للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهذا المجمع كان في سنة ٣٢٥ بعد الميلاد، والمسيحيون قبله كانوا على اختلاف كبير جداً، ويكفي للدلالة على هذا الاختلاف أن الذين حضروا المجمع نيف وأربعون بعد الألفين، وهم على آراء مختلفة، ولم يجمع أعضاء هذا المجمع على نحلة واحدة، أما عقيدتهم في الابن وقولهم إنه تولد عن المنشئ من غير زمن بينهما كما يقول الفلاسفة، وإنه من جوهر أبيه، كما يقولون لم تسد إلا بعد ذلك المجمع، وسيأتي لذلك فضل بيان إن شاء الله تعالى، وعلى ذلك يكون تثليث المسيحية كحقيقة مقررة متأخرا عن أفلوطين لأن أفلوطين توفى سنة ٢٧٠ بعد الميلاد كما علمت، والتثليث


= ومن السهل إدراك الغرض منها: الاحتفاظ لله بالكمال المطلق والبراءة من التغير، جعله يضع بينه وبين العالم وسيطين يعتبران دونه خارجين عنه، وعلى نحو ما داخلين فيه، أي تتضمنهما ذاته - صادرين عنه، دون في الكمال، ويجعلانه ممكناً أن يصدر عن الله العالم الكبير المتغير، أو هذين الوسيطين العقل، وثانيهما الروح الإلهية - ص ٧٣ - ٧٤.
٥- وهكذا كان التزاوج بين العقيدة اليهودية والفلسفة الإغريقية لم ينتج فلسفة فقط، بل أنتج معها ديناً أيضاًَ، أعني المسيحية التي تشربت كثيراً من الآراء والأفكار الفلسفية عن اليونان. ذلك أن اللاهوت المسيحي مقتبس من نفس المعين الذي كانت فيه الأفلاطونية الحديثة (بريد فلسفة أفلاطون التي كانت المعين الأصلي للفلسفة الأفلاطونية الحديثة) ولذا نجد بينهما (أي اللاهوت المسحي والأفلاطونية الحديثة) . مشابهات كبيرة، وإن افترقا أحياناً في بعض التفاصيل، فإنهما يرتكزان على عقيدة التثليث، والثلاثة الأقانيم واحدة فيهما - ص ٩٣.
٦- أول هذه الأقانيم هو مصدر كل كمال، والذي يحوي في وحدته كل الكمالات، وهو الذي دعاه المسيحيون الأب. والثاني أو الابن هو الكلمة. والثالث هو دائماً الروح القدس - ص ٩٢ - ٩٤.
وعلى إنه يجب أن يلاحظ (وهذا بعض ما يفرق اللاهوت المسحي عن الأفلاطونية الحديثة) أن الأقانيم الثلاثة ليست في نظر هذا المذهب متساوية في الجوهر والرتبة. بينما هي متساوية عند المسيحية. فالابن الذي يتولد من الأب لا يمكن أن يكون أدنى منه كمالاً. وإلا صار من طبيعة الكامل أن يصدر اضطراب منه غير الكامل. وهذا حط من رتبته. وكذلك الروح القدس مساو للأب والابن - ص ٤٩.
كل هذه النقول من كتاب: "مقدمة (أو المدخل لدراسة) الفلسفة الإسلامية" تأليف المستشرق المعروف ليون جوتيه طبع باريس عام ١٩٢٣.

<<  <   >  >>