مقدار السند بين الديانة. وصاحبها مع هذه الأحداث، وليعرف الفلسفة التي عاصرت المسيحية ومقدار اتصالهما
اتفقت المصادر شرقية وغربية، دينية وغير دينية: على أن المسيحيين نزل بهم بعد المسيح بلايا وكوارث، جعلتهم يستخفون بديانتهم، ويفرون بها أحياناً ويصمدون للمضطهدين مستشهدين أحياناً أخرى، وهم في كلتا الحالين لا شوكة لهم، ولا قوة تحميهم، وتحمي ديانتهم وكتبهم، وإنه في وسط هذه الاضطهادات يذكرون إنه دونت أناجيلهم الأربعة التي يؤمنون بها، ودونت رسائلهم!!
وأول اضطهد نزل بالمسيحيين كان في عهد المسيح، وانتهى بالخاتمة التي بيناها، ولقد نزلت من بعده الشدائد بالمسيحيين بما يتفق مع هذا الابتداء. فلقد جاء قيصران بعد طيباروس الذي عاصر المسيح، كانا شديدين على تلاميذه، وقتلا منهم قتلا ذريعاً، وفي زمن ثانيهما دون متى إنجيله بالعبرية، وترجمه يوحنا صاحب الإنجيل إلى اليونانية، على رواية ابن البطريق كما سنتبين، ولم يكن الاضطهاد في عهد هذين القيصرين من الرومان فقط، بل كان من اليهود أيضاً، وإذا هم أمكن: وتنقيبهم عن