وقد اعتقدت الكنيسة أيضاً اعتقاداً ثابتاً بأنه بتقديس الخبز والخمر يستحيل كامل جوهر جسد ربنا. وكامل جوهر الخمر إلى جوهر دمه تعالى، وهذا التعبير قد دعى بكل صواب. فيلتزم إذن جميع المؤمنين بأن يعدوا هذا السر المقدس العبادة المستوجبة للإله الحقيقي. لأننا نعتقد بأنه يوجد فيه الله نفسه الذي عبدته الملائكة على أمره تعالى. حينما أتى على العالم، وهو نفسه الذي سجدت له المجوس خارين على أقدامه، وله نفسه سجدت الرسل في الجليل".
هذه عقيدة الكنيسة في العشاء الرباني، لم يستسفها لوثر وأشياعه، وخلفاؤه من بعده، وانتهى أمرهم إلى أن رفضوا ذلك التحول الذي تفرضه الكنيسة، وتلتزم به، وإن كان بعيداً عن المعروف المألوف، وبعد أن رفضوا ذلك قر قرارهم الأخير على اعتبار العشاء الرباني تذكاراً بالغذاء وتذكاراً للمجيء وفي ذلك عظة واستبصار.
إنكار الرهبنة:
(و) أنكر أولئك المصلحون لزوم الرهبة التي يأخذ رجال الدين أنفسهم بها ويعتبرونها شريعة لازمة. يفقد رجل الدين صفته الكهنوتية أن تخلى عنها، ولقد رأوا ما أدى إليه ذلك الحظر من كبت للجسد الإنساني، وتعذيب له من غير ضرورة، ولا نص من الكتب قديمها وجديدها يفيد ذلك، بل قد رأوا ما إليه ذلك الكبت من انفجار غريزة الإنسان في رجل الدين فانطلق يكرع اللذة من شقتها الحرام بعد أن حرم على نفسه الحلال، وطفق يغترف من ورد معتكر بالآثام، مرنق بالمفاسد، وترك المنهل العذب الذي حللته الشرائع، ويتفق مع ناموس الاجتماع الإنساني.
عدم اتخاذ الصور والتماثيل:
(ز) منع البروتستنت اتخاذ الصور والتماثيل في الكنائس والسجود لها، معتقدين أن ذلك قد نهي عنه في التوراة، فقد جاء في سفر التثنية: "لا تصنع لك تمثالاً منحوتاً، ولا صورة مما في السماء من فوق، وما في الأرض من أسفل، وما في الماء من تحت الأرض، لا تسجد لهن ولا تعبدهن لأني أنا الرب إلهك غيور أفتقد ذنوب الآباء في الأبناء في الجيل الثالث والرابع من مبغضي، وأصنع إحساناً إلى ألوف من محبي، وحافظي وصاياي".