ولما عادوا إلى فلسطين أقاموا في الناصرة. ولما بلغ يسوع الثلاثين من عمره عمد في نهر الأردن، عمده يوحنا المعمدان، ثم صام أربعين يوماً، ولما شرع في التبشير ظهر له الشيطان يجربه. وقال له: أعطيك هذه الدنيا إن خررت وسجدت لي: فأجابه يسوع وقال: أذهب يا شيطان. ثم تركه إبليس. وإذا ملائكة قد جاءت وصارت تخدمه، وبعد هذه التجربة صار في طريق التبشير. فلازمه حواريوه الاثنا عشر، واختار معهم سبعين أرسلهم مثنى مثنى إلى قرى اليهود والجليل للتبشير. ثم أقام ثلاث سنوات يبشر، ويأتي بالمعجزات المثبتة لألوهيته في زعمهم، يشفى المريض ويفتح أعين العميان، ويخرج الأرواح النجسة ... وينهر الرياح إذا ثارت، والبحر إذا اصطخب بالأذى، وقذف بالزبد، فيهدآن.
ولما رأى اليهود أن الأمر يكاد يفلت من أيديهم تشاوروا لكي يصطادوه، وتآمروا عليه، وشكوه ظلماً، وكذبوا عليه، ثم أمسكوا به وأسلموه إلى بيلاطس حاكم فلسطين من قبل الرومان. فقضى عليه بالموت صلباً، فصلب في زعمهم ودفن. وبعد أن مكث في القبر ثلاثة أيام قام في الفصح، ومكث أربعين يوماً أرتفع بعدها إلى السماء أمام تلاميذه الذين عينهم لنشر ديانته، إذ قال لهم:"أذهبوا إلى العالم، وكرزوا بالإنجيل للخليقة كلها، وعمدوهم باسم الأب والابن وروح القدس".