إنجيل يخالف بعضه هذه الأناجيل، ولأصحاب مانى إنجيل يخالف هذه الأربعة، وهو الصحيح في زعمهم، وهناك إنجيل يقال له إنجيل السبعين ينسب إلى تلامس، والنصارى ينكرونه، وهناك إنجيل أشتهر باسم التذكرة، وإنجيل سرن تهس، ولقد كثرت الأناجيل كثرة عظيمة، وأجمع على ذلك مؤرخو النصرانية، ثم أرادت الكنيسة في آخر القرن الثاني الميلادي، أو أوائل القرن الرابع أن تحافظ على الأناجيل الصادقة - في اعتقادها - فاحتارت هذه الأناجيل الأربعة من الأناجيل الرائجة إبان ذلك.
ولقد يذكر بعض المؤرخين إنه لم توجد عبارة تشير إلى وجود أناجيل متى ومرقي ولوقا ويوحنا قبل آخر القرن الثالث. وأول من ذكر هذه الأناجيل الأربعة أرينيوس في سنة ٢٠٩. ثم جاء من بعده كليمنس اسكندريانوس في سنة ٢١٦، وأظهر أن هذه الأناجيل الأربعة واجبة التسليم، ولم تكتف الكنيسة باختيار هذه الأناجيل الأربعة، بل أرادت الناس على قبولها لاعتقادها صحتها، ورفض غيرها، وتم لها ما أرادت فصارت هذه الأناجيل هي المعتبرة دون سواها.
ولقد كنا نود ونحن ندرس المسيحية وأدوارها في التاريخ أن نعرف هذه الأناجيل التي أهملت، وما كانت تشتمل عليه. مما كان سبباً في رفضها، وحمل الناس على تركها، وخصوصاً أنها كانت رائجة. ويأخذ بها طوائف من المسيحيين ويتدينون هذه الديانة على مقتضاها، فإن الإطلاع عليها يمكننا من معرفة اعتقاد الناس في المسيح، وكيف كان، خصوصا بين أولئك الذين قاربوا عصره، وأدركوا زمانه، ولقوا تلاميذه، ونهلوا من مناهلهم، وإذ ضن التاريخ بحفظ نسخ منها، فقد كنا نود أن تطلعنا الكنيسة على ما اشتملت عليه مما يخالفها، وما كان من سبب رفضها، وترينا حجة الرفض، لتكون دليلاً مغيراً لها على إنها بهذا أقامت ديانة المسيح ولم تغيرها، ولكن ضن التاريخ علينا، فطوى تلك الأناجيل، وضنت الكنيسة فطوت تلك البيانات، فلم يبق لنا إلا أن نكتفي من الدراسة مما بين أيدينا، لعل فيه غناء إن أنعمنا النظر وأمعنا في الاستنباط وجعلنا لقضية العقل سلطاناً، ومن بدهياته برهاناً.