فهذا المجمع يرى أن المسيح له طبيعتان أحداهما إنسانية يشارك فيها الناس والأخرى لاهوتية، وأقنوم الابن مكون من الطبيعتين، وهو بذلك يخالف النسطوريين. لأنهم يقولون: أن أقنوم الابن لم يكن من العنصرين، بل من العنصر الإنساني وحده، ويخالف قرار أفسس الثاني الذي يقول أن المسيح طبيعة واحدة تجسد فيها العنصر اللاهوتي من الروح القدس، ومن مريم العذراء مصيرا هذا الجسد معه واحداً وحدة ذاتية جوهرية منزهة عن الاختلاط والاستحالة، بريئة من الانفصال، وبهذا الإتحاد صار الابن المتجسد طبيعة واحدة من طبيعتين، ومشيئة واحدة، وقد بدت آثار ذلك المجمع سريعة واضحة.
فإن المصريين عندما بلغهم ما نزل برئيس كنيستهم غضبوا، وأجمعوا أمرهم على عدم الاعتراف بقرارات ذلك المجمع.
عدم اعتراف المصريين بقرار المجمع:
وتقول مؤلفة كتاب تاريخ الأمة القبطية:"ولما طرق مسامع المصريين ما لحق ببطريركهم من الحرمان والعزل هاجوا وغضبوا، واتفقوا على عدم الاعتراف بقرار المجمع الذي أصدر هذا الحكم، وأعلنوا رضاهم ببقاء بطريركهم رئيساً عليهم، ولو إنه محروم مشجوب، وأن إيمانه ومعتقده هو عين إيمانهم ومعتقدهم، ولو خالفه فيهما جميع أباطرة القسطنطينية، وبطاركة رومية، ولقد أعتبر المصريون أن الحكم الذي صدر ضد بطريركهم ماس بحريتهم الوطنية، مجحف بحقوقهم السياسية، ولو إنه حكم ديني صرف".
ولقد أشتد النزاع بسبب هذا بين المصريين والرومان فثار المصريون وغضبوا عندما رأوا بطريركا يعين على غير مذهبهم، وعلى غير رغبتهم، واستمروا على غضبهم، فصاروا ينتقضون الحين بعد الحين، كلما لاحت لهم الفرصة، وديسقورس لم يمنعه النفي من أن يدعو المسيحيين إلى اعتقاده في منفاه.
ويقول ابن البطريق:"لما نفي سار إلى فلسطين، وبيت المقدس، فأفسد دين كل من بفلسطين وبيت المقدس، حتى قالوا بمقالته".