منعاً بأنا جازماً من أن يقرأ غيره، ويسد عليها منافذ النور للاهتداء إلى ما يخالفه، ولعل المجمع مخطئ في ذلك التحريم، وآثم في ذلك التحريف، بل إن المجامع العامة من بعد قد خطأته، فأعادت إلى حظيرة التقديس كتباً حرمها، وأخرجت من البلى كتباً حرفها" قد حرم كتباً من العهد القديم، ولم يعترف بها فاعترفت بها المجامع المسيحية من بعده، وحرم من كتب النصارى المعتبرة الآن: رسالة بولس إلى العبرانيين، والرسالة الثانية لبطرس، والرسالة الثانية والثالثة ليوحنا، ورسالة يعقوب، ورسالة يهوذا، ومشاهدات يوحنا، ولكن المجامع من بعد أقرتها، وأجمعت عليها.
إذن لم يكن المجمع مصيباً من كل الوجوه، وإن أخطأ في معرفة الصحيح من الكتب، فآراؤه الأخرى أكثر عرضة للخطأ وأكثر استهدافاً للنقد، لعل أشدها صلة بالباطل، وأقربها به رحماً، وأدناه إليه هو ما يتعلق بالعقيدة.
قسطنطين يتدخل ذلك التدخل وهو لم ينتصر:
(د) بقى أمر نشير إليه إشارة خفيفة، وهو مقام قسطنطين في المسيحية عند انعقاد ذلك المجمع، أكان مسيحياً عاما بالمسيحية في ذلك الإبان، حتى ساغ له أن يحكم لبعض المجتمعين، وإن لم يكونوا الكثرة على أي اعتبار كانت الكثرة، أكثرة مطلقة أو كثرة نسبية؟.
يقول المؤرخ أبوسيبوس الذي تقدس كلامه الكنيسة، وتسميه سلطان المؤرخين: "أن قسطنطين عمد حين كان أسير الفراش، وأن الذي عمده هو ذلك المؤرخ نفسه، وقد كان له صديقاً".
والتعميد إعلان دخول المسيحية، إذن فقسطنطين ما كان مسيحياً في أبان انعقاد ذلك المجمع، وما كان من حقه أن يحكم بفلج هؤلاء، ويسوغ لنا أن نقول إنه كان له في هذا أرب خاص، وهو تقريبها من وثنيته، أو على الأقل عندما رجح رأي فريق على فريق كان يرجح ما هو أقرب إلى وثنيته، وأدنى إلى ما يعرفه من عقيدة، فلم تكن الحجة القوية في جانب ترجيحه على هذا الاعتبار، أو كان متهماً في ترجيحه بناء على الاعتبار الأول، وسواء أكان هذا أم ذاك، فهو قد رجح ما هو أقرب إلى الوثنية لوثنيته.