نجد في هذه الأناجيل عبارات تذكر كلمة إنجيل أو بشارة (وهي ترجمة لكلمة إنجيل باليونانية) مضافة أحياناً إلى المسيح على إنه ابن الله، وأحياناً إلى الله، وأحياناً إلى ملكوت الله، فنرى مثلاً في إنجيل متى في الإصحاح الرابع منه ما نصه:"وكان يسوع يطوف كل الجليل يعلم في مجامعهم، ويكرز ببشارة الملكوت، ويشفى كل مرض، وكل ضعف في الشعب"، وبشارة الملكوت هي ترجمة كلمة إنجيل باليونانية، ونرى في إنجيل مرقس في الإصحاح الأول منه:"وبعد ما أسلم يوحنا جاء يسوع إلى الجليل يكرز ببشارة ملكوت الله، ويقول: قد كمل الزمان، واقترب ملكوت الله. فتوبوا وآمنوا بالإنجيل"
وجاء في رسالة بولس إلى أهل رومية في الإصحاح الأول منها:"أولاً أشكر إلهي يسوع المسيح من جهة جميعكم، إن إيمانكم ينادي به في كل العالم، فإن الله الذي أعبده بروجي في إنجيل ابنه شاهد لي كيف بلا انقطاع أذكركم ... " ويجيء في رسالته الأولى إلى أهل كورنئوس في إصحاحها التاسع: "بصرت الضعفاء كضعيف لأربح الضعفاء، صرت للكل كل شيء لأخلص على كل حال قوماً، وهذا أنا أفعله لأجل الإنجيل، لأكون شريكاً فيه" ففي هذا كله نجد كلمة إنجيل أو كلمة بشارة (وهي ترجمة كلمة إنجيل باليونانية) مضافة إلى ملكوت الله، كما في إنجيل متى ومرقس، وإنجيل الابن كما في رسالة بولس إلى أهل رومية، وكلمة الإنجيل من غير إضافة كما في إنجيل مرقس، ورسالة بولس إلى أهل كورنئوس الأولى، ولا شك أن الإنجيل المذكور في كل هذا ليس واحداً من هذه الأناجيل لأنها لا تضاف إلا إلى أصحابها باتفاق النصارى، ولأن المسيح قد وعظ بهذا الإنجيل، كما جاء في عبارة متى التي نقلناها، ولم يكن واحداً من هذه الأناجيل قد وجد في عهده بالاتفاق، وليس من المعقول أن يعظ بأقواله تلاميذه، وهم بعد لا يزالون في دور التعلم، ولأن هذا الإنجيل قد ذكر في هذه الأناجيل على إنه كان قائماً في عهد عيسى، ولأنه ذكر من غير نسبة كما في إنجيل مرقس ورسالة بولس الأولى إلى أهل كورنئوس، وليس واحد من هذه الأربعة تنصرف إليه كلمة إنجيل من غير نسبته إلى صاحبه، ولأنه ذكر في رسالة بولس إلى أهل رومية منسوباً إلى المسيح الابن، وليس واحد من هذه الأناجيل يستحق هذا الاسم. لهذا كله نقول: ليس هذا الإنجيل واحداً منها كما تقضى بذلك طبيعة السياق، وكما يقضى بذلك