فلما نظر الفريسيون قالوا لتلاميذه: لماذا يأكل معلمكم مع العشارين والخطاة؟ فلما سمع يسوع قال لهم: لا يحتاج الأصحاء إلى طبيب، بل المرضى، فاذهبوا وتعلموا ما هو، إني أريد رحمة لا ذبيحة، لأني لم آت لأدعو أبراراً، بل خطاة إلى التوبة".
ولما صعد المسيح إلى ربه جال متى للتبشير بالمسيحية في بلاد كثيرة. ومات في سنة ٧٠ ببلاد الحبشة على أثر ضرب مبرح أنوله به أحد أعوان ملك الحبشة. وفي رواية أخرى إنه طعن برمح في سنة ٦٢ بالحبشة بعد أن قضى بها نحو ثلاث وعشرين سنة داعياً للمسيحية مبشراً بها، فموطن دعايته كما يروي مؤرخو المسيحية هو الحبشة.
إنجيل متى كتب بالعبرية ولن يعرف إلا باليونانية وجهل المترجم:
٢٨- وقد اتفق جمهورهم على إنه كتب إنجيله بالعبرية أو السريانية، كما اتفقوا على أن أقدم نسخة عرفت شائعة رائجة كانت باليونانية، ولكن موضع الخلاف في تاريخ تدوينه، ومن الذي ترجمه إلى اليونانية، فمن المتفق عليه منذ أكثرهم أن متى كتب إنجيله بالعبرانية، وذلك لأنه كتبه لليهود ببشر بالمسيحية بينهم، وليقرأه مؤمنوهم بها، قال جيروم: "أن متى كتب الإنجيل باللسان العبري في أرض يهودية للمؤمنين من اليهود" وقال غيره " أن متى كتب الإنجيل باللسان العبري. وهو الذي أنفرد باستعمال هذا في تحرير العهد الجديد".
وإذا انتقلنا إلى تاريخ تدوين هذا الإنجيل وترجمته نرى ميدان الخلاف فسيحاً، فنجد ابن البطريق يذكر إنه دون في عهد قلوذيوس قيصر الرومان من غير أن يعين السنة التي كتب فيها.
ويذكر أن الذي ترجمه يوحنا، فيقول في ذلك: "في عصر قلوديوس كتب متاوس (متى) إنجيله بالعبرانية في بيت المقدس. وفسره من العبرانية إلى اليونانية يوحنا صاحب الإنجيل".
وهنا نجده لم يعين السنة التي كتب فيها الإنجيل، بل عين الملك الذي كتب في عهده، وهذا الملك لم يكن هو الذي عاصر المسيح، ولا الذي يليه. بل الذي عاصر المسيح وصلب - على زعمهم - في عهده طيباريوس،